ولم يعد يخفى على أحد أن سياسة واشطن الخارجية في التدخل العسكري لا تعمل.
وكتب المقدّم دانيال دافيس، وهو محلل كبير في مواضيع الأمن والسياسة الخارجية، في مقاله في مجلة "ناشيونال إنترست":
إن عقلية السياسة الخارجية في استخدام القوة العسكرية الفتاكة لحل حالات العنف وعدم الاستقرار فيما وراء البحار باءت بفشل شبه كامل. وفي حين لا توجد استراتيجية تضمن النجاح، فهناك بدائل الحس السليم التي تقدم أملا عقلانيا للنجاح. لقد حان الوقت لنتوقف عن فعل ما نعرفه أنه لا يعمل، ونحاول أن نفعل شيئا له فرصة أن يعمل. وعلى الرغم من أن العديد من القادة المفكرين الأمريكيين ذا سمعة أخبروا الجمهور، عبر سنوات، أن الغرض من عمليات وزارة الدفاع الأمريكية في الخارج هو منع الإرهابيين من التخطيط لهجمات ضد الولايات المتحدة، وهذا التبرير مجرد كلام لا إثبات له. هل هناك شيء خاص حول أراضي أفغانستان والعراق، بحيث يجب على الولايات المتحدة أن تشن الحروب لمنع المتطرفين من العمل هناك؟
ما الذي سيمنع الإرهابيين من العمل في أي مكان آخر؟ إذا كانت القوات الأمريكية قامت بتأمين البلاد ــ وبثمن مكلف جداً ــ على حساب أفغانستان والعراق، فهذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستكون أكثر أماناً.
التطرف العنيف قد انتشر بالفعل كأخطبوط كبير محيطاً بالعالم…
فهل من مخرج؟
وفقا للضابط الأمريكي المتقاعد، هناك خمس خطوات يمكن أن تضع بداية لعملية التحول إلى سياسة فعالة لمكافحة الإرهاب.
الهدف الأول ــ هو أن تكف فوراً عن استخدام القوة العسكرية لقتل الناس التي لا تحبها واشنطن.
ثانياــ أيام الولايات المتحدة المنخرطة في الحروب اللامتناهية يجب أن تنتهي، وعلى واشنطن أن تفتح عينيها نحو حلول أخرى أوسع وأشمل.
ثالثاــ يجب أن تتضاءل مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان بالتدريج إلى أن تصل إلى وجود دبلوماسي وفرقة أمنية محدودة. يجب أن توضح واشنطن لكابول أن الولايات المتحدة "لا يمكنها أن توفر الأمن لأي دولة بشكل دائم."
رابعاًــ تعزيز الأمن الداخلي في الولايات المتحدة. من المهم جداً التركيز على التحسين المستمر لكل من: مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف.بي.آي) ، والدولة، وخدمات تعزيز القانون الخاص بالعمل المحلي.
وخامساًــ حماية حدود الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها.
وشدد الضابط الأمريكي المتقاعد، قائلاً:
هناك العديد من المسائل السارية المفعول وأخرى صعبة تحتاج إلى حل. ولكن أفضل طريقة لمنع وقوع هجمات في المستقبل هي، في المقام الأول، منع الإرهابيين من دخول الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن لدى الضابط دافيس الكثير ممن يشاركونه الرأي.
فمن جهته، قام ستيفن م. والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، بلفت الانتباه إلى حقيقة أن التدخل الأمريكي، بما في ذلك الاجتياحات ــ فيما وراء البحار والمحيطات ــ وعمليات لتغيير النظام، لم تعط أية ثمار.
فيقول أستاذ والت في مقاله بمجلة "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية):
معظم الناس يكرهون اتباع أوامر من المحتلين الأجانب المسلحين تسليحاً جيداً، مشدداً أن على واشنطن بذل المزيد من الجهد لتحسين حياة الأميركيين هنا في الداخل، وأضاف أنها "قد تكون أيضاً أفضل طريقة لتوسيع آفاق الديمقراطية في الخارج.
كذلك أندريو ج. باسيفيتش، أستاذ في العلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن، أيضاً لا يرحب بالحل العسكري الأمريكي. فوفقاً له، "العسكرة المضللة للسياسة الخارجية الأمريكية" تدفع أمريكا إلى حافة الكارثة.
وبدوره، الباحث الأمريكي أ. تريفور ثرول يتحسر على حقيقة أن المؤسسة السياسية الأمريكية بعيدة تماماً عن الواقع.
ربما حان الوقت لاتباع نصيحة دافيس والتعامل مع الواقع الحقيقي؟