وعن تفاصيل حملة القبض التي طالت العشرات، قالت هدى طرابلسي، عضو المكتب التنفيذي الموسع لنقابة الصحفيين التونسيين، في تصريح لـ"سبوتنيك": "استبشر الشعب التونسي بالحملة خيراً، أمس واليوم كانت موجة إيجابية جداً في الشارع وعلى صفحات مواقع التواصل، الذي رأى أنها خطوة شجاعة نحو مستقبل أفضل لتونس، خاصة بسبب معرفتنا أن الفساد هو السبب الرئيس لانهيار الاقتصاد، والعديد من الجمعيات والمجتمع المدني نادت منذ الثورة بمحاربته".
وتابعت "للأسف كل الحكومات المتعاقبة لم تحارب الفساد بطريقة جدية، ولذلك فخطوة رئيس الوزراء يوسف الشاهد جريئة، لكن هناك القليل من التوجس والخوف من عودة الحكومة للخلف، يوجد ثقة لكنها بحذر شديد".
وأضافت "بالنسبة لتفاصيل القبض، فحتى الآن المعلومات شحيحة جداً حول مكان الموقوفين، ولا حتى عددهم بالضبط، كل مرة نسمع عددا مختلفا، والأمر جاء بمقتضى قانون الطوارئ، الذي يخول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اتخاذ قرار الإيقاف رأساً دون الرجوع إلى النيابة العمومية، وهذا ماحدث مع هذا العدد الكبير من رموز الفساد، ونعتقد أنه بنهاية اليوم سنسمع عن إيقاف عدد آخر من الشركاء".
وحول الدعاوي بمحاسبة من يدعم الفاسدين قالت طرابلسي: "الأكيد أن رموز الفساد في تونس لديها شبكة من قضاة وإعلاميين ومحامين وحتى سياسيين ونواب بالبرلمان، وما يتم ترويجه أن كل الرؤوس ستسقط بأتباعها، وننتظر الجديد في السويعات القليلة القادمة".
وكان آخر تقرير حول تونس نشرته منظمة "مجموعة الأزمات الدولية" يوم 10 مايو 2017، قد ذكر أن حوالي 300 "رجل ظل" يتحكمون في أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات، وأن بعضهم يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها.
وحذرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان "الانتقال المعطَّل: فساد وجهوية في تونس" من أن مظاهر "الإثراء من المناصب السياسية والإدارية والمحسوبية والسمسرة" أصبحت "تنخر" الإدارة والطبقة السياسية "العليا" في تونس (الأحزاب، البرلمان..)، وأن عموم المواطنين أصبحوا يعتبرون أجهزة الدولة أجهزة "مافيوزية".
وشددت المنظمة على ضرورة أن يشمل "التصريح بالمكاسب" أعضاء البرلمان و"ديوان رئاسة الجمهورية"، وعلى أن تودع الأحزاب السياسية تقاريرها المالية لدى دائرة المحاسبات حتى يتمّ "إضعاف شبكات الإثراء من المناصب".
وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة اعتمادا على أكثر من 200 مقابلة مع فاعلين اقتصاديين وسياسيين ونقابيين وغيرهم، أن مجلس نواب الشعب أصبح "مركز التقاء الشبكات الزبائنية" وأن "عديد" النواب أصبحوا "مختصين في السمسرة وترقية الأعمال".
وحسب التقريرفإن "الفاعلين الاقتصاديين الذين مولوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب السياسية" التي وصلت إلى الحكم بعد انتخابات 2014، أصبحوا "يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة المركزية والجهوية والمحلية بما في ذلك الديوانة وقوات الأمن الداخلي".
ولفتت المنظمة إلى أن "بعض" ممن يتم تعيينهم في هذه المناصب "مجبرون على الإذعان (للتعليمات) كما كان الحال زمن "بن علي"، لتفادي فضح ملفاتهم الأخلاقية والجبائية وفسادهم، في حين يذعن البعض الآخر خوفا من عزله من المنصب.