المحلل السياسي طلال عوكل، الذي عاصر النكسة قال في حديث لـ"سبوتنيك"، "لقد كنت واعٍ لحرب حزيران، حيث كانت المعنويات في فلسطين عالية جداً قبل الحرب، والناس كانت مأخوذه بشخصية القائد عبد الناصر، وجيش التحرير الفلسطيني". وأوضح عوكل أن "النكسة" جاءت وسببت صدمة لدى الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بشكل خاص، وفقدت الناس الأمل بكل شيء بعدها، لكن بقي هناك تعلقاً بالرئيس المصري عبد الناصر وقدرته على استعادة المسار من جديد.
وبالحديث عن ظروف الحرب أشار عوكل إلى أن، "الظروف عشية الحرب كانت مشحونة جداً، وكان هناك تحضير من قبل الشباب والثوار للسلاح والخنادق بشكل كبير، لكن مع بدء الحرب وبدء تقدم القوات الإسرائيلية بشكل كبير عمّت حالة من الخوف والفزع، وبدأ النزوح من قبل عدد كبير من السكان".
وأضاف، "بالحديث عن الوضع الاقتصادي فلم يتغير كثيراً بعد النكسة، لأن الفقر كان يسود بشكل كبير في قطاع غزة، بينما كانت الضفة الغربية مندمجة باقتصاد الأردن، فلم يتم التحول من وضع إلى وضع وقتها". وأشار إلى أن، هزيمة حزيران لم تترك شعور لدى الناس كالشعور الموجود اليوم، كون إسرائيل أصبحت موجودة وتحتل أكثر من 80% من الأراضي الفلسطينية، إضافة لقوة إسرائيل ووجودها الذي أصبح أمراً واقعاً يجب التعامل معه.
وبالحديث عن آثار "النكسة" على مستوى الشرق الأوسط أكد عوكل أن "هزيمة حزيران أحدث تغيُّرا بمستوى نكبة وليس كهزيمة عادية، فهي التي مهدت الطريق نحو تغيرات كبرى، مثل خروج الجيوش العربية من المعادلة، والتسليم بأن إسرائيل موجودة ولها حق بالوجود، والتعامل معها على هذا الأساس". وتابع، "هذه الهزيمة تعتبر الولادة الثانية لدولة إسرائيل بعد نكبة عام 48، فهي من كرست وشرعنت الولادة الأولى، وعملت على انطلاق الولادة الثانية للدولة التوسعية الإسرائيلية".
ولا تزال إسرائيل تحتل إلى اليوم الضفة الغربية، كما أنها قامت بضم القدس والجولان إلى حدودها، فيما تحاصر قطاع غزة براً وبحراً وجواً.
وفي ذات السياق ومن الضفة الغربية يروي المسن محمد الحداد من مدينة نابلس تفاصيل نكسة حزيران قائلاً، "بعد 50 عاماً لا زالت الأحداث التي شهدناها في مخيلتي وكأنها حدثث بالأمس". وأضاف الحداد في حديثه لـ"سبوتنيك"، "وصلتنا الأنباء عن دخول الجيش الإسرائيلي إلى مدن وقرى الضفة الغربية، وأول ما بدر إلى ذهننا هو أحداث النكبة والمجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية عام 48، مما دفع الكثير من الناس إلى التفكير في النزوح ومغادرة منازلها".
وتابع، "مع كثرة الحديث عن المجازر الإسرائيلية، وحالة الخوف والفزع التي انتشرت في قرى الضفة الغربية، نزح عدد كبير من السكان إلى الأردن، وكانوا يعتقدون أن الأمر لن يستمر سوى لأيام فقط". وأردف، "في الطريق إلى الأردن مشت الحافلات بجانب جثامين الشهداء من الجيش الأردني، وبعد مرور ثلاثة أشهر قررنا العودة إلى بيوتنا، حيث كان جنود الجيش الإسرائيلي في كل مكان، وكانت الضفة مليئة بحواجز التفتيش الإسرائيلية".
ونوَّه الحداد إلى أنه "ورغم حجم وقساوة النكسة إلى أن الظروف الحالية تعد أسوأ بكثير من الظروف في تلك الأيام، فالاستيطان يأكل الأرض الفلسطينية، والقدس تهوَّد، والفلسطيني أصبح مهاناً في وطنه".
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي أصدر القرار 242 في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1967 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران عام 1967، لكنه لم ينفذ حتى الآن.
وأدت حرب 1967 إلى فصل الضفة الغربيّة عن السيادة الأردنيّة، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، الذي ينص على العودة لما قبل حدود الحرب لقاء اعتراف العرب بإسرائيل.