أسباب عدة يراها المراقبون بأنها تدفع نحو احتمالية اندلاع احتجاجات عارمة في لبنان، خاصة بعد خروج الشارع في ذكرى 4 أغسطس/ آب، المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت، وكذلك استمرار منظومة الحكم الحالية التي فقد الشارع فيها الثقة.
رغم التوترات التي تعيشها المنطقة وما يحدث بين "حزب الله" وإسرائيل من جهة، وما تشهده الدول المجاورة من جهة، إلا أن الخبراء يرون أن الاحتقان في الشارع اللبناني إثر تردي الأوضاع هو ما قد يدفع نحو احتجاجات متواصلة.
مواجهات عنيفة
بالأمس اندلعت مواجهات عنيفة في بيروت بعد ظهر الأربعاء، 4 أغسطس/ آب، أمام البرلمان وسط العاصمة اللبنانية، بين متظاهرين يحيون الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، وقوات الأمن اللبنانية الموجودة لحماية المكان.
واستخدمت خلال المواجهات الحجارة والقنابل المسيلة للدموع، بالإضافة إلى المولوتوف وخراطيم المياه، مما أدى إلى سقوط 12 جريحا و50 مصابا بحسب الصليب الأحمر اللبناني.
وفي سياق آخر دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسان دياب، الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، للضغط على إسرائيل وإلزامها باحترام القرار 1701 ووقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية.
وشدد دياب في بيان على
"ضرورة عودة الهدوء، ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية، والتي بلغت ذروتها يوم أمس من خلال الغارة التي نفذها طيران العدو على الأراضي اللبنانية والتي شكلت تهديداً مباشراً وقوياً للقرار 1701".
مقومات السيادة
قال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، اليوم الجمعة، إن لبنان ليس جزءا من الاشتباك الإيراني الإسرائيلي في بحر عُمان.
وأكد الحريري عبر تغريدة نشرها بحسابه الشخصي على تويتر، أن الدولة اللبنانية بقواها العسكرية والأمنية الشرعية هي المسؤولة عن حماية المواطنين وتوفير مقومات السيادة.
تحذيرات من انفجار داخلي
يما يتعلق بالأوضاع الداخلية والاحتجاجات الشعبية، قال الباحث السياسي اللبناني، بشارة خير الله، إن الأمر في لبنان لا يجب أن يتوقف عند 4 أغسطس/ آب، وأن إظهار الحقائق يستوجب النضال المستمر.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن النتائج التي حققتها الاحتجاجات السابقة لم تكن المطلوبة، وأن الضغط الدائم نحو تحقيق الإصلاحات السياسية، بما يعني التمسك بالمطالب المحددة.
وشدد على ضرورة تحصين القضاء من أي سلطة سياسية وهو مطلب أساسي، ومنع السياسيين من الاستقواء على القضاء اللبناني.
توترات مرتقبة
وأشار إلى أن كافة المؤشرات تشير إلى ان الأيام المقبلة قد تشهد احتجاجات كبيرة، خاصة أن السلطات الحالية لم تستطع العودة للطريق الصحيح من أجل البناء والإصلاحات في ظل تزايد الإخفاقات من قبل السلطة السياسية.
وحذر خير الله من ارتفاع حالات العنف في الاحتجاجات التي قد تندلع في أي لحظة، خاصة في ظل ارتفاع حالات الاحتقان بين المواطنين.
محطة مفصلية
من ناحيته قال المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب، إن 4 أغسطس هي محطة مفصلية في تاريخ الشعب اللبناني.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن:
الذين شاركوا في احتجاجات 4 أغسطس، هم أهالي الضحايا وأقاربهم ومن تضامن معهم، إلا أن كل ما يحدث في لبنان يشبه 4 أغسطس/آب.
وأشار إلى أن الأحزاب التي تمسك بالسلطة لديها قواعدها الجماهيرية، إلا أن الأغلبية الساحقة ضد الذين يسيطرون على السلطة اليوم.
وشدد على أن ساعة الحساب آتية، إما من خلال انفجار شعبي يقلب الأمور بشكل مغاير تماما، أو من خلال صناديق الاقتراع، أو من خلال توازنات أو فعل خارجي.
وتابع أن كل محطة قضائية في التحقيقات التي يجريها القاضي طارق بيطار هي نقطة انطلاق للاحتجاج على الوضع القائم والمنظومة التي تحكم لبنان.
فيما قال أسعد بشارة أن الأغلبية من الشارع اللبناني ضد منظومة الحم الحالية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه حال عدم حدوث التغيير في وقت قريب يمكن أن تندلع احتجاجات غير مسبوقة.
ويرى أن الاضطراب التي يعيشها لبنان تدفع به نحو "الدولة الفاشلة"، وأن الانفجار الشعبي في الشارع قد يصعب ضبطه وما يمكن أن يتجه إليه.
واحتدم الوضع الأمني جنوباً بعد تنفيذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على مناطق إطلاق الصواريخ في لبنان. فيما أعلن "حزب الله" في بيان أنه "عند الساعة 11:15 من ظهر اليوم الجمعة، ردت المقاومة الإسلامية على الاعتداءات الصهيونية على لبنان باستهداف محيط مواقع العدو الاسرائيلي في مزارع شبعا بصليات صاروخية من مناطق حرجية بعيدة تماماً عن المناطق السكنية حفاظا على أمن المواطنين، ولدى عودة المقاومين من عملهم وأثناء مرورهم بمنطقة شويا في قضاء حاصبيا، أقدم عدد من المواطنين على اعتراضهم".
وأكد الحزب أن "المقاومة كانت ولا تزال وستبقى، من أحرص الناس على أهلها وعدم تعريضهم لأي أذى خلال عملها المقاوم، وهي التي تدفع الدماء الزكية من شبابها لتحافظ على أمن لبنان ومواطنيه".