بداية يقول المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الأشرم، إن مؤتمر دول جوار العراق الذي دعى إليه مصطفى الكاظمي في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها البلاد، هو تحرك جيد إذا ما كان نابعا من الداخل، لأن العراق يحتاج إلى عملية التواصل الإقليمي مع دول الجوار والمنطقة، ومحاولة جمع الأطراف المجاورة والإقليمية على مائدة واحدة، لأن هذا سوف يكون في صالحه في معظم الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، لذا فإن هذا التحرك وفق الشروط التي ذكرناها، هو تحرك إيجابي، إذا تمكنت تلك الدول من تحجيم الدور الإيراني المهيمن على العراق وقراره السيادي.
نقلة نوعية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "تلك الدعوة هى نقلة نوعية يجب أن يستفيد منها العراق، لكن هل تمت تلك النقلة بموافقة العراق دون أن يكون له رأي أو مشورة، وهذا هو السؤال الذي يجب أن نركز عليه، ويجب على الدول التي تدخل مع العراق في مثل هكذا مؤتمرات أن تأخذ بعين الاعتبار، هل هذا المؤتمر يأتي لخدمة العراق والمنطقة في وجه التهديدات وعدم الاستقرار والتصدى للإرهاب والمشاريع الأجنبية العالقة في العراق والدول العربية، أم هناك أهداف أخرى إقليمية وراء عقد هذا اللقاء".
وتابع المحلل السياسي: "أما إذا كان هذا المؤتمر من أجل إرسال الرسائل النظرية للرأي العام في الداخل العراقي أو في الخارج، فهي أمور مكررة عفا عليها الزمن، وجربنا الكثير منها طوال السنوات الماضية، فالكثير من المؤتمرات ذات النطاق العالمي أو الإقليمي وحتى اللقاءات الفردية، علينا أن ندرس مردود هذه المؤتمرات على الشارع العراقي وعلى الدول العربية والإقليمية، يجب أن يكون هناك مردود لمثل هذه اللقاءات على الداخل الذي يعيش أزمة حقيقية عسكرية وأمنية وزراعية واقتصادية وصحية، علاوة على ارتهان بلد بالكامل إلى النفوذ الخارجي".
القرار السيادي
وتساءل الأشرم، عن الحضور الإيراني في هذا المؤتمر، وما الذي يؤشر إليه حضورها، وهل لديها ما تقوله في هذا المضمار، هذه هي المؤتمرات التي يجب أن تنجح، أما المؤتمرات الشكلية في الإطار النظري كما حدث في مؤتمرات دعم وبناء العراق، جميعها لم نلمس لها أي ايجابيات على الأرض، الأمر الذي ولد نوعا من اليأس لدى الجماهير وعدم الثقة في أي من تلك اللقاءات.
واستطرد: "هل الكاظمي يمتلك مقدرة حقيقية على أن يقود موقف العراق في مثل هكذا مؤتمر، بشكل سيادي ومستقل عن الإراده والنفوذ الإيراني، أم أنه محكوم بأجندات والأحزاب والميليشيات المدعومة من إيران والتي لها أنشطة عسكرية خارج منظومة الدولة، وتمتلك السلاح المنفلت الذي يمكن أن يهدد الدولة بشكل كامل، وتستطيع أيضا أن تؤثر في الكاظمي الذي جاء أيضا بموافقة تلك الأحزاب والمليشيات، فهل باستطاعة الكاظمي أن يتمرد على كل تلك المآلات التي أوصلته إلى رئاسة الوزراء، فكم من القرارات التي اتخذها الكاظمي حول تحيد الميليشيات والقضاء على الفساد واستعادة سيادة الدولة، بعد تلك الشهور اكتشفنا أن جميعها أقوال وليست أفعال على أرض الواقع".
عمل تجميلي
وتابع في حديثه لـ"سبوتنيك"، ما يؤكد شكلية تلك المؤتمرات، أنه لا توجد خطة عمل ولا أهداف للعراق، وكل ما يجري في أي مؤتمر محلي أو دولي أن المشاركين ينسون ما دار في المؤتمر بمجرد خروجهم من قاعة المؤتمر، لكن بعض الجهات تريد تجميل صوره الكاظمي من أجل الإبقاء عليه أطول مدة ممكنة، لأنهم يعلمون أن التغيير سوف يدخلهم في دوامة جديدة.
وعود زائفة
وأكد النزال: "عدم ثقته وتصديقه لأي من التصريحات الحكومية حول إجراء الانتخابات في موعدها وبنزاهة تامة، حيث أن كل الوعود التي أطلقها رؤساء الحكومات العراقية بالتعاقب منذ العام 2003 وحتى الآن، جميعها كانت وعود غير حقيقية ولم تنفذ، لذلك لا نستطيع الحكم على إجراء الانتخابات المقررة، فربما لا تجري ويبقى الكاظمي، والشعب العراقي قرر مقاطعة الانتخابات هذه المرة أكثر من المرة السابقة التي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 18 في المئة".
ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" وفقا لما نقلته عن مصدر عراقي أنه من المقرر عقد المؤتمر في الأيام العشر الأخيرة من شهر أغسطس/ آب الجاري على مستوى القمة، وأنه لن يقتصر على دول جوار العراق سواء كانت عربية أم إسلامية فقط بل ستمتد الدعوات إلى دول أخرى في الجوار الإقليمي لهذا البلد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول، لم تسمه: "من أهم ما يناقشه المؤتمر التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها دول المنطقة سواء في سياق علاقاتها الثنائية أو على صعيد مجمل التحولات والتأثيرات الإقليمية الآنية والمستقبلية".
وكان العراق قد شهد احتجاجات متتالية انطلقت شرارتها الأولى في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها للشعب العراقي.