هل تنجح تلك المبادرة في رأب الصدع وعلاج جراح الماضي؟
يقول المحلل السياسي والمستشار الإعلامي السابق بسفارة السودان في الدوحة، سيف الدين البشير، إن "الكثير من المبادرات والشعارات في السودان تحمل معاني سامية، والكثير من الأحزاب والقوى السياسية تتحدث وتصدر لنا عناوين رائعة ومقبولة إنسانيا ووطنيا، لكن المشكلة أننا نتحدث عن السلام المجتمعي وعن التسامح وقبول الآخر، في الوقت التي لا توجد تلك المصطلحات بصورة فعلية على الأرض.
وحول ماهية السلام المجتمعي الذي تتحدث عنه مبادرة ميثاق السلام والتسامح المجتمعي قال سيف الدين البشير: "لا أعتقد أن مثل هذه المبادرات يمكن أن تحمل معها فلول النظام السابق أو الإسلاميين، لأن هناك خلافات حادة بين القوى والأحزاب السياسية الحالية وبين القوى التي كانت إبان حكم البشير".
وقال: "علاوة على ذلك فإن القوى السياسية والأحزاب الحالية تحتاج أولا إلى تمهيد الطرق فيما بينها قبل الانتقال للمراحل التالية وتوسيع الدائرة".
وتابع: "على سبيل المثال منذ عامين يدور الحديث حول تكوين المجلس التشريعي وإلى الآن لم تتحقق خطوات على الأرض وكذلك الخلافات حول مجلس الشركاء، فإذا كنا لا نستطيع حل خلافات الشركاء فيما بينهم، فكيف يكون الحديث عن مبادرات شاملة، لذا كان يفترض وضع أطر للتعاون البيني وفق المشركات أولا، ثم يتم البناء عليه، على أساس أن البناء على المشترك هو الذي يمكنه تحقيق شيء على الأرض".
الصراعات العرقية والشراكة الداخلية
وأكد البشير أن "القضية ليست قضية مبادرات ومواثيق بقدر ما هى خطط عميقة طويلة الأجل ومستدامة لمحاولة لم الشمل للأطراف الحاكمة حاليا، فنحن نحتاج على الأقل في الوقت الراهن إلى أطر حاكمة للشراكة الداخلية، بعدها ننطلق إلى إفشاء السلام والتسامح للمجتمع ككل بالإضافة إلى الوفاق السياسي"، مضيفا: "من السهل جدا وضع عنوان دون التطبيق على الأرض".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "يجب تفعيل الآليات القانونية بالنسبة للعدالة الانتقالية، تلك المبادرات مهمة ولكنها لن تستطيع ترسيخ التعايش السلمي وتعزيز السلام".
وتابع النور: "مبادرة ميثاق السلام المجتمعي التي وقعت عليها الأحزاب والقوى السياسية ليست وقتية وهى مستمرة بالتزامن مع القوانين الانتقالية، لأن ما حدث من شروخ مجتمعية وصراع عرقي لا يزال مستمرا في دارفور ومناطق أخرى، وهذا يحتاج إلى عمل مستمر، لكن الدور الرئيسي يجب أن تقوم به آليات فاعلة مرتبطة بالقانون ومعالجة المشاكل من جذورها، لذا فتلك المبادرات هي لحسن النوايا وليست لبناء سلام وترسيخ السلم والتعايش السلمي.
الأساس السياسي ومبادرة التسامح المجتمعي
وأشار إلى أن مبادرة ميثاق السلام لم تقم على أساس سياسي، بل هى مبادرة من مؤسسات وقوى مجتمع مدني وبعض القوى السياسية المهتمة بهذا الشأن وليست قوى رسمية تابعة للنظام السياسي، لذا لا يتوقع أن تقصي مثل تلك المبادرات أي من القوى السياسية والمجتمعية الأخرى، لأنها تريد معالجة الشروخ التي حدثت، وليس وضع حواجز جديدة.
ودعت المبادرة لبناء تحالف وطني عريض يقوم على التسامح والمصلحة الوطنية العليا، للحفاظ على أمن وسلامة البلاد، وشددت على العمل لتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، بجانب العمل لصالح دولة المؤسسات، والعمل على بث روح التعايش السلمي.
وقال رئيس مؤتمر المبادرة الخبير الاستراتيجي البروفيسور محمد حسين أبو صالح: "نحتاج لخطاب سياسي جديد تعلو فيه قيمة الحقوق حتى لا نصل لمرحلة تفتيت السودان إلى دويلات، وشدد على ضرورة تخطي وتجاوز مرارات الماضي".
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.