أحداث سياسية
على الصعيد السياسي، بدأ عام 2017 بأزمة سياسية كادت أن توقع خلافا كبيرا بين أحزاب السلطة، إلا أن هذا العام اختتم بانفراجات بارزة، لعل من أبرزها عودة رئيس الحكومة سعد الدين الحريري عن الاستقالة، التي تقدم بها من العاصمة السعودية، الرياض.
في 12 أبريل/ نيسان، علق رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، عمل مجلس النواب مدة شهر في سابقة دستورية لم تشهدها البلاد من قبل، في محاولة منه للضغط على البرلمان لمنع تمديد ولايته، وحث الأطراف السياسية على إيجاد قانون جديد للانتخابات، وهو الأمر الذي نجح به مجلس النواب فيما بعد.
أقر مجلس النواب في 14 يونيو/ حزيران، قانونا جديدا ستجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة في مايو/ أيار، وفق النظام "النسبي"، كما قام مجلس النواب بتمديد ولايته لمدة 11 شهرا إلى حين إتمام الإجراءات اللوجستية لإجراء الانتخابات.
ويستمر الوفاق السياسي في لبنان طيلة أشهر السنة إلى حين إعلان رئيس الحكومة سعد الدين الحريري استقالته المفاجئة من الرياض.
ففي الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني تلى الحريري نص استقالته من العاصمة السعودية بصورة صدمت الشارعين السياسي والشعبي في لبنان ولم تقنع معها رئيس الجمهورية ميشال عون الذي قال حرفياً في الخامس عشر من الشهر نفسه أن الحريري محتجز في الرياض وأمر بتحرك دبلوماسي واسع لإجبار المملكة العربية السعودية على إعادة الحريري إلى لبنان.
وبعد جهد دبلوماسي كبير ترأسه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل وتحرك فرنسي بارز، من قبل الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، تخلله زيارة سريعة إلى الرياض، توجه الحريري مع عائلته بعدها إلى العاصمة الفرنسية باريس في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث استقبله ماكرون في قصر الإليزيه.
ولم تطل إقامة الحريري في فرنسا إذ عاد إلى لبنان، عشية عيد الاستقلال اللبناني في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، وشارك في اليوم الذي تلاه في العرض العسكري، الذي يقام كل عام بمناسبة الاستقلال إلى جانب رئيسي الجمهورية ومجلس النواب.
ومع انتهاء العرض العسكري وفور وصول الرئيس الحريري إلى القصر الرئاسي لتقبل التهاني، أعلن من هناك عن تريثه في تقديم استقالته إلى حين التوافق على بند نأي لبنان بنفسه عن الصراعات الخارجية.
وبعد ساعات، من إعلان الحريري تريثه عن تقديم الاستقالة توجه إلى منزله في بيت الوسط، حيث كان ينتظره استقبال حاشد من قبل مناصريه.
وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول ترأس الحريري أولى جلسات الحكومة، بعد تقديم الاستقالة وأعلن عودته النهائية عن استقالته.
يعتبر العام 2017 من أكثر الأعوام هدوءا على الساحة اللبنانية، منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، بل أن هذا العام شهد العديد من الإنجازات الأمنية، التي لم يكن يتوقعها العديد من المتابعين في لبنان.
وتمثلت هذه الإنجازات بتحرير كامل الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا من الجماعات الإرهابية.
في 26 يوليو/ تموز تمكن "حزب الله" من تحرير جرود بلدة عرسال اللبنانية من مسلحي "جبهة النصرة" بعد معارك ضارية أدت في نهايتها إلى التوصل لاتفاق بانسحاب عناصر "جبهة النصرة" الإرهابي مع عائلاتهم إلى الداخل السوري، واسترجاع "حزب الله" جثامين 5 من مقاتليه كانوا محتجزين لدى "النصرة" وذلك في تاريخ 30 يوليو/ تموز.
واستكملت الإنجازات الأمنية مع العملية العسكرية النوعية، التي قام بها الجيش اللبناني في جرود القاع ورأس بعلبك بوجه مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي.
في 8 أغسطس/ آب، خاض الجيش اللبناني معارك شرسة ضد مسلحي "داعش"، لتحرير ما تبقى من الجرود الحدودية مع سوريا.
وقبيل انتهاء شهر أغسطس/ آب، تمكن الجيش من دحر التنظيم الإرهابي وأخرجه من الحدود اللبنانية باتجاه البادية السورية، كما أجبره على الكشف عن المكان الذي كان يخبىء فيه جثامين شهداء الجيش العشرة، الذين اعتقلوا قبل ثلاث سنوات فيما عرفت في حينها "بغزوة عرسال" من العام 2014.
وفي 8 سبتمبر/أيلول، ودّع لبنان شهداء الجيش بمأتم رسمي مهيب أقيم في وزارة الدفاع.
من جهة أخرى، تمكن الأمن اللبناني في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، من توقيف الممثل المسرحي زياد عيتاني بجرم التعامل مع إسرائيل، وذلك بعد رصد ومتابعة دقيقة استمرت لأشهر عدة، وتكللت بنهايتها في اعتراف عيتاني بالتواصل مع عميلة إسرائيلية كان قد التقاها في تركيا، هذا وتستمر التحقيقات معه لمعرفة المزيد من التفاصيل.
أنجز القضاء اللبناني إستحقاقات عدة منها ما يعود إلى حقبات سياسية وعقود مديدة خلت.
في 28 سبتمبر/أيلول، أصدرت المحكمة العسكرية الحكم بعقوبة الإعدام على الموقوف أحمد الأسير المتهم بقتل عدد من عناصر الجيش اللبنانية، على خلفية أحداث عبرا التي وقعت في يونيو/حزيران من العام 2013 إثر معارك دامية نشبت بين الجيش اللبناني وجماعة الشيخ أحمد الأسير، كما أصدرت أحكاماً بإعدام ثمانية أشخاص آخرين إضافة إلى حكم غيابي بحق الفنان المعتزل فضل شاكر بالسجن 15 سنة وتجريده من حقوقه المدنية.
أما في 20 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر المجلس العدلي حكما بالإعدام بحق حبيب الشرتوني ونبيل العلم، في قضية اغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، بعد 35 عاما على تنفيذ عملية الاغتيال.
شهد لبنان سلسلة من الإنجازات على الصعيد الاقتصادي، لعل أبرزها إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام في 18 من يوليو/ تموز.
وفي 20 أكتوبر/ تشرين الأول أقر مجلس النواب اللبناني الموازنة العامة للبلاد، بعد غياب دام لأكثر من 10 أعوام.
واختتم العام 2017 بإقرار الحكومة اللبنانية في 14 ديسمبر/ كانون الأول، لمراسيم التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية، في استحقاق وصف بالتاريخي حيث من شأنه أن ينقل البلاد إلى مصاف الدول النفطية.