التباين في الآراء حول الانتخابات النيابية المبكرة استند إلى بعض المعطيات، منها الأوضاع الاقتصادية والأولويات، ومطالب الحراك في الشارع اللبناني، إلا أن كل طرف طرح من المبررات ما يبرهن على واقعية رؤيته إن كان تتمثل في إجراء الانتخابات النيابية المبكرة من عدمها.
ما علاقة أمريكا بالانتخابات المبكرة؟
وقال حسن حردان، المحلل السياسي اللبناني، إن الانتخابات النيابية المبكرة كانت ضمن المطالب الأساسية للحراك الشعبي اللبناني.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذا المطلب يتماشى مع السياسة الأمريكية التي سعت لإحداث انقلاب سياسي في لبنان، إلا أن هذا المشروع فشل مع تشكيل حكومة اختصاصيين ليست على هوية الجانب الأمريكي.
وأشار إلى أنه من الصعب الاتفاق على قانون انتخابي جديد، خاصة أن القانون الحالي ظل لفترة طويلة حتى جرى التوافق عليه.
وشدد على أنه لا يوجد أغلبية نيابية تؤيد إجراء انتخابات نيابية مبكرة وهو ما يستبعد معه اللجوء لهذه الخطوة.
لهذه العوامل يصعب الإجراء
وفي ظل انحياز البعض للمطلب في الفترة الأخيرة، تقول رؤى أخرى إن هناك العديد من العوامل التي تعرقل إجراء مثل هذه الانتخابات.
من ناحيته، قال الكاتب اللبناني جمال فياض إن الانتخابات النيابية المبكرة، شعار رفعه في البداية الذين ثاروا على الحكومة التي وصلت بعد فترة من توليها السلطة، إلى الانهيار.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، "مثل هذا الشعار مقبول جماهيريا لأنه يخفف الغضب الشعبي، وهو نوع من إعلان الندم على انتخاب هذه المجموعة من الكتل النيابية".
ويرى فياض أن الشعب اللبناني الثائر لا يمكن ضبطه أمنيا في ظروف مشابهة، حيث يسيطر الغضب العام، والذي تحول في أوقات صعبة إلى عنف شديد، بالإضافة إلى أن الجميع يطالب بقانون إنتخابي جديد أكثر عدالة، وهو أمر صعب وربما مستحيل، وإن حصل سيحتاج لفترة زمنية طويلة، حسب قوله.
ثمة تساؤل آخر بشأن إمكانية تحقيق ذات النسب للكتل السياسية الموجودة في المشهد، وهو ما أوضحه فياض بقوله، إن كل الكتل النيابية الكبرى، تعتقد أنها قد لا تحقق نجاحا مماثلا لما حققته في الانتخابات الأخيرة.
وبشأن إمكانية قبول القيادات السياسية بالأمر يرى فياض أن الزعامات الحالية، لن تغامر بما لديها اليوم، وأن كل المؤشرات تشير إلى أن الانتخابات المبكرة، ليست في مصلحتهم، في ظل الفوران الشعبي الحاد، وقلة الإمكانيات المادية.
ضرورة إجراء انتخابات مبكرة
على الجانب الآخر، تقول رولا المراد، رئيسة "حزب 10452" اللبناني، إنه أصبح من الضروري وضمن الآليات الدستورية المطالبة بانتخابات مبكرة، تغير الطبقة السياسية الحاكمة من سلطة تشريعية، ومن ثم سلطة رئاسية ومن بعدها سلطة تنفيذية.
وأضافت المراد، في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن كل من في الطبقة الحاكمة المعارض للحكومة الجديدة، بدأ يعلن انضمامه للثورة ومطالبها، ويذهب إلى طلب انتخابات نيابية مبكرة، ليظهر حسن النوايا، ويحفظ ماء الوجه للمرحلة القادمة.
وترى أن الشعب اللبناني سيضغط نحو هذا الاتجاه، خوفا من أن تذهب الثورة نحو منحى أخر، وهو الانفلات الأمني والفوضى.
وأشارت إلى أن الحكومة الجديدة لم تذكر الانتخابات المبكرة في بيانها الوزاري، وبالتالي كل من دعم هذه الحكومة لا مصلحة له في انتخابات مبكرة.
وعن الانعكاسات السلبية المحتملة، التي تحدث عنها البعض، حال إجراء انتخابات نيابية مبكرة، قالت المراد "لا سلبيات لهذه الخطوة سوى أننا نتساءل.. هل يا ترى الأرضية الشعبية وصلت إلى حالة الوعي التي تطمح له الثورة من أجل خيارات جديدة تغير الوجه السياسي للبلد؟".
وأشارت إلى أن القانون الانتخابي الذي سيعتمد يمثل أهمية كبيرة بشأن تطبيق ما يطمح به الشعب، وأن حزبها مع خيار الذهاب إلى قانون انتخابات على أساس "النسبية دائرة واحدة" لإلغاء الطائفية السياسية.
ما الأولويات
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الحديث عن انتخابات نيابية مبكرة اليوم بعد تشكيل الحكومة الجديدة، يستهدف تعطيل عمل الحكومة وإفشالها، خاصة إنها تقوم باجتماعات مكثفة مالية وإقتصادية لمعالجة الوضع المالي والاقتصادي الطارئ ، وطرح الأنتخابات النيابية المبكرة قبل معالجة هذه الأولوية، يستهدف تعطيلها.
فيما تقول غولاي الأسعد، مرشحة نيابية سابقة، إنه على الأرجح ستجرى انتخابات نيابية مبكرة.
وتتوافق الأسعد في حديثها لـ"سبوتنيك"، حول فرضية أن إمكانية إجراء انتخابات ستكون نتيجة الضغط وعدم قدرة الحكومة على التماشي وإرضاء الشعب وإقامة الإصلاحات.
وتابعت أن قراراتها قد تؤدي إلى إعاده النزول إلى الشوارع، وبالتالي سيكون الحل المنطقي هو اللجوء إلى انتخابات مبكرة.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، أعرب عن تأييده إجراء انتخابات نيابية جديدة في البلاد.
وقال الحريري، في كلمة ألقاها خلال مهرجان أقيم في وسط بيروت لمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أمس الجمعة، إن "التسوية (الرئاسية) عاشت ثلاث سنوات واليوم أصبحت من الماضي وبذمة التاريخ".