ويستقبل بابا الفاتيكان، شيخ الأزهر، أحمد الطيب، اليوم الاثنين، بعد شهور من لقاء كيريل بطريرك موسكو وعموم روسيا، في فبراير/شباط من العام الجاري ـ ومن قبل الرئيس فلاديمير بوتين في مايو/أيار 2015. لقاءات لا يمكن إلا أن توصف بـ "التاريخية"، فهي تفتح باب الحوار المغلق وتؤسس للمحبة والسلام والتعاون الذي دعت إليه كافة الأديان وقامت على أسسه الحضارة الإنسانية.
تحمل زيارة شيخ الأزهر إلى الفاتيكان، رسالة تسامح تطوي صفحة من التوترات التي شهدتها العلاقات بين الجانبين خلال المرحلة السابقة، على خلفية الخطاب المثير للجدل للبابا السابق في ألمانيا عام 2006، والذي أثار غضب دول إسلامية عديدة، إعلان الأزهر قطع العلاقات نتيجة موقف البابا السابق من الاعتداءات التي طالت كنيسة قبطية في الإسكندرية عام 2011.
وكيل الأزهر، عباس شومان، أشار إلى المواقف الجيّدة للبابا فرنسيس تجاه المسلمين، والتي ساهمت في عقد هذا اللقاء بعد عشر سنوات من القطيعة، وأن اللقاء رسالة مزدوجة للدول الغربية وللمسلمين في هذه الدول، وهي تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تسعى إلى نشرها الجماعات الإرهابية المتطرفة. ومن جانبه أعلن المتحدث باسم الفاتيكان، أن اللقاء يأتي بعد عقد من العلاقات المتوترة بين المؤسستين.
يواجه المجتمع الدولي الإرهاب والتطرف، وأن التعايش السلمي الذي جمع المسلمين والمسحيين في منطقة الشرق الأوسط بات هدفا لقوى التطرف التي تسعى إلى إفشال الحوار بين الديانات والثقافات المختلفة، على أساس من الاحترام المتبادل، ووضع حد للعداوة والخلافات، وإحلال السلام والمحبة والمصالحة والصداقة والتعاون، في مواجهة كافة التحديات التي من بينها نشر الفوضى والتطرف وكراهية الآخر.
البابا فرنسيس قال، في حديث سابق "في الجوهر التعايش بين المسيحيين والمسلمين ممكن. انحدر من بلد يتعايشون فيه بشكل جيد"، وأكد أن المسيح في الإنجيل يدعو أيضا تلاميذه إلى نشر رسالته في العالم"، وهو يعتبر أنه "يمكن للأقباط والكاثوليك أن يشهدوا معا للقيم المهمة كالقداسة وكرامة الحياة البشرية وقداسة الزواج وحياة العائلة واحترام الخليقة التي أوكلها الله إلينا".
شيخ الأزهر يؤكد أنه "لا بديل عن الحوار والتفاهم بين كل الهيئات والمؤسسات الدينية في العالم وخاصة المؤسسات الإسلامية والمسيحية، وأن الأزهر متمسك بحوار الأديان ويعتبره وسيلة للتعارف والتفاهم والتلاقي بين الشرق والغرب، فحين يسود التعارف يفهم كل طرف الآخر على حقيقته وتختفي الكثير من نقاط الصراع، فالأزهر لا يؤمن بنظرية صراع الحضارات، وإنما يؤمن بنظرية تكامل الحضارات. ومن هذا المنطلق سيكون تحرك الأزهر خارجيا في إطار التكامل واحترام الثقافات لبعضها البعض وعدم التدخل في خصوصيات الشعوب والهوية الثقافية بشكل عام".
ومن أجل نشر ثقافة الحوار والسلام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات، لا بد أن يدرك المجتمع الدولي أن الله مصدر كل رحمة وبر ونعمة وخير، وبالحوار وحده يمكن إحلال السلام ومواجهة العنف والتطرف الذي لا دين له ولا وطن.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)