يرى مراقبون أن الأوضاع قد تحسنت تدريجيا في الإقليم بشكل ملحوظ عقب ثورة ديسمبر/ كانون أول 2018، وتقلصت الاشتباكات الدموية والقتال القبلي والإثني والعمليات العسكرية بين الحركات المسلحة والحكومة، هذا بالإضافة إلى انخراط الجانب الأكبر من تلك الحركات في العملية السلمية والتوقيع على اتفاق السلام في جوبا، لذا فإن مجلس الأمن الدولي يرى الآن أن البعثة المشتركة قد أدت مهمتها في المراقبة، والإقليم يحتاج إلى بعثة جديدة ذات طابع اجتماعي وإنساني لإصلاح بعض ما دمرته الحرب.
يقول المحلل السياسي السوداني عبد الله اسحق، إن
"قرار مجلس الأمن بسحب القوات الأممية من إقليم دارفور جاء بعد أن تبين للمنظمة الدولية أن الأوضاع قد استقرت في الإقليم عقب الثورة وتوقيع اتفاق سلام بين الحركات المسلحة والحكومة، وإن ما تبقى من حركات لم توقع حتى الآن يجري التفاوض معها للحاق بالاتفاق".
استقرار ملحوظ
وأضاف لـ"سبوتنيك" أن الوضع في دارفور بعد الثورة تغير إلى الأفضل عما كان عليه في عهد النظام السابق، هذا التحسن شجع بعثة المراقبة الأممية الموجودة في دارفور أن تقيم الوضع في الإقليم بأنه وصل إلى درجة الاستقرار، على الرغم من وجود قوات لـ عبد الواحد نور في جبل المرة وهى أكبر سلسلة جبلية موجودة في
وأشار إسحاق إلى أن الاقتتال الإثني والقبلي في الإقليم توقف الآن بصورة كبيرة، هذه المعطيات أعطت مؤشر إيجابي على يسير نحو الاستقرار، ما يشجع على إنهاء عمل البعثة والاستعاضة عنها بمشروعات تنموية وخدمية تمكن النازحين واللاجئين من العودة إلى دورهم، التي فقدوها في العام 2003.
6 أشهر للمراقبة
وتابع: "عملية انهاء عمل البعثة الأممية ليس في نهاية الشهر كما يتوقع البعض، بل سوف يستمر عملها لمدة 6 أشهر قادمة تقول خلالها بالسحب التدريجي لأعضائها مع إحلال القوات الشرطية والأمنية المحلية، حيث ستظل البعثة تراقب الأوضاع على الأرض طوال الأشهر القادمة حتى تتأكد من أن الأمور تسير نحو الاستقرار أكثر مما هى عليه الآن، وإذا حدث أي تطور على الأرض، هناك بعثة أممية أخرى لاحتواء الأمر ولتنفيذ المهمة الموكلة إليها في الإقليم".
وأوضح المحلل السياسي أن "هناك قوة سودانية مشتركة تكونت وفق ما تم التوافق عليه في اتفاق السلام، ويبلغ قوام تلك القوة 12 ألف عنصر أمني وعسكري مهمتها حماية المدنيين في دارفور بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية المتبقية الآن، حيث تقوم تلك القوة بحماية معسكرات النازحين واللاجئين وتأمين قرى العودة، بالإضافة إلى المهمة التوعوية والقوافل الإنسانية، كما ستتصدى تلك القوة إلى أي عمل تقوم به أي من المجموعات المسلحة في الإقليم، وإذا ما تمت تلك الترتيبات وفق الخطط الموضوعة، بكل تأكيد سيكون الوضع أفضل مما هو عليه الآن".
مهام جديدة
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني عبد المنعم العسيل، إن قرار سحب البعثة الأممية من دارفور، في اعتقادي، قرار مناسب، والأجهزة الأمنية والقوات النظامية متواجدة الآن في الإقليم، الأمر أدى إلى استقرار الأوضاع بشكل أفضل شعر به المواطن خصوصا بعد فتح الطرق بين الولايات، خصوصا بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومنحه الحصانة السيادية.
تداعيات الحرب
وأشار العسيل إلى أن البعثة الجديدة ستحقق استفادة أكبر للمواطن في الإقليم، نظرا لأن البعثة الحالية كانت تنفق كل مخصصاتها في صورة مرتبات لأعضائها، ولم يكن لها أي دور تنموي على الأرض، الواقع الآن في الإقليم بعد الثورة تغير كثيرا حيث أن الأجهزة الأمنية أصبحت موجودة بشكل كبير وقادرة على حماية المواطن.
وأوضح أن بعض المناوشات القليلة التي تحدث هى من تداعيات الحرب التي أثرت على كل القطاعات بما فيها البنية التحتية، لذا فإن استقرار الأوضاع في دارفور يحتاج إلى الكثير من الدعم من جانب المنظمات والمجتمع الدولي بجانب المجهودات الحكومية من أجل سد الفراغات التي أفرزتها الحرب.
قرر مجلس الأمن الثلاثاء الماضي إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة المشتركة مع الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور السوداني في 31 ديسمبر الجاري. وسيبدأ الخفض التدريجي للقوات مع نهاية العام الجاري على أن تنسحب بشكل كامل خلال ستة أشهر.
وتعهدت الحكومة المدنية التي تدير السودان مع الجيش في فترة انتقالية منذ الإطاحة بالبشير بإنهاء الصراع، وتجري محادثات مع بعض الجماعات المتمردة التي قاتلت ضد حكومة البشير في دارفور ومناطق أخرى من البلاد ولم توقع على اتفاق السلام الأخير في جوبا.
واندلع الصراع في دارفور في 2003 بعد أن ثار متمردون أغلبهم ليسوا من العرب على حكومة الخرطوم، ووجهت اتهامات لقوات الحكومة وميليشيا أغلبها من العرب تم حشدها لقمع التمرد بارتكاب أعمال وحشية واسعة النطاق وإبادة جماعية، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في هذا الصراع.