وذكر الأمير السعودي، أن "الملك الراحل عبد الله، وكان حينها وليا للعهد، استدعاه ودار بينهما الحوار التالي وفق الرواية: "لدي أخبار سارة، قلت ما هي؟ قال ستلتقي بمعمر القذافي، فضحكت وقلت الله يبشرك بالخير سيدي، لكن هذه لا تأتي منك. ثم عدت وقلت إن هناك حظرا جويا بسبب حادثة لوكربي، قال لي بأن هناك اتفاقا بأن تنزل الطائرة في قرية جربة التونسية وهناك تنتقل عبر الحدود إلى ليبيا".
وعلق بندر بن سلطان قائلا: "ذهبت وتوقعت أن المسافة بين جربة وطرابلس ساعة أو ساعتين، لكن المسافة كانت 7 ساعات".
وتطرق الأمير السعودي إلى تفاصيل وصفها بـ"المريبة" قابلته ومرافقيه في ليبيا، منها أنهم لم يجدوا القذافي في طرابلس، واضطروا إلى اللحاق به في مدينة سرت، مضيفا: "وصلنا مقر الضيافة، وكان موظف الاستقبال يقرأ الصحيفة، واضعا قدميه على الطاولة، وكان معنا وزير ليبي استقبلنا هو السيد عبد العاطي العبيدي، وهو رجل عاقل وصاحب خلق رفيع وقدرات عالية. نادى الوزير الليبي على الموظف وقال له يا أخ أين غرف الضيوف؟ قال انظروا المفاتيح معلقة خذوا ما تريدون منها. وكنت قد تعبت من ألم ظهري، ولم يكن في صالة الاستقبال سوى كرسي واحد. جلست عليه، فجأة دخل علينا شخص ملثم بلثمة تشبه لثام الطوارق، ووضع يده على خصره، ثم التفت إلى جميع الموجودين، وصرخ: من فيكم الأمير! وكان معنا شخص خفيف ظل رد عليه وقال له: اللي عمى قلبك عمى عينيك، هناك كرسي واحد وهناك شخص جالس عليه، هل هو السائق مثلا!؟.. ثم التفت إلي الملثم وقال: هل أنت الأمير؟ تعال معنا، القائد يريد أن يراك في معسكر الكتيبة".
وسرد بندر بن سلطان، تفاصيل حوار مهد له معمر القذافي قبل أن يقول لضيفه في حوار مثير للغاية: "في الحقيقة، طرأت على بالي فكرة، أنت تعرف ما دام القادة العرب الموجودون الآن على كراسيهم، فلن تتحرر فلسطين، والاستعمار سيظل". لم أرد عليه، ثم قال القذافي: "ولهذا نحتاج لأشخاص مثلك، وأنا مستعد أن أحتضنهم وأدربهم ونعمل خلايا سرية لقلب نظام الحكم، وأفضل مكان نبدأ فيه هو دول الخليج. هل تعرف أحدا تثق به في دول الخليج؟ لأن أهم نقطة في الانقلابات هي السرية والثقة، وألا تزيد الخلايا عن 5 أشخاص". قلت له "نعم لدي أصدقاء كثر في الخليج، لكنني لم ألتق بهم منذ زمن، وأعطني مهلة أذهب للخليج وأجس النبض".
وعلق الأمير السعودي على الحوار قائلا: "كنت أرد مستغربا وساخرا"، فيما رأى أن القذافي كان جادا فيما يقول وطلب منه دعوة وتهريب هؤلاء الأشخاص عبر مصر.
وتابع أن "القذافي طلب منه بعد ذلك لقاء توني بلير وبيل كلينتون لمعرفة الطلبات التي يمكن أن تلبيها ليبيا لإنهاء الحصار المفروض عليها بسبب حـادثة لوكيربي، مشيرا إلى أنه التقى توني بلير فأخبره الأخير بأنه مستعد لفعل ما قد ينهي الحصار على ليبيا إذا اعترف بالمسؤولية ودفع التعويضات وحوكم المتهمون.
وأضاف: "بعد مفاوضات شاقة وافق القذافي على مضض، وللأمانة فإني لم آخذ كلامه على محمل الجد، ولا أريد توريط بلدي وفقدان مصداقيتها مع أمريكا وبريطانيا والأمم المتحدة بسبب القذافي، وهذه التساؤلات والاحتمالات جاءت بعد حديثه ومخططاته التي أفصح بها عن رغبته إحداث الانقلاب في دول الخليج".
وأشار الأمير السعودي، إلى أنه طرأت لديه فكرة إشراك شخصية عالمية مؤثرة في مباحثات فك الحصار عن ليبيا، وقرر اختيار نيسلون مانديلا لمكانته ولوجود صداقة بينهما، مبينا أنه تحدث إلى مانديلا وشرح له الأمر فوافق بعدما تأكد أن القذافي وافق على تسليم المتهمين للمحاكمة في اسكتلندا وبقية المتطلبات.