وبحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي"، فإن "أول حرب إلكترونية" في إفريقيا اندلعت بين طرفي الأزمة بسبب هذا الملف، إذ يتفاعل العديد من الإثيوبيين والمصريين بالطريقة الوحيدة المتاحة لهم، وهي الإنترنت، ودخلوا في "أول نزاع إلكتروني إفريقي" من نوعه، يتوقع أن تكون له عواقب "بعيدة المدى وطويلة الأمد".
من الضروري العمل على إعادة بناء الثقة بين أطراف أزمة #سد_النهضة من جديد ، حتى قبل استعجال تقديم المسودة إلى الوسيط الإفريقي . #اثيوبيا #السودان #مصر #إثيوبيا #السيادة #Ethiopia #Egypt #sudan pic.twitter.com/KZuNKxi1XW
— محمد بن محمد العروسي (@Alaroosi871) August 28, 2020
ويشير تقرير الكاتبة المقيمة في نيروبي، آينات ميرسي، والذي حمل عنوان "حرب المياه الإثيوبية المصرية قد بدأت"، إلى الهجوم الإلكتروني الذي استهدف منشآت إثيوبية، في يونيو الماضي، ونفذه مجموعة من الشباب المصريين، حيث قاموا بتغيير عناوين صفحات ووضعوا شعارات من قبيل "استعدوا لغضب الفراعنة".
وأشارت المجلة في تقريرها إلى أن مجموعة مكونة من 4 شباب اسمها "سايبر حورس جروب" نفذت هجمات سرية في أواخر يونيو/ حزيران على أكثر من 12 موقعا للحكومة الإثيوبية، ووضعت شعارها على هذه الصفحات.
وحذرت المجموعة في رسالة أسفل الشعار بالقول:
إذا انخفض منسوب النهر، فليسرع كل جنود فرعون. هيئوا الشعب الإثيوبي لغضب الفراعنة.
وقال أحد أعضاء المجموعة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لمجلة "فورين بوليسي": "هناك قوة أكبر من الأسلحة. إنها كانت مهمة سهلة جدا".
في هذا الوقت، قالت وكالة أمن شبكات المعلومات الإثيوبية إنها أحبطت العديد من الهجمات السيبرانية التي دبرتها مصر، بهدف تعطيل الأنشطة الاقتصادية والسياسية في إثيوبيا.
وذكرت الوكالة أن الهجوم كان سيشكل ضغوطا اقتصادية وسياسية ونفسية معقدة في البلاد لو فشلت الوكالة في مكافحة محاولة الاعتداء، واستدعت المؤسسات والأفراد للتحقق من أمن شبكاتهم خاصة قبل استخدامها.
وقالت ليز، التي لديها أكثر من 70 ألف متابع على التطبيق، والتي قوبل مقطعها الساخر بالثناء والتهديدات: "لا توجد دولة أخرى يمكنها إيقافنا، هذا حقنا".
وفي مصر، دشن ناشطون هاشتاغات من بينها egyptnileright وNile4All. أحدهم كتب أنه "يريد التطوع في الجيش المصري لتدمير إثيوبيا وسدها".
No its tbe worst option , but if you starve us because you want to fill your dam too fast we have no option ?? https://t.co/QLF22Udv5P
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) June 14, 2020
وجاء في تقرير المجلة:
نادرا ما كان الشباب مهتما بالمشروع، لكن سد النهضة تحول إلى سبب لاستنفار مشاعر الوطنية في إثيوبيا ومصر، مع انخراط العديد منهم عبر الإنترنت في أول صراع أفريقي من نوعه، والذي سيكون له عواقب بعيدة المدى وطويلة الأمد.
وأشار التقرير إلى الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، عادل العدوي، الذي قالت إنه أحد أكثر رواد مواقع التواصل الاجتماعي حديثا عن وجهة النظر المصرية حول سد النهضة، والذي يتابعه عددا كبيرا من الأشخاص.
في نهاية شهر يونيو/ حزيران، عندما قُتل هاشالو هونديسا، وهو ناشط ومغني مشهور من مجموعة أورومو الإثنية المهمشة تاريخيا، انزلقت البلاد في حالة من الفوضى والتظاهرات التي قتل على إثرها العشرات.
“Abiy Ahmed’s gov’t & his rivals in Tigray are on a collision course over the latter’s plan to hold regional elections in defiance of federal authority. If Tigray proceeds, Abiy’s gov’t is ready to consider any new regional administration illegitimate.” https://t.co/tm658qY3nK
— Adel El-Adawy (@adeladawy) August 15, 2020
نشر عدوي الكثير عن هذه الوقائع، مؤكدا على صعوبة الموقف لكنه أيضا أثار المخاوف، عندما قال إن الإثيوبيين المحبطين طالبوا مصر بشكل خاص بالإطاحة بالحكومة الإثيوبية.
وقال عدوي إنه بعد ذلك تلقى مئات الإضافات على "فيسبوك" من حسابات إثيوبية، ووصلته رسائل تتضمن إهانات، وروابط إلكترونية لم يفتحها، مضيفا: "العديد من الحسابات بدت غير حقيقية، المعلومات بها قليلة. الحصول على 600 طلب صداقة خلال ساعة أو اثنين، ليس طبيعيا".
حتى على "تويتر"، تأتي بعض التعليقات على مشاركات عدوي من حسابات مشبوهة؛ تفتقر إلى المتابعين، أو تم إنشاؤها مؤخرا، أو لديها أسماء مستخدمين مملوءة بالأرقام، أو يقومون بالنشر فقط حول السد، بحسب التقرير.
في المقابل يقول إندالكاشيو شالا، أستاذ الاتصالات الإثيوبي في جامعة هاملين في مينيسوتا: "من المحتمل أن تأتي المشاركة من إثيوبيين مهتمين في الداخل والخارج، بتشجيع وليس بأمر من المسؤولين الإثيوبيين. لدي أصدقاء انضموا إلى تويتر فقط من أجل هذا. إنه أمر عاطفي وقومي للغاية".
تنخرط الحكومة الإثيوبية على نطاق واسع في "الدعاية الإلكترونية"، وفقًا لتقرير صدر عام 2019 من معهد أكسفورد للإنترنت، حيث تستخدم الوكالات هناك حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يديرها البشر لنشر الدعاية المؤيدة للحكومة، ومهاجمة المعارضة، وتصيد المستخدمين.
ولا توجد أدلة على حملة منظمة من حكومتي البلدين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو لتنفيذ هجمات إلكترونية، إلا أن النشاط الإلكتروني من الأشهر القليلة الماضية "يمثل علامة فارقة"، بحسب المقال.
تعليقا على هجمات "سايبر حورس"، قال غيلبرت نيانديجي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنتدى الدفاع السيبراني في أفريقيا، إن
هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها أشخاص من دولة أفريقية هذه الأنواع من الأدوات الرقمية ضد أشخاص من دولة أخرى، مضيفا: "إنها تعني شيئا واحدا فقط.. أننا يجب أن نتوقع المزيد والمزيد من ذلك".
في مقطع فيديو أنتج بجودة عالية، حذرت صفحة وزارة الهجرة وشؤون المصريين المغتربين على "فيسبوك" أن "أكثر من 40 مليون مصري يواجهون خطر الجفاف والعطش، بسبب نقص المياه الناجم عن بناء إثيوبيا سد أكبر بخمس مرات من احتياجاتها".
وبعيدا عن الصراع الإلكتروني، نجحت جهود الحشد الإثيوبية في تأميل جزء من التمويل الخاص بمشروعها عبر مساهمات المواطنين، والتي بلغت حتى الآن أكثر من 13.9 مليار بر (حوالي 383 مليون دولار أمريكي)، وتخطط أديس أبابا لجمع 1.5 مليار بر خلال السنة المالية الحالية.
وبتوجيه من الرئيس، دونالد ترامب، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أوائل هذا الشهر، تعليق بعض المساعدات لإثيوبيا بسبب "عدم إحراز تقدم" في المحادثات مع مصر والسودان بشأن مشروع سد النهضة المثير للجدل.
تسبب أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا في توترات شديدة مع مصر، التي وصفته بأنه تهديد وجودي، بدافع الخوف من أن يقلل من حصة البلاد من مياه النيل.
فيما تقول إثيوبيا إن
السد الذي تبلغ تكلفته 4.6 مليار دولار سيكون محرك التنمية الذي سينتشل ملايين الناس من براثن الفقر. في الوسط، يشعر السودان بالقلق من التأثيرات على سدوده رغم أنه سيستفيد من الحصول على الكهرباء الرخيصة.
ورغم سنوات من المحادثات بين الدول فشل الثلاثي في التوصل إلى اتفاق. تشمل القضايا الرئيسية المتبقية كيفية التعامل مع تدفقات المياه من السد أثناء فترات الجفاف الطويلة وكيفية حل النزاعات المستقبلية.
وشهد خزان السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب أول تعبئة له في يوليو/ تموز، وهو ما احتفلت به الحكومة الإثيوبية وعزت ذلك إلى هطول الأمطار الغزيرة. وقالت إثيوبيا إنها ستملأ السد باتفاق أو بدون اتفاق مع مصر والسودان.