وقد يكون من شأن تحقيق قطر في شبهة التلاعب بعملتها تمكين الدوحة من تعزيز سيطرتها على أسعار صرف عملتها، لكنه أيضا سيجعل بعض البنوك العالمية أكثر حذرا تجاه التعامل مع قطر، لكن بعض الدول التي لديها خصومة دبلوماسية مع قطر ربما تتجه إلى فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على الدوحة إذا استهدف التحقيق بنوكها، وفق تحليل نشرته وكالة "رويترز".
"تكمن الخطورة في احتمال رد دول خليجية أخرى، ولنقل مثلا السعودية والإمارات، على الحملة القطرية ضد التلاعب بالعملة بفرض عقوبات جديدة على الدوحة، بالتحديد إذا حاولوا منع بنوكهم من التعامل مع بنوك قطر"، بحسب قول جيسون توفي، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس في لندن.
وقال مصرف قطر المركزي يوم الثلاثاء إنه فتح تحقيقا قانونيا بشأن محاولات دول مناوئة للدوحة تهدف إلى الإضرار بالاقتصاد القطري عن طريق التلاعب في أسواق العملات والأوراق المالية والمشتقات. ولم يوضح البيان كيف تحاول الدول الأخرى تخريب أسواق قطر.
لكن خالد الخاطر الخبير المصرفي ببنك قطر المركزي، قال لـ"رويترز" الشهر الماضي، إن بعض البنوك من دول المقاطعة تحاول التلاعب بالريال القطري عن طريق تداوله بينهم عند مستويات ضعيفة من أجل خلق انطباع خاطئ بأن الريال يتعرض لضغوط.
وأضاف أن السندات القطرية تعرضت لهجوم مماثل لكنه فشل نظرا لأن سوق السندات غير سائلة بالإضافة إلى الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الدوحة. ويتهم مسؤولون قطريون دول المقاطعة بمحاولة تقويض البورصة القطرية عن طريق إغراق الأسهم.
وأعلن مصرف قطر المركزي أنه كلف شركة بول وايس ريفكيند وارتون اند جاريسون لتولي التحقيق. وكانت هذه الشركة ضمن المستشارين القانونيين لدويتشه بنك عند اتهامه بالتلاعب بأسعار الفائدة في عام 2015. ووافق دويتشه بنك على دفع 2.5 مليار دولار في اتفاق مع جهات تنظيمية أمريكية وبريطانية.
وأشار البنك إلى أن عددا من المؤسسات المالية والأفراد تلقوا طلبات بالاحتفاظ بوثائق تمهيدا للإجراءات القانونية لكنه لم يذكر أسماء.
وقال مصرفيون في الخليج إن تهديد التحقيق سيجعل البنوك على الأرجح أكثر حذرا بشأن تداول الريال القطري في أسواق صرف العملات بالخارج خشية مواجهة اتهامات بالتلاعب بالعملة.
منذ فرض المقاطعة الاقتصادية على قطر يجري تداول الريال أحيانا في الأسواق الخارجية عند مستويات أقل من السوق المحلية حيث يتم تنفيذ الغالبية العظمى من النشاط وحيث تظل العملة قريبة من مستوى سعر الصرف الرسمي البالغ 3.64 ريال مقابل الدولار.
وبردع النشاط في السوق الخارجية، قد تفرض قطر تداول العملة بصورة أكبر في السوق المحلية بحيث يمكن أن تكون خاضعة للرقابة ويكون من الأسهل للبنك المركزي اتخاذ إجراء ضد المؤسسات التي تتداول العملة دون دوافع تجارية واضحة.
وقال مدير محفظة مالية في أحد البنوك بدبي إن مصرف قطر المركزي حدد بالفعل المؤسسات التي تبيع الريال ويحقق بشأن دوافع المعاملات، كما أكدت مصادر مصرفية أن بعض البنوك التي لها نشاط مع قطر بدأت تستعد لأي تحديات قانونية محتملة قد تنشأ عن التحقيق عن طريق فحص الوثائق والسجلات الإلكترونية الخاصة بمعاملات الريال.
وأحد المخاطر التي تواجه قطر هي أن تكاليف هذه التدابير الوقائية القانونية والمخاطرة الظاهرة بالتورط في التحقيق دون دراية كافية قد تدفع البنوك العالمية للعزوف عن تنفيذ أي أنشطة مشروعة هناك، إذ يقو مدير المحفظة المالية: "كمؤسسة مالية، تكون في مواجهة مخاطرة تتعلق بسمعة المؤسسة، خاصة إذا كان بنكك لديه رخصة في قطر".
وفي الشهر الماضي قالت مؤسسة (إم.إس.سي.آي) لمؤشرات الأسهم إنها تبحث استخدام أسعار صرف خارجية لتقييم الأسهم القطرية في خطوة قد تضر بثقل الأسهم على المؤشرات العالمية لأن بعض المستثمرين الأجانب يواجهون صعوبة في الحصول على الريال من السوق المحلية.
وفي نهاية الأمر قررت المؤسسة عدم تطبيق هذا التغير بعدما تعهد بنك قطر المركزي بتلبية طلبات جميع المستثمرين من العملة. لكن إذا انسحب المزيد من البنوك الأجنبية من السوق وقلت السيولة قد تظهر مشكلة صعوبة الحصول على الريال مجددا.
وقد يتحول التحقيق القطري إلى ما يشبه تحقيقا أمريكيا رفع فيه مستثمرون دعوى قضائية اتهموا فيها أكثر من عشرة بنوك عالمية بالتلاعب بالأسعار في سوق النقد الأجنبي التي يصل حجمها إلى نحو 5.1 تريليون دولار يوميا. وقدم الكثير من البنوك تسوية للدعوى القضائية.
لكن إذا حاولت قطر اتخاذ إجراء ضد بنوك من دول المقاطعة فقد ترد حكومات هذه الدول بإجراءات أشد ضد الدوحة. وحتى الآن حذرت هذه الدول بنوكها بضرورة توخي الحذر في العمل مع قطر لكنها لم تصدر حظرا واضحا بهذا الشأن، ولم يرد مسؤولون من البنوك المركزية أو مؤسسات حكومية أخرى في الدول الأربع على طلبات للتعليق.