وزير العدل المغربي محمد بن عبد القادر قال إن "البعض يتكلم عن تهديدات وإكراهات وضغوط تمارس علينا لكي نشرع بسرعة"، خلال مناقشة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب لمشروع قانون رقم 12.18 بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.
وشدد الوزير خلال الجلسة الأسبوع الماضي، على أن "هذه التصريحات الصادرة عن نواب العدالة والتنمية والقائلة إننا نتعرض للضغط لتغيير القوانين المغربية والمس بالسيادة الوطنية، ينبغي إعادة النظر فيها"، بحسب "هسبريس".
وأكد الوزير الاتحادي أنه "ليس هناك ضغوط على الحكومة، ويكفي العودة لتاريخ المصادقة على مشروع القانون في المجلس الحكومي وتاريخ إحالته على مجلس النواب، وهو ما يوضح أن هناك شهورا من المراجعة"، كاشفا أن الحكومة "أعدت لجنة للمراجعة، وبالتالي لا يوجد أي ضغط، كما أنه لم يتم تحديد أي وقت للجنة للمصادقة على القانون".
أسباب الجدل
في هذا الصدد أكد خبراء مغاربة أن التعديلات الخاصة بالقانون هي ضرورية، وأن المخاوف المتعلقة به ليست في محلها.
قال رشيد ساري الخبير الاقتصادي المغربي، إن حالة الجدل بشأن قانون مكافحة غسل الأموال هو نابع بالأساس لتخوف البعض من التداعيات السلبية على الاقتصاد المغربي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذه التخوفات خاطئة، خاصة أن القانون معمول به في دول متقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول عربية كمصر والكويت، اللتين تعدان سباقتين في المنطقة العربية لفرض قانون مكافحة غسل الأموال الذي يخضع لمراقبة دولية من طرف "غافي" التي تقوم بتقييم مدى انخراط الدول في تطبيق القانون.
متغيرات عالمية
وأشار رشيد إلى أن المغرب ملزم بإتمام هذا القانون الذي يتم تحيينه من فترة لأخرى، على اعتبار أن وسائل التدليس والخدع تتغير من حين لآخر، خاصة مع التطور التكنولوجي، الذي يستغل لأغراض تخريبية من طرف المنظمات الإرهابية عبر مجموعة من التمويلات الغير مشروعة.
وأوضح أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية وتشريعية مهمة ستمكن حتما من إرساء نوع من الثقة للفاعلين الاقتصاديين، خاصة المستثمرين الأجانب اللذين يبحثون عن الاستقرار الأمني والشفافية في المعاملات الاقتصادية.
الفئة المعارضة
بشأن الفئة المعارضة لعملية إتمام القانون يرى ساري أنهم خارج التغطية لما يقع من أحداث في العالم، مع تنامي جرائم غسل الأموال والإرهاب الذي يتربص بالجميع.
ضرورة التعديلات
في الإطار ذاته قال الخبير الاقتصادي المهدي الفقير، إن مشروع القانون المتمم للقانون الجنائي أتى لتشديد الرقابة والعقوبات وإعادة النظر في الحدود الدنيا والقصوى الخاصة بالقانون.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن النقاش الحاصل والجدل أقرب للحالة السياسية من الحالة القانونية، وأن ما صرح به وزير العدل المغربي موجه لفصيل سياسي محدد.
وشدد على ضرورة إجراء بعض التعديلات من حين لآخر على مثل هذه القوانين لما يطرأ على المشهد العالمي من تغيرات.
ويمكّن مشروع القانون السلطات الحكومية من تعقب الأموال غير المشروعة وضبطها، تمهيدا لمصادرتها في النهاية، وملاءمة المنظومة التشريعية الوطنية مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا الباب من طرف مجموعة العمل المالي.
وأضاف المشروع عقوبات تأديبية إلى العقوبات التي تصدرها سلطات الإشراف والمراقبة في حق الأشخاص الخاضعين، كالتوقيف المؤقت أو المنع أو الحد من القيام ببعض الأنشطة أو تقديم بعض الخدمات.
ويهدف النص إلى تجاوز أوجه القصور التي تضمنها نص القانون الحالي، المستمدة أساسا من المؤاخذات التي أبان عنها التقييم المتبادل في جولتيه الأولى والثانية، وتفاديا أيضا للجزاءات التي يمكن أن تصدر عن الهيئات المذكورة، والتي من شأنها التأثير على الجهود التي تبذلها المملكة المغربية في تحصين نظامها المالي والاقتصادي.
وتتجلى أبرز تعديلات القانون المعروض على البرلمان في رفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص الذاتيين في جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في الفصل 3-574 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك تماشيا مع المعايير الدولية التي تدعو إلى ردع المتورطين في "الأموال القذرة"، بحسب نفس الموقع.