وفي الثلاثينات من القرن الماضي قام المهندس السوفيتي الكسندر تريبيليف بتصميم مركبة تعمل تحت الأرض، حتى أن المخترع كان مهتماً بشكل كبير وأطلق على مركبته اسم "سوبتيرينا" وتعني باللاتينية قارب تحت الأرض. في البداية قام كل من تريبيليف ومساعديه المصممين باسكين وكيريلوف بدراسة كيفية تحرك حيوان الخلد تحت الأرض، وقاموا بوضعه في صندوق كبير مليء بالتربة بحيث يمكن رؤية ما يجري في داخله عبر جهاز الأشعة السينية. تبين أن الخلد يخترق الأنفاق تحت الأرض عبر تحريك أرجله الأمامية ورأسه بشكل دائري، وبفضل أرجله الخلفية يدفع بنفسه ويتحرك إلى الأمام. في حين أن الخلد يقوم بإزاحة التربة إلى جدران الحفرة والنتيجة يتم إنشاء ممر تحت الأرض مدعومة بأقواس مستديرة.
بهذا الشكل يكون هذا الحيوان قد قدم للمصمم تريبيليف مخطط مبدأ عمل المركبة تحت الأرض، حيث قام المخترع بتثبيت حفارة قوية في مقدمة المركبة، وفي منتصفها قام بتثبيت جهاز لإزاحة التربة ووضعها على جدران الممر، وفي الخلف قام بتثبيت أربع محركات دفع قوية للتحرك بالآلة إلى الأمام.
وفي عام 1933 وقبل مجيء هتلر إلى السلطة بقليل اخترع المهندس هورنر فون فيرن مركبة قتالية تعمل تحت الأرض، مع العلم أنها كانت قادرة على التحرك بسرعة 7 كم في الساعة بإدارة طاقم يتألف من خمسة أشخاص علماً أن المركبة قادرة على حمل ما وزنه 300 كغ. ولكن لم يثر هذا المشروع أي اهتمام لدى أحد، ولذلك تم إرساله إلى الأرشيف. ولكن في عام 1940 عاد المشروع ليظهر من جديد عندما خطط هتلر غزو بريطانيا وذلك للتسلل إلى الجزيرة لتنظيم عملية تخريب في العمق. لكن قيادة القوات الجوية الألمانية أقنعت هتلر بعدم جدوى المشروع والعدول عنه ووعدوه بشل بريطانيا وإبعادها عن الحرب عن طريق توجيه ضربات جوية موجعة، وبهذا أصبح مشروع فون مرة أخرى في غياهب النسيان.
وبعد الحرب العالمية الثانية وقعت جميع المخططات الألمانية لهذه المركبة في يد الخبراء في الاتحاد السوفيتي، وقبعت هذه الوثائق في محفوظات سرية جنباً إلى جنب مع تصاميم العالم تريبيليف. ولكن في بداية الستينات من القرن الماضي عندما توترت العلاقات السوفيتية الأمريكية إلى حد كبير بدأ العلماء الحديث مرة أخرى عن المركبات تحت الأرض. حيث أعجب الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف بفكرة التوصل إلى الإمبرياليين ولو من تحت الأرض. وفي عام 1962 تم بناء مصنع سري للغاية في شبه جزيرة القرم وذلك لصناعة هذا النوع من المركبات.
وبعد عام 1964 لم يسمع أحد عن مشاريع حربية جديدة تتعلق بهذه المركبة، لكن في الوقت نفسه من غير المرجح أن يكون هذا المشروع قد أصبح طي النسيان. ربما يتم حالياً اختبار هذا النوع من المركبات في منشأة سرية، وربما هذه المركبة تسير حالياً وتتحرك كما يتحرك الخلد تحت الأرض بصمت تحت أقدامنا.