ومن هنا نرى أن اليمن كغيره من بلدان العالم فيه الكثير من الإشكالات التي تقوم على أسس مختلفة سياسية قبلية عشائرية وغيرها ، لكن مايميز اليمن والشعب اليمني تاريخياً عن باقي الشعوب وخاصة شعوب المنطقة أن هذا الشعب في لحظة ودون إتفاق مسبق أو عقد مبرم يتخلى عن كل خلافاته الداخلية مهما كان نوعها ويتوحد كالبنيان المرصوص في حال تعرضت أرض وطنه لأي إعتداء داخلي أو خارجي يهدد السلم المجتمعي ، وهذا بالفعل ماشهدناه خلال السنوات الخمس الماضية منذ بدء أزمة مايسمى بالربيع العربي والتي إمتدت الى عدد من الدول العربية بالتتابع ، وكانت حصة اليمن من الدمار والخراب الذي جاء به هذا الربيع كبيرة جداً أعيت الدولة اليمنية وأثقلت كاهل الشعب اليمني وأزهقت أرواح الآف من أبنائه الأبرياء.
اليوم رغم المأساة التي يعيشها الشعب اليمني جراء الحرب الشعواء التي تشن عليه من قبل دول التحالف العربي ، ورغم الإختلال الكبير في توازن القوى في هذ الحرب ، نرى أن الشعب اليمني من خلال أكبر قوتين سياسيتين في البلاد يتخذ زمام المبادرة ويقوم بتشكيل جبهة مواجهة لن يكون اليمن من بعدها كمان كان من قبل ، فقد وصل كل من المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله الى توقيع إتفاق وطني ينبثق عنه مجلس سياسي أعلى لمواجهة الحرب على البلاد وإدارة الأزمة ، وهذه الخطوة تعتبر خطوة جريئة تمحي ماتبقى من خلافات بين الأطراف اليمنية ، وتعطي قوة دفع كبيرة لتوحيد الجهود لمواجة الحرب على البلاد وإدارة الأزمة الناتجة عنها أو على الأقل زادت من حدتها الى درجة تكاد تنهار فيها البلاد ، هذا من جانب ومن جانب آخر أثبت الشعب اليمني ممثلاً بقواه السياسية الوطنية أنه قادر على أن يتخذ الإجراء اللازم على أرضه ومن تلقاء نفسه دون الحاجة الى كل هذه اللقاءات والحوارات الخارجية التي من المفترض أنها تسعى للوصول الى مثل هذ النتائج على صعيد الداخل اليمني ، وهنا نرى أن القوى السياسية اليمنية بدأت بالفعل بالخطوة الأولى لقطع الطريق على كل مشاريع الأحلاف التي تدير الأزمة في البلاد بما يخدم مصالحها دون الإكتراث بحياة الشعب اليمني الذي يقتل كل يوما حرباً وجوعاً وتشرداً ، لكن تبقى هنا مجموعة من الأسئلة التي لابد من الإجابة عنها وفي مقدمتها كيف سيكون رد القوى الدولية والإقليمية حيال هذا التطور الذي لايخدم أصلاً مصالحهم وعلى وجه الخصوص السعودية والولايات المتحدة ؟ وهل بالفعل سيكون هذا الإتفاق النواة التي ستجمع كل القوى السياسية اليمنية عدا التي تخدم أجندة الإسلام السياسي والمصالح الدولية الأخرى ؟ وماهو المطلوب فعلاً في هذه المرحلة لمنع نسف هذا الإتفاق من الأطراف الذي قد تعتبره حجر عثرة في وجه المخططات الإقليمية والدولية المرسومة للسيطرة على اليمن ومقدراته ؟
هذ الأسئلة وغيرها من نطرحها على ضيف حلقة اليوم رئيس المجلس السياسي لحركة أنصار الله صالح الصمّاد
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم