عندها بدأت الولايات المتحدة بالتصرف بعنجهية تجاه روسيا، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وإرغام دول الاتحاد الأوروبي على سلك نفس الطريق تجاه روسيا.
طبعا روسيا الاتحادية لم تأبه لكل هذه العقوبات، وقد ردت عليها بعقوبات مماثلة، فالخاسر الأكبر هي دول الاتحاد الأوروبي التي انجرت خلف السياسة الأمريكية كالقطيع.
فروسيا الاتحادية لا تقبل بأحادية القطب على الكرة الأرضية، وهي دولة عظمى، ولديها حلفاؤها وتملك القوة الكافية الوافية للرد على أي عقوبات أو انتهاكات لأمنها القومي أو مصالحها الاستراتيجية.
ولكن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تضرب بعرض الحائط وتنتهك كل المواثيق والقوانين الدولية التي تحدد العلاقات بين الدول وحل النزاعات التي تحصل بين هذه الدولة أو تلك، والأكثر من ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية قسمت الإرهاب نوعين، إرهاب شرير وهو الإرهاب الذي لا يتناسب ولايتماهى مع سياستها، وإرهاب خير هو الإرهاب الذي يصب في مصلحتها حين تريد التدخل في هذه المنطقة أو تلك الدولة، وبواسطته تحاول الإطاحة بأنظمة لا تخضع لها أو انتهى دورها، كما حدث في مصر وليبيا وأوكرانيا ويوغسلافيا سابقا، وفي اليمن، وطبعا في
سوريا. هذا ما رفضته وترفضه روسيا جملة وتفصيلا، على لسان رئيسها فلاديمير بوتين أو في تصريحات وزير خارجيتها سيرغي لافروف والدبلوماسيين الروس.
فروسيا تعتبر أن حل أي قضية دولية يكون من خلال مجلس الأمن وما تنص عليه قوانين الأمم المتحدة، وأن الإرهاب هو واحد أينما كان ولا يوجد إرهاب خير وآخر شرير.
طبعا روسيا دائما تدعو لإيجاد لغة مشتركة حول القضايا الدولية مع الولايات المتحدة الأمريكية، مع احترام سيادة الدول في حل أي مشكلة إن كانت سياسية أو عسكرية.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية ربما لم تستوعب الرسائل التي أرسلتها روسيا لها خلال السنوات الأربع الماضية وحتى يومنا هذه.
الرسالة الثانية: بغض النظر عن تأخير تنفيذ صفقة منظومة صواريخ "إس 300" إلى إيران، ولكن روسيا وإيران اتفقتا على الصفقة رغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية لها. ونرى هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أمام أمر واقع فرضته روسيا بشأن هذه الصفقة، إذ صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال لقائه وزير الخارجية الروسي في سوتشي 12 أيار/مايو 2015، أن صفقة
"إس 300" إلى إيران لا تشكل انتهاكا للقوانين الدولية. طبعا جون كيري صرح بذلك مرغما، فلا مفر من توريد "إس 300" إلى إيران، لأن الجانب الروسي اتخذ القرار ولا عودة عنه.
الرسالة الرابعة: وهي هزيمة الجيش الأوكراني بقيادة الانقلابيين النازيين الجدد في كييف والمدعومين من قبل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على يد جيش الدفاع الشعبي في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من طرف واحد. طبعا هنا روسيا لم تتخل عن سكان هاتين الجمهوريتين الناطقتين بالروسية، بل دعمتهم وقدمت لهم كل المساعدات اللازمة، واستقبلت على أراضيها ما يقارب مليوني نازح من نار الإرهاب النازي واليمين المتطرف الذي يمسك بزمام السلطة في كييف. لم تتوقع الولايات المتحدة الأمريكية هذا الانهيار للجيش الأوكراني الذي تدعمه بالمال والسلاح أمام قوات شعبية من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك،
وفي نهاية المطاف أصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها أمام واقع جديد في جنوب شرق أوكرانيا، فإما أن تنفذ كييف اتفاقات مينسك أو سيتم الإعلان النهائي عن انفصال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.
الذي شاركت فيه وحدة من الجيش الصيني. ولا بد من التذكير أن الرئيس الصيني هو أول الضيوف الذين وصلوا إلى موسكو، ووقع مع الرئيس الروسي 40 اتفاقية في شتى المجالات قبل الاحتفال بعيد النصر بيوم واحد، وكان مرافقا للرئيس بوتين كصديق وشريك طيلة الاحتفال. طبعا هذه الرسالة الأهم التي ربما ستجبر الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تغيير سلوكهم في التعامل مع تحالف "الدب" الروسي و"التنين" الصيني، ويحسبون لهما ألف حساب في المستقبل.
رسائل أرسلتها روسيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب من البحر المتوسط، وتحديدا من المياه الإقليمية السورية، حيث ترسو السفن الحربية الروسية بهيبتها وقوتها وجبروتها، رسائل من مجلس الأمن، ومن القرم، ومن جنوب شرق أوكرانيا، وأخيرا من الساحة الحمراء التي أذهلت العالم بعرضها العسكري الأضخم والأقوى في تاريخ روسيا.
فهل وصلت الرسائل الروسية إلى البيت الأبيض في واشنطن؟
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)