محللون: مستقبل سوريا بين الديمقراطية والنزاعات المسلحة بعد سقوط النظام
© AP Photo / Omar Sanadikiصورة عملاقة للرئيس السوري، بشار الأسد، ملقاة على الأرض، بينما يقف مقاتل من المعارضة المسلحة بالقرب منها، داخل القصر الرئاسي في دمشق، سوريا، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024
صورة عملاقة للرئيس السوري، بشار الأسد، ملقاة على الأرض، بينما يقف مقاتل من المعارضة المسلحة بالقرب منها، داخل القصر الرئاسي في دمشق، سوريا، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024
© AP Photo / Omar Sanadiki
تابعنا عبر
حصري
أعلنت المعارضة المسلحة سيطرتها على العاصمة دمشق، وسقوط النظام بشكل رسمي، ومع هذا التحول الكبير، يبرز التساؤل حول مستقبل سوريا وشعبها في الأيام والسنوات المقبلة.
فهل ستتمكن البلاد من تحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، أم أنها ستسلك طريقا مشابها لدول عربية أخرى غرقت في دوامة النزاعات والحروب الأهلية، التي أدت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتشتيت أهلها؟
لحظة مفصلية لبناء سوريا
قال المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي: "لا نتمنى لشعب سوريا إلا الخير، فهذه سُنّة كونية، الحكام يسقطون أو يبقون، لكن الأهم الآن هو أن سوريا، بعد 14 عاما من الحرب منذ اندلاع الثورة، تقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب بناء دولة حديثة تُحقق تطلعات شعبها".
وأضاف العبدلي في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "نظام بشار الأسد يمثّل حقبة مهمة في تاريخ سوريا، بجميع إيجابياتها وسلبياتها، لكنه ارتكب أخطاء جسيمة، أبرزها عدم السعي للمصالحة مع أبناء شعبه، خاصة بعد هزيمة المعارضة في 2017 - 2018".
وأكد أن "غياب المرونة لدى الأسد، ورفضه فرص التطبيع مع تركيا، أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية".
وأوضح العبدلي أن "بشار الأسد أضاع الفرصة الأخيرة لتحقيق السلام ووقف الشتات السوري، كان من الممكن أن يكون التطبيع مع تركيا نقطة تحول تنقذ سوريا من التشرذم، لكن رفضه للتغيير والتكيف مع الواقع أدى إلى سقوط نظامه الآن، الشعب السوري يواجه مسؤولية كبيرة لبناء دولته الجديدة".
وأشار العبدلي إلى أن "بناء سوريا ديمقراطية يتطلب تجاوز فكرة المهزوم والمنتصر"، مشددا على "ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، وتجنيب البلاد صراعات جديدة".
وأضاف: "روح الانتقام هي عدو الاستقرار، وعلى السوريين التركيز على الوحدة الوطنية لبناء مستقبل أفضل".
وأكد أن بناء دولة ديمقراطية حديثة ليس مستحيلا، ولكنه يتطلب وعيا وجهودا متضافرة من المجتمع الدولي لدعم هذا التحول، وقال: "سوريا بحاجة إلى مؤسسات قوية تعتمد على سيادة القانون والعدالة، مع تفعيل دور الشرطة والقضاء لضمان الحقوق وحماية المواطنين".
التحديات وفرص النجاح
وحذّر حسام الدين العبدلي من "المؤامرات التي قد تستهدف استقرار سوريا، خاصة مع وجود أطراف إقليمية ودولية لها مصالح متضاربة في البلاد".
وقال: "سوريا دولة محورية في المنطقة، وعليها أن تكون حذرة من التدخلات الخارجية، خاصة من الكيان الإسرائيلي، الذي قد يستغل أي انقسام داخلي لتحقيق أهدافه".
ودعا إلى "التركيز على إصلاح المؤسسات وبناء الثقة بين مكونات الشعب السوري"، مشددا على "أهمية معالجة آثار الحرب، سواء كانت نفسية أو جسدية، والعمل على إعادة المهجّرين، والمساهمة في إعادة الإعمار".
وقال: "أنا متفائل بقدرة الشعب السوري على بناء دولة قوية قائمة على المساواة، سوريا تمتلك شعبا واعيا ومثقفا قادرا على مواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل رغم كل الصعوبات، أرى في هذه اللحظة فرصة تاريخية لسوريا لتكون نموذجًا لدولة مؤسسات حديثة في المنطقة".
وأكد العبدلي أن "الدعم الدولي والإقليمي سيكون حاسما في هذه المرحلة"، داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة لسوريا من أجل تحقيق استقرار دائم يضمن سلامة أراضيها ويعيد الأمل لشعبها بعد سنوات من المعاناة".
سيناريوهات متوقعة
من جهته، قال المحلل الليبي، أحمد الزعيليك: "نشهد ونسمع اليوم عن الأحداث الجارية في سوريا، والتي أعتقد أنها كانت مفاجأة كبيرة للعديد من الأشخاص خارج سوريا".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "التفسيرات لما حدث والتحليلات حول ما قد يجري في المستقبل كثيرة ومتشعبة، بعضها منطقي وقريب من الحقيقة، وبعضها الآخر بعيد كل البعد عنها".
وتابع: "بالنسبة لي، لا تعنيني كثيرا هذه التفسيرات أو التحليلات، ما يهمني حقا هو أن يكون مستقبل سوريا أفضل، وأن يستفيد السوريون من دروس ما حدث في دول أخرى شهدت سقوط أنظمتها".
وأوضح أن "التحديات والمخاطر كبيرة، كما أثبتت التجارب السابقة، ولكن هذا هو القدر الذي ساهمنا جميعا، سواء عن قصد أو غير قصد، في صناعته داخل بلداننا، كل ما نتمناه هو أن يكون "القادم أفضل".
من ناحيته، صرح المحلل السياسي، محمد امطيريد، أن "التطورات الأخيرة في سوريا كانت متوقعة في ظل التوترات المتزايدة وإخفاق النظام السوري على عدة مستويات، لا سيما الأمنية والاقتصادية".
وأوضح في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "انشغال حلفاء النظام، مثل الحشد الشعبي الإيراني و"حزب الله" اللبناني في صراعات أخرى، أبرزها المواجهة مع إسرائيل، أثّر سلبا على دعم النظام".
وأضاف أن "هذه الأطراف أصبحت أضعف نتيجة الحرب الأخيرة، مما ترك النظام السوري في عزلة أمام تحركات المعارضة وتحشيدها ضد نظام الأسد".
وأشار إلى أن "هيئة تحرير الشام، التي كان لها في السابق صلات بالقاعدة، لعبت دورا حاسما في هذه التحولات".
وبيّن أن "تصريحات رئيس الهيئة كشفت أن الهجوم جاء ردا على تحركات النظام السوري في حلب والضربات الجوية التي نفذها، هذا التصعيد دفع الهيئة إلى توحيد صفوفها وشن هجوم شامل انتهى بسيطرتها على البلاد، مما أدى إلى انهيار نظام الأسد".
وأكد امطيريد أن "سوريا تواجه اليوم وضعا شبيها بما مرت به ليبيا، عند سيطرة الثوار على البلاد".
وحذّر من أن "هذا السيناريو قد يؤدي إلى فوضى كبيرة، إذا لم تتمكن المعارضة المسلحة من إقامة دولة حقيقية قادرة على معالجة القضايا الداخلية والإقليمية".
وأضاف أن "التحديات الإقليمية، مثل الصراع اللبناني الإسرائيلي والأحداث في غزة، بالإضافة إلى تحركات إيران لتعزيز نفوذها، تزيد من تعقيد الوضع في المنطقة".
وكانت المعارضة السورية المسلحة قد أعلنت، اليوم الأحد، سيطرتها بالكامل على مدن سورية عدة وإسقاط النظام، وأفادت وكالة "رويترز"، نقلا عن مصادر، بأن قيادة الجيش السوري أبلغت الضباط بسقوط "النظام".
وأعلن قائد الجماعات السورية المسلحة أحمد الشرع (الجولاني)، فجر اليوم الأحد، استمرار الحكومة السورية في أداء عملها بإشراف رئيس الوزراء محمد الجلالي، حتى يتم تسليم السلطة.
وفي ساعات الفجر الأولى من اليوم الأحد، قال رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، إنه مستعد للتعاون مع أي قيادة جديدة يختارها الشعب السوري، مضيفا أنه سيظل في منزله، وأبدى استعداده لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة.