وألمح إلى أن الخطة التي تم تنفيذها بهذا التناغم العفوي "تهدف تدمير قدرات التنظيمات الإرهابية التي تدور في فلك تنظيم القاعدة، وإجبارها على الخضوع لتركيا بما يمكن الأخيرة من الإيفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي".
وأضاف العميد مقصود: إن عملية الجيش السوري في ريف حماة الشمالي التي أفضت مؤخرا إلى السيطرة على تل ملح والجبين، وقطعت طرق الإمداد بين الهبيط وكفرزيتا، وبين اللطامنة ولطمين وكفرزيتا وصولاً إلى خان شيخون، تمهد لإعادة فتح طريق حماة حلب، لأن هذه المناطق تقع بمحيط هذا الطريق الإستراتيجي، وبالتوازي كان هناك تحرك عسكري على محور البشير باتجاه جسر الشغور ثبت الجيش من خلاله نقاط انتشاره على هذا المحور وأجبر التنظيمات الإرهابية على الانكفاء إلى جبل الزاوية.
وأوضح العميد مقصود أنه عندما وصل الجيش بالسيطرة الكاملة بالقوات على تل ملح والجبين وتل الجبين فقد أشرف على جبل شحشبو التي توجد بمحيطه منطقة شير المغار والقاعدة التركية، وهذه المنطقة في الوقت الذي تؤمن فيه طريق محردة السقيلبية تشرف على محور أريحا وجبل الزاوية الذي يعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية في إدلب، والذي يعني سقوطه في يد الجيش نهاية هذا الجيب الإرهابي بشكل كامل.
وتابع العميد مقصود: إن الجيش السوري وجه ضربات حاسمة للتنظيمات الإرهابية عبر تدمير خطوط دفاعها ومقرات قياداتها وقضى على قدراتها القتالية من خلال العملية العسكرية التي يخوضها في المنطقة منزوعة السلاح منذ أسابيع، وكان الجيش يستدرج الجماعات المسلحة لشن هجمات معاكسة في كفرنبودة والحماميات وتل ملح والجبين وغيرها وفق عمليات مخططة تمكن الجيش عبرها من تدمير قدراتها القتالية، وعتادها وعديدها، وخاصة المجموعات الإرهابية الأجنبية التي استخدمت كرأس حربة في جميع هذه الهجمات من خلال العربات المفخخة، وهذه الخطة تم وضعها بالتنسيق مع الجانب الروسي الذي نسق بدوره مع الجانب التركي لتدمير قدرات هذه الجماعات القتالية بحيث لا يتاح لها التمرد على المطالب التركية المتعلقة بتنفيذ اتفاق سوتشي.
واعتبر العميد مقصود أن عمليات الدعم اللوجستي وإمداد التنظيمات الإرهابية بالسلاح والتعزيزات العسكرية والصواريخ المضادة للدروع لم يكن إلا ذرا للرماد في العيون، لإغرائهم بتنفيذ هذه الهجمات لتحقيق خارطة جديدة ومكاسب جديدة تستطيع تركيا في حال نجاح الهجمات أن تحولها إلى رصيد قبل الذهاب إلى أستانا لكي يكون بيدها ورقة تستخدمها في اللجنة الدستورية، أما وقد فشلت كل هذه الهجمات وتمكن الجيش من استعادة ما استعاده من مناطق بهجمات مرتدة أسفرت عن تدمير قدراتهم القتالية وتكبيدهم خسائر فادحة، فقد باتت البيئة الاستراتيجية في جيب إدلب ومحيطها تستجيب إلى موقف التركي لأن المجموعات المسلحة خسرت رهاناتها في تغيير خارطة السيطرة أو تحقيق أي إنجاز يمكن أن تضعه على طاولة المفاوضات، ومع هذا السقوط المدوي، سقطت التهديدات الأمريكية ولم يعد بمقدور الغرب حماية هذا الجيب الإرهابي أو إبقائه بحالة الجمود لإبقاء الوضع على ما هو عليه.
ونص اتفاق سوتشي الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان في 17 سبتمبر/ أيلول العام الماضي على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15-20 كم في عمق منطقة التصعيد، وإزالة كافة الجماعات الإرهابية المتطرفة من المنطقة المنزوعة السلاح قبل 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وكذلك سحب جميع الدبابات وراجمات الصواريخ والمدفعية والهاون العائدة لكافة الأطراف المتنازعة من المنطقة المعزولة قبل 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، واستئناف السير والعبور على الطرق أم 4 التي تربط حلب باللاذقية، وأم 5 التي تربط حلب بحماه قبل نهاية العام 2018.
وبعد مضي 11 شهرا على توقيع الاتفاق لم يتحقق أي من بنوده، ولم تف تركيا بالتزاماته بموجب الاتفاق، باستثناء بند ينص على تعزيز نقاط المراقبة التركية في المنطقة التي تم تصنيفها على أنها منزوعة السلاح.