تولى مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية، برئاسة وزير الدفاع السابق عوض بن عوف، الذي لم يلق قبولا من مكونات الحراك الشعبي ما اضطره بعد ساعات لمغادرة موقعه مع نائب رئيس المجلس، رئيس الأركان السابق كمال عبد الرؤوف الماحي.
وتولى قيادة المجلس العسكري الانتقالي في السودان المفتش العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.
السودان بين مطرقة المجلس العسكري وسندان الاحتجاجات
قال عضو المجلس العسكري السوداني، صلاح عبد الخالق، إنه من المستحيل أن يوافق "العسكري" على مطلب قوى المعارضة بأن يكون مجلس السيادة مدنيا بالكامل، حسب صحيفة "سودان تربيون".
وأوضح عبد الخالق خلال مخاطبته حشدا للإدارات الأهلية أن القوى المدنية تتشبث بالسلطة بعد إصرارها على فترة انتقالية مدتها 4 سنوات بينما يريدها العسكريون عامين فقط.
وتوقفت المفاوضات بين المجلس العسكري السوداني، وقوى الحرية والتغيير بسبب الخلاف على تمثيل العسكريين والمدنيين في مجلس السيادة.
وكان اضراب عام قد انطلق في السودان، يوم الثلاثاء 28 مايو/حزيران، استجابة لدعوة قوى إعلان الحرية والتغيير، احتجاجا على عدم إيفاء المجلس العسكري الانتقالي بتسليم السلطة للمدنيين، وتحوله إلى قيادة سياسية، وسط تحذيرات من قادته.
وأكد تجمع المهنيين السودانيين، أحد أفرع قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان له صباح اليوم، أن الإضراب الذي سيستمر يومين حق دستوري مكفول وفقا لنص المادة 27 /3 من وثيقة الحقوق في دستور السودان الانتقالي 2005.
كما أعلن التجمع التزام الطيارين السودانيين بالإضراب عن العمل منذ صباح اليوم الثلاثاء. وقال إن "جميع الطيارين السودانيين بشركات الطيران ملتزمون بالإضراب عن العمل خلال الرحلات الداخلية والخارجية منذ صباح اليوم الثلاثاء".
مابين المدرسة العسكرية وتحالف الحرية.. السودان يتجه للعصيان المدني
قال الصحفي والإعلامي السوداني طلال طه، في حديث لـ"سبوتنيك" أن الخلاف بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف إعلان الحرية والتغيير أكبر من كونه يتمحور حول نسب التمثيل في المجلس السيادي كما يدعي الطرفين بل هو أكبر من ذلك فكل طرف يرى أنه الأقدر على قيادة البلاد في الفترة المقبل بل وهو صاحب النصيب الأكبر في التغيير الذي حدث وأدى تلك النظرة للأمور إلى تصوير المشهد العام كأنه معادلة صفرية. فكل مكسب للمجلس العسكري يمثل خسارة للحرية والتغيير. والعكس صحيح.
وأضاف "من الواضح أن المجلس العسكري يأخذ في الحسبان التهديدات التي تحيط بأمن واستقرار وسمعة البلاد التي بسبب السياسات الخاطئة التي اعتمدها الرئيس المعزول عمر البشير بسبب إنتهازيته ورغبته الدائمة في اللعب على عدة حبال الأمر الذي أدخل السودان في متاهات سياسية إقليمية ودولية عصية على الحل".
وتابع قائلا " على الجانب المقابل يعتقد تحالف الحرية والتغيير أن اعتماد العسكر على تلك النظرية غير مقنع وأن الشرعية الثورية التي يمتلكونها بقدرتهم على تحريك الشارع تفرض على المجلس العسكري تسليم السلطة لهم في أقرب وقت والاكتفاء بدور الحامي أمنيا فيقط للحكومة الجديدة".
ويصف طه الأزمة في السودان بصراع بين نظريات متناقضة بين أنصار المدرسة العسكرية التي تقول بأن الجيش هو الحارس الأمين على الحكم خاصة بعد التجارب المريرة في وسوريا واليمن وليبيا، والمطالبين بالمدنية الحالمين بإبعاد أصحاب البزات العسكرية عن السلطة وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية وهو ما قد يثير قلق بعض الحكومات العربية في المنطقة من انتشار العدوى وبالتالي موجة ربيع عربي جديد وهو ما لن تقبل به العديد من السلطات القائمة في المنطقة.
وعليه فمن المتوقع أن يلجأ العسكر لخيار من اثنين إما الإعلان عن انتخابات مبكرة كما صرح بذلك عدد من أعضائه أو تشكيل حكومة تكنوقراط من طرف واحد دون التشاور مع إعلان الحرية والتغيير التي ستجد نفسها في موقف لا تحسد عليه فإما قبول الأمر الواقع او التصعيد مجددا عبر سلاح العصيان المدني.