وصناعة الكسوة التي يجري تغييرها سنويا خلال موسم الحج صبيحة يوم عرفة في التاسع من ذي الحجة، هي صناعة فريدة تمتزج فيها التقنيات الحديثة والأدوات التقليدية، الوارد والمحلي، الروحي والجمالي.
يتم الآن تغيير كسوة الكعبة 🕋 https://t.co/fwC7foLxeK
— Kaaba | الكعبة (@HolyKaaba) August 20, 2018
تُصنع الكسوة التي يعدها المسلمون "أطهر ثوب" باستخدام 675 كيلوغراما من الحرير الخام الأسود للجزء الخارجي والأخضر للبطانة الداخلية، إضافة إلى 100 كيلوغرام من خيوط الفضة المطلية بماء الذهب و120 كيلوغراما من خيوط الفضة الخالصة، لكتابة الآيات القرآنية المنقوشة عليها، بتكلفة إجمالية تصل إلى 24 مليون ريال سعودي (6.4 مليون دولار).
تدخل الخامات المستخدمة المعامل لاختبارها أولا والتأكد من جودتها ومطابقتها للمواصفات. وفي جامعات المملكة دراسات علمية مسجلة عن عملية تصنيع الكسوة.
انتقلت مسؤولية صناعة الكسوة إلى المملكة بعد أن ظلت تقليدا مصريا لقرون. وفي مصنع إنتاج الكسوة في مكة يستخدم حرير وأصباغ من إيطاليا وخيوط من الفضة بعضها مطلي بماء الذهب من ألمانيا، لكن الآلات الحديثة لم تستطع حتى الآن أن تحل محل العمالة اليدوية بسبب الحرف البارز المستخدم في نقش الآيات القرآنية عليها.
فيديو #الأكثر_مشاهدة | لحظة تغيير كسوة #الكعبة المشرفة فجر اليوم.
— الأكثر مشاهدة (@TopSaudiNews2) August 31, 2017
:#السعودية_ترحب_بالعالم
- pic.twitter.com/k3scfEEwNT
يقول أحمد بوعنتر وكيل العلاقات العامة في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة الذي أنشئ في 1927 لكن صناعة الكسوة لم تستقر فيه بشكل دائم إلا منذ 1962 في تصريح لوكالة رويترز "ما عرفوا على مر العصور يخترعوا لها آلة، لأن الحرف مرتفع. راحوا اليابان وألمانيا وحاولوا على مستوى العالم. ما قدروا".
يقول عبد الله (56 عاما) ويعمل في مصنع الكسوة منذ 32 عاما للوكالة "أفتخر لما أشوف شغلي على الكعبة، ممكن في ناس ما يقدروا يقرأوه، أنا أقدر أقرأه وأفتخر".
عبد الله الذي انكب لنحو عشرة أشهر على كتابة نقوش الكعبة مع حوالي 170 عاملا في مكة، يثق وزملاؤه في قسم الحزام، وهو الأكبر والأهم في مصنع الكسوة، في استمرار الدور المحوري للعمل اليدوي في المصنع الذي لا يعمل به أي أجانب منذ عهد العاهل السعودي الراحل الملك فهد الذي أمر بسعودة المصنع بالكامل.
قلب المصنع
فضلا عن الكسوة، ينتج المصنع أيضا قطعا لسفارات المملكة ولوحات إهداء وكسوة الحُجرة النبوية بالمدينة المنورة، لكن هذه لا يجري تغييرها إلا بأوامر ملكية لعدم وجود عوامل جوية تتلفها بحيث تستلزم تغييرها سنويا.
لقطات من مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة فجر اليوم التاسع من ذي الحجة
— ناشيونال جيوغرافيك (@NatGeoMagArab) August 20, 2018
المصدر: ReasahAlharmain pic.twitter.com/1m7f9yWdUU
يتولى المصنع أيضا تنفيذ إهداءات بأوامر ملكية. وعلى سبيل المثال، أهدى الملك فهد مقر الأمم المتحدة إحدى ستائر الباب في سنة من السنين، إلى جانب إهداءات من مقام خادم الحرمين الشريفين لرؤساء الدول.
يعمل نحو 100 فني في قسم الحزام، الذي يتولى تصنيع حزام الكسوة والستارة التي توضع على باب الكعبة والصمديات وهي تصاميم توضع على الأركان وتحوي سورة الإخلاص.
يقول فهد عودة ضيف العويضي (55 عاما)، مدير القسم ويعمل بالمصنع منذ 34 عاما، "القسم قلب المصنع... الشغل ذهني وبدني... ذهني لأن الخطأ سيقع لو فقد العامل تركيزه وسيضطر لفتق كل العمل، وبدني لأنه يجلس وقتا طويلا منكبا على خيوط الذهب" وفقا لرويترز.
يزوران مصنع كسوة الكعبة ووزارة الحج والعمرةزار اللاعب الفرنسي “بول بوغبا” لاعب فريق مانشيستر يونايتد، واللاعب إيفرتون الإنجليزي “كورت زوما” مصنع كسوة الكعبة المشرفة . وهما يتجولان داخل المصنع ويتعرفان بالمصنع على مراحل صنع ثوب الكعبة وطرق كتابة الآيات ورسم النقوش الإسلامية عليه pic.twitter.com/WeuhXSEhYC
— الجزيرة العربية (@F6UQw5Tt6esnqC6) May 16, 2019
ويشير العويضي لأهمية الموهبة الفطرية في هذا العمل قائلا "التدريب يستمر لفترة لكن أهم شيء الموهبة. عملنا متعب وصعب. تعرف الموهوب من مسكته للخيط للإبرة.. من مسكته للذهب.. بعض الناس ما يكمل شهر تدريب".يحصل المرشحون للعمل في المصنع على تدريب عملي لستة أشهر ثم ينضمون إلى المصنع لستة أشهر أخرى من التدريب العملي والنظري على يد أحد الخبراء أو مدير قسم.
يقول زكي يوسف بسام (56 عاما) الذي يعمل في المصنع منذ 35 عاما "هنا الخبرة العملية أهم من التعليم النظري.. هنا أفضل من الخطاط. الخطاط يخط ونحن نخط فوق الخطاط. شغلنا صعب. أصعب حرف الهاء، شغله صعب هو والواو، لكن مع الخبرة تعتاد، الحمد لله".
عقب انتهاء الإنتاج يقام احتفال سنوي في مصنع كسوة الكعبة لتسليمها إلى كبير سدنة البيت، وفي أثناء فريضة الحج تستبدل الكعبة كسوتها لتستقبل الحجاج في ثوبها الجديد أول أيام عيد الأضحى.
ويصل الاهتمام بالكسوة حد وجود فرقة كاملة في الحرم على مدار 24 ساعة لإصلاح أي تلف قد يطرأ عليها بسبب تعلق البعض بها ومحاولاتهم قص أجزاء منها للتبرك بها أو للذكرى.
أما الكسوة القديمة فَتُقطع قطعا وتُهدى من العاهل السعودي لرؤساء الدول والسلك الدبلوماسي خلال الحج.