لا شك أن واقع لبنان الاقتصادي والاجتماعي الصعب يؤثر بدوره على كل القطاعات الأخرى في البلاد ومنها القطاع الطبي والاستشفائي الذي بدوره يعاني من أزمة مالية وغياب الدعم المباشر من الدولة، بالإضافة إلى أزمة نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات التي برزت خلال أزمة الدولار.
بعد الكشف عن الإصابة الأولى بفيروس كورونا في لبنان، حاولت السلطات اللبنانية احتواء الموضوع من خلال تصريحات وزير الصحة اللبناني حسن حمد، الذي دعا إلى ضبط النفس وعدم الهلع لأن الأمور تحت السيطرة ويتم فحص كل القادمين إلى لبنان في مطار بيروت والحالات المؤكدة يتم وضعها في حجر صحي استحدث مؤخرا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت.
وبحسب المصادر الطبية في لبنان، فإن مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت لديه الإمكانات العملية والطبية لاستقبال العديد من الإصابات، ومئات الحالات المشتبه بها بالإضافة إلى إمكانية التعامل مع مئات الإصابات في حال انتشر الفيروس وتزايدت الحالات المصابة به في البلاد على عكس المستشفيات الأخرى التي بغالبيتها بدأت منذ أيام عديدة فقط اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
ما بين المستشفيات الخاصة والحكومية واستقبال حالات كورونا
ينقسم القطاع الاستشفائي والطبي في لبنان إلى حكومي وخاص ويعتبر الأخير أكثر تطورا وامتدادا في مختلف المناطق اللبنانية، وبالرغم من ذلك يعتبر نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون، أن المستشفيات الخاصة في لبنان غير قادرة على تحمل عبء استقبال المصابين والمرضى بفيروس كورونا بشكل كامل.
ويشير سليمان هارون أنه من الناحية اللوجستية تقتصر التجهيزات في المستشفيات الخاصة على عشرات غرف العزل فقط والمنوطة مهامها بمتابعة المرضى المشتبه بإصابتهم بالفيروس، إلى حين ترجيح الإصابة، ثم يتم تحويلهم إلى مستشفى الحريري الحكومي.
وشدد هارون أن أصل المشكلة في القطاع الطبي الخاص هو أزمة المستلزمات الطبية الناجمة عن أزمة شح الدولار الواقعة منذ أشهر، والتي تعاني منها المستشفيات منذ ما قبل وصول فيروس كورونا إلى لبنان. هذا الأمر يصعب الأمور على القطاع الصحي الخاص في ظل هذه الظروف الراهنة خصوصا أن العديد من المستشفيات عاجزة عن إجراء عمليات جراحية محددة بسبب أزمة استيراد المعدات والمستلزمات الطبية في ظل شح الدولار، وتراكم الديون المستحقة على الدولة منذ عام 2011.
لكن ما ينقذ لبنان اليوم هو وجود مستشفى الحريري الحكومي الجامعي الذي يعد صرحا كبيرا وقادرا على استيعاب المئات من الحالات والإصابات خصوصا مع التجهيزات التي حصل عليها لبنان من فرنسا ودول أخرى وكوادر طبية خضعت لتدريبات على كيفية التعامل مع انتشار فيروس كورونا، واحتمال تزايد الحالات المصابة والمشتبه بها.
في معركة مواجهة فيروس كورونا تلعب المستشفيات الحكومية دور البطولة، على الرغم من تواضع إمكاناتها وتأهيلها لهكذا نوع من الحالات، باستثناء مستشفى الحريري الحكومي، الذي يخضع كادره الطبي والتمريضي منذ مدة للتدريبات اللازمة على كيفية التعامل مع انتشار فيروس كورونا، واحتمال تزايد الحالات المصابة والمشتبه بها.
وكشفت مصادر خاصة أنه وفي حال انتشار الفيروس، فإن الخطة ستكون تحويل كامل المستشفى في بيروت إلى مركز مخصص للعلاج من فيروس كورونا، وحصر جميع الحالات فيه. علماً أن باقي المستشفيات الحكومية كمستشفى صيدا والنبطية الحكوميين باتت مؤهلة لاستقبال حالات مُشتبه بإصابتها، غير أن العلاج يبقى محصوراً في مستشفى الحريري الحكومي تجنبا لانتشاره.