من مسرح الشيخ سلامة حجازي بدأت منيرة تغني بحنجرتها الذهبية التي سحرت الجمهور. وبعد نجاحها المذهل على مسرح سلامة حجازي، انطلقت منيرة وأسست مقهى للغناء خاص بها وأسمته "نزهة النفوس" وكونت فرقة "الممثلة المصرية"، لتتربع بعدها على عرش الأغنية المصرية في العشرينيات بلا منازع.
قدمت منيرة العديد من كبار ملحني عصرها مثل: سيد درويش، والنجريدي، وغيرهم، ومن أشهر أغنياتها: "أسمر ملك روحي"، و"تعالى بالعجل"، و"بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة"، و"يمامة حلوة"، و"ارخي الستارة"، و"على دول ياما على دول، و"الحب دح دح"، و"أشكي لمين الهوى"، و"أنا هويت"، و"أنا عشقت"، و"عليه سلام الله"، و"يا محلا الفسحة يا عيني".
ولدت منيرة في قرية "المهدية" مركز "ههيا" التابع لمحافظة الشرقية في مصر. وتوفى والدها وهي صغيرة وتولت شقيقتها رعايتها. وبدأت المهدية حياتها الفنية كمطربة تحيى الليالى والحفلات في مدينة الزقازيق. وذات يوم شاهدها أحد أصحاب المقاهى الصغيرة في القاهرة، فأعجب بجمال صوتها واستطاع إقناعها بالسفر إلى القاهرة.
كان ذلك في العام 1905 وفى القاهرة، ذاع صيتها ولقبت بسلطانة الطرب. تحول مقهى "نزهة النفوس" الذي أسسته المهدية، إلى ملتقى لرجال الفكر والسياسة والصحافة، بفضل ما كانت تتمتع به من شخصية قوية وقيادية.
وفى صيف 1915 وقفت منيرة المهدية على خشبة المسرح مع فرقة عزيز عيد، لتؤدى دور "حسن" في رواية للشيخ سلامة حجازي، فكانت بذلك أول سيدة مصرية تقف على خشبة المسرح وهذا ما زاد الإقبال على المسرحيات وأصبحت فرقة عزيز عيد تنافس فرقة سلامة حجازي.
ومع نهاية عام 1929 وقعت أزمة مالية عالمية، سببت ركودًا في المجال الفني ولم تتغير الأحوال إلا في منتصف الثلاثينيات، ولكن بمقاييس مختلفة لم تكن تفقهها "السلطانة" وأدركتها أم كلثوم، تلك الفتاة الريفية التي جاءت بتغيير جذري للأغنية المصرية.
ومع تقدم منيرة المهدية في العُمر وتدخينها "الشيشة" أثرا بالسلب على طبيعة صوتها وعلى أدائها الأدوار الموسيقية، لذلك قررت الاعتزال والابتعاد عن الأضواء بإرادتها الحرة بعد أن قدمت للسينما فيلمًا وحيدًا هو «الغندورة» عام 1935، وكان من إخراج المخرج الإيطالي فولبي.
ولكنها عادت مجددًا عام 1948 ونظمت حفلة غنائية، غير أنها لم تلق النجاح ذاته، فابتعدت تلك المرة بشكل نهائي حتى رحلت في 11 مارس عام 1965.
كانت منيرة المهدية تكتب على الأفيشات "الممثلة الأولى" بالرغم من أنها كانت تقوم بدور رجل. وعملت مع أشهر شعراء وملحنى جيلها وكان لها الفضل في اكتشاف الموسيقار محمد عبد الوهاب.
توفيت المهدية في مثل هذا اليوم، ١١ مارس/ آذار ١٩٦٥ عن عمر ناهز الثمانين عاماً بعد حياة فنية حافلة امتدت إلى ما يزيد على الثلاثين عاما، وقد تزعمت حركة وطنية عن طريق مسرحها وفنها الغنائي.
وفي أواخر أيامها أجرت سلطانة الطرب حواراً تلفزيونياً مع المذيعة الكبيرة أماني ناشد من خلال برنامجها "سهرة مع فنان".