قال الدكتور حكيم غريب، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، المسؤول السابق في جهاز الأمن الوطني الجزائري، إن هناك تاريخ طويل من الإهانات التي وجهها ترامب للسعودية، باعتبارها الدولة الغنية التي لا تدفع ثمن حمايتها، رغم أن زيارة الرئيس الأمريكي الخارجية الأولى بعد دخوله البيت الأبيض كانت للسعودية، ووقع خلالها اتفاقيات مشتركة قيمتها 280 مليار دولار، بالإضافة إلى 11 مليار دولار للسلاح.
وكشف غريب أن تصريحات ترامب المهينة للسعودية تدخل في إطار الاستعراض الإعلامي قبل الانتخابات الرئاسية النصفية المرتقبة، ومن الناحية السعودية و العربية، ترامب بالنسبة لرؤساء الدول العربية حليف وثيق، ولكن في الوقت نفسه تعلم السلطات السعودية في الرياض أن هذا الرجل لا يمكن التنبؤ بتصرفاته و تصريحاته الجنونية، لذلك هم يعلمون أن عليهم التعامل مع مطالبه.
وفيما يتعلق بموضوع النفط، قال الخبير الأمني إن مطالبة ترامب لدول الخليج وعلى رأسهم السعودية بتقليص أسعار النفط، هو أمر دائم ومعتاد، خصوصا وأن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات منخفضة، لما لذلك من تأثير جيد على الاقتصاد الأمريكي، وعلى جعل النفط الصخري الأمريكي قادراً على المنافسة في السوق ، غير أن السعودية لا تستطيع تنفيذ الطلب هذه المرة، لأن احتياطياتها النقدية، تتلاشى بسبب السياسة المكلفة للمملكة في المنطقة، ومصلحتها على المدى المنظور والبعيد الحفاظ على سعر النفط في مستوى عالٍ، أعلى من السعر المتداول حاليا، وهو ما يخالف الإرادة الأمريكية والفيصل في هذا الخلاف هو مدى توافق مصالح الطرفين في ملفات سياسية أخرى.
وتوقع الخبير الأمني الجزائري أن تستجب السعودية في النهاية لمطالب ترامب، الذي يتعامل معه الجميع بوصفه رجل أعمال يخلط بين مصطلحات المال والسياسة، موضحا أنه بالرغم من مليارات الدولارات التي تدفعها الرياض لواشنطن على شكل صفقات جلها من الأسلحة، لا يزال نهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمال السعودي قوياً، لدرجة أنه تناسى سريعاً تلك الصور التي جمعته بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نهاية مايو/أيار الماضي، وهما يبتسمان خلال التوقيع على صفقات تسّلح بقيمة 12.5 مليار دولار.
أولها، أن السعودية تدرك جيد من خلال التصورات الأمريكية المبنية على راءات إسرائيلية أن هناك عدواً إيرانيا يتربص بها على الدوام، وهو ما ظهر في تضاعف صفقات الأسلحة السعودية في السنوات الأخيرة، واقتناع السعودية بوصول التهديد الإيراني إلى حدودها الجنوبية، متمثلاً في المتمرّدين الحوثيين الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء.
والسبب الثاني، لتقبل السعودية إهانات ترامب، وفقا للخبير الأمني الجزائري هو قدرة ترامب على كبح جماح تيار داخل أمريكا يحمل مسؤولين سعوديين مسؤولية أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، وهو ما ظهر في قانون "جاستا".
أما الورقة الثالثة لترامب، وفقا لغريب فهي الازمة السورية التي يسوق ترامب من خلالها أسلحته للسعودية، موضحا أنه خلال القمة الأمريكية الإسلامية في الرياض في مايو/ أيار2017، أعلنت السعودية أنها تكلفت مئات المليارات من الدولارات لشراء الأسلحة، والمعدات والذخائر.