وتابع قائلا: "الحقيقة هي أن بن سلمان يحاول التعامل مع الحقيقة القاسية والمرة، وهي أن المملكة العربية السعودية مملكة غير مستقرة اقتصاديا ولا سياسيا، وكانت تتجه نحو الكارثة".
إرث ثقيل
أشار الكاتب الأمريكي، لبناني الأصل، إلى أن بن سلمان ورث مملكة ذات "إرث ثقيل".
وأضاف قائلا: "ورث ولي العهد دولة متشددة، ذات قدرة إدارية محدودة، واقتصاد يعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط الآخذة في الانخفاض".
ومضى بقوله:
"المملكة مثقلة بنخبة من الآباء والآلاف من أعضاء الأسرة المالكة، الذين يعيشون من دون عقاب، ويشكلون عبئا ثقيلا على الاقتصاد".
وأشار إلى أن القطاع العام في المملكة يعاني بصورة كبيرة من التضخم، حيث يتم فيه توظيف 70% من السعوديين العاملين، فضلا عن أن السعودية تنفذ المليارات على التسليح.
كما أن النخبة الدينية في البلاد تمنع السعودية من التغيير الاجتماعي، وتسعى للمحافظة على هيمنتها وامتيازاتها، كما أنها تواجه تهديدات من إيران، بحسب هيكل.
واستمر الكاتب الأمريكي في رصد تبعات "الإرث الثقيل"، قائلا: "كما أن السعودية لا يوجد تقريبا فيها أي ضرائب، وتوفر الحكومة نظاما سخيا من الاستحقاقات التي يصبح من الصعب الحفاظ عليها في ظل عدم ارتفاع أسعار النفط".
وتابع قائلا: "كما أن النساء الجزء الأكثر تعليما وتحفيزا في المملكة، يطالبن بالكثير من حقوقهن، وبدأن في الخروج بصورة أكبر إلى سوق العمل".
وقال هيكل إن الأزمة المتعلقة بصعود بن سلمان إلى السلطة، تعتمد على طريقة "غير عملية" لبناء توافق في الآراء بين مختلف عناصر الأسرة الحاكمة في المملكة.
وأشار إلى أن تلك الطريقة أثبتت أنها غير قادرة على إصلاح نظام الحكم في السعودية.
وأوضح أنه لكي يحدث تغيير حقيقي، بات من الضروري أن يخرج الأمير الشاب —محمد بن سلمان — من النطاق الضيق، إلى قطاعات أوسع، ويحرم قطاعات كبيرة من الأسرة المالكة عن امتيازاتهم، وجبر المؤسسة الدينية على التخلي عن احتكارها للأخلاق العامة وقيادة إصلاح حقيقي في الاقتصاد والجيش.
وأجاب الكاتب الأمريكي عن تساؤل ما الذي حققه بن سلمان حتى الآن، قائلا: "نجح في إحداث خلخلة في الأسرة المالكة، وإنهاء ثقافة الحصانة من المؤسسة القانونية والمالية، ضمن حملة مكافحة الفساد".
وأضاف:
"كما أن البلد يتحول اجتماعيا، حيث تم ترويض المؤسسة الدينية والمعارضة الإسلامية، واستصدرت قرارات حق المرأة في قيادة السيارات وافتتاح دور السينما وإقامة الحفلات الموسيقية، وتمكن بن سلمان من جذب الكثير من الشباب السعوديين الذين يشكلون غالبية السكان".
أما على الصعيد الدولي، فيرى هيكل أن بن سلمان نجح في أمرين هامين، أولا، استئناف العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وإدارة ترامب على وجه التحديد، بعدما توترت العلاقات بصورة كبيرة تحت قيادة الرئيس السابق، باراك أوباما.
ثانيا، إقامة السعودية علاقة قوية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهو ما ظهر في اتفاقات إنتاج النفط المتعاقبة، وبداية من التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بمسألة سوريا.
ووصف الكاتب الأمريكي أن الأزمة الرئيسية بالنسبة لولي العهد السعودي، والتي تمثل "كعب أخيليس" بالنسبة له، وهي الاقتصاد.
وقال هيكل: "يحرص ولي العهد السعودي على أن تكون الموازنة العامة للمملكة متوازنة، من خلال إنهاء نظام الإعانات والاستحقاقات، التي تمثل استنزافا هائلا للموارد المالية للحكومة".
وتابع قائلا: "يرغب بن سلمان أن يصبح الاقتصاد السعودي اقتصادا صعوديا، ويصبح القطاع الخاص أكثر ديناميكية ومولد التشغيل الرئيسي للاقتصاد".
واختتم تقريره، قائلا:
"بن سلمان يرغب في بناء شرعية جديدة للأسرة الحاكمة، قائمة على التحول الاقتصادي للبلد وازدهاره، إن اختلف مع الطريقة التي يتم فيها تلك التغييرات، والتي يرى أن توطيده كشرط ضروري للتغييرات التي يرغب في صناعتها للمملكة".