https://sarabic.ae/20251230/حملة-تشويه-تستهدف-زيت-الزيتون-التونسي-من-يقف-وراءها-ولماذا-الآن؟-1108726044.html
حملة تشويه تستهدف زيت الزيتون التونسي: من يقف وراءها ولماذا الآن؟
حملة تشويه تستهدف زيت الزيتون التونسي: من يقف وراءها ولماذا الآن؟
سبوتنيك عربي
تجد تونس نفسها مرة أخرى في صدارة جدل أوروبي متصاعد حول زيت الزيتون، أحد أهم أعمدة اقتصادها الوطني ورمز من رموز حضورها في الأسواق العالمية، في ظل ما يعتبره... 30.12.2025, سبوتنيك عربي
2025-12-30T12:05+0000
2025-12-30T12:05+0000
2025-12-30T12:05+0000
تونس
أخبار تونس اليوم
حصري
تقارير سبوتنيك
أخبار العالم الآن
العالم العربي
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e8/08/0c/1091652647_0:0:3618:2035_1920x0_80_0_0_c268495e280e6b22ca2d7a77aa8ecf69.jpg
وتصاعدت حدة الجدل بعد تحذيرات أطلقتها التنسيقية الإسبانية للمنظمات الزراعية والماشية، التي تحدثت عن وجود ما وصفته بـ "زيت زيتون تونسي شبحي" في الأسواق الأوروبية، مشيرة إلى أن عشرات الآلاف من الأطنان تدخل الاتحاد الأوروبي دون الخضوع لمتطلبات التتبع والمصدر والرقابة المفروضة على المنتجين الأوروبيين، ودون وضوح بشأن مصيرها النهائي لدى المستهلكين أو السلطات أو حتى الفاعلين في القطاع.كما طالبت منظمات فلاحية إسبانية الاتحاد الأوروبي بمراجعة الامتيازات الجمركية الممنوحة لزيت الزيتون التونسي، معتبرة أن رفع الحصص التفضيلية دون رقابة صارمة أوجد، وفق روايتها، بيئة مواتية لعمليات تهريب زيت الزيتون الوهمي، وأسهم في انخفاض مصطنع في الأسعار وتزايد المضاربات داخل السوق الأوروبية.ويسمح الاتحاد الأوروبي سنويا بدخول ما يصل إلى 56,700 طن من زيت الزيتون البكر التونسي السائب دون معاليم ديوانية، في إطار اتفاقيات الشراكة مع تونس.خطاب مكررويرى مهنيون تونسيون في هذه الاتهامات خطابا مكررا يعاد إحياؤه كلما تعزز موقع الزيت التونسي في السوق الأوروبية، أو تراجع إنتاج بعض الدول المنافسة بسبب الجفاف أو التغيرات المناخية.ويؤكد هؤلاء أن زيت الزيتون التونسي يخضع لمنظومة رقابة وطنية صارمة ويحمل شهادات جودة معترف بها دوليا، كما أن جزءا كبيرا منه يتم تصديره سائبا ليعاد تعليبه وتسويقه تحت علامات تجارية أوروبية، خاصة إيطالية وإسبانية، وهو ما يطرح، وفق رأيهم، مفارقة لافتة تتمثل في مهاجمة منتج تستفيد منه سلاسل التوزيع الأوروبية نفسها.ويذهب محللون إلى أن توقيت هذه الحملة لا يمكن فصله عن السياق الأوروبي العام، الذي يشهد نقاشات حادة حول سياسات الاستيراد الزراعي في ظل تصاعد احتجاجات المزارعين في عدد من الدول الأوروبية، وارتفاع كلفة الإنتاج، وتداعيات التغيرات المناخية على المحاصيل. ففي هذا المناخ الضاغط، تتحول الواردات القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي، ومنها زيت الزيتون التونسي، إلى شماعة تعلق عليها اختلالات السوق، وتستعمل كورقة ضغط لإعادة التفاوض حول الامتيازات التجارية، وفقا لقولهم.وتتوقع تونس انتاج ما يزيد عن 500 ألف طن من زيت الزيتون خلال الموسم الحالي، وهو ما يجعلها تتصدر المرتبة الثانية من حيث الإنتاج والتصدير الذي يوجّه أساسا إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا.في المقابل، تتصدر إسبانيا الإنتاج العالمي بحصة تقارب 40 إلى 45 بالمائة من الإنتاج العالمي، بمتوسط سنوي يفوق 1.3 مليون طن. بينما تحتل إيطاليا المرتبة الثالثة بمتوسط إنتاج يتراوح بين 250 و300 ألف طن سنويا، ما يجعل البلدين في موقع منافسة مباشرة مع تونس، خاصة في السوق الأوروبية.الزيت التونسي يدفع ثمن نجاحهوفي قراءة لما يجري، يربط آدم سلامة وهو مصدّر لزيت الزيتون ، في تصريح لـ "سبوتنيك"، بين تصاعد الحملة الأوروبية الأخيرة ضد الزيت التونسي وبين التحولات العميقة التي يشهدها سوق زيت الزيتون في الضفة الشمالية للمتوسط، معتبرا أن "ما يروج من اتهامات لا ينفصل عن منطق المصالح وحرب المواقع داخل واحدة من أكثر الأسواق حساسية وربحية".ويؤكد سلامة أن زيت الزيتون التونسي أصبح خلال السنوات الأخيرة لاعبا أساسيا في توازنات العرض والطلب داخل الاتحاد الأوروبي، قائلا إن تونس لم تعد مجرد مزود ثانوي، بل تحولت إلى مصدر استراتيجي تعتمد عليه كبرى شركات التعليب والتوزيع الأوروبية، خاصة في فترات تراجع الإنتاج المحلي بسبب الجفاف أو التقلبات المناخية.وأضاف أن "هذا الحضور القوي خلق انزعاجا لدى بعض اللوبيات التي اعتادت التحكم في السوق والأسعار".ويرى المتحدث، أن الحديث عن زيت زيتون تونسي شبحي يفتقد، بحسب تعبيره، إلى الدقة والموضوعية، موضحا أن الزيت التونسي المصدر إلى أوروبا يمر عبر مسالك قانونية واضحة ويخضع لإجراءات رقابية مضبوطة في بلد المنشأ، قبل أن يدخل منظومات رقابة إضافية داخل الاتحاد الأوروبي.وأضاف سلامة أن جزءا من الجدل الحالي يعود إلى الامتيازات الجمركية الممنوحة لتونس، والتي وصفها بالمحدودة مقارنة بحجم الطلب الأوروبي، مشيرا إلى أن سقف 56 ألف طن سنويا لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من حاجيات السوق الأوروبية. واعتبر أن تصوير هذه الحصة على أنها تهديد للمنتج الأوروبي يندرج ضمن خطاب ضغط سياسي أكثر منه قراءة اقتصادية واقعية.ويذهب المتحدث، إلى أن توقيت هذه الحملة ليس بريئا، موضحا أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون عالميا، وتراجع الإنتاج في بعض الدول الأوروبية، جعلا الزيت التونسي عامل توازن في السوق، وهو ما دفع بعض الأطراف إلى محاولة شيطنته لخلق مبرر لتشديد القيود أو إعادة التفاوض حول الامتيازات.وختم سلامة بالقول إن "زيت الزيتون التونسي سيبقى حاضرا بقوته وجودته، مهما تعددت الحملات، لأن السوق في النهاية تحكمها الجودة وحاجة المستهلك، لا الخطابات الظرفية".السعر هو جوهر الخلافويؤكد الخبير الدولي في التنمية الفلاحية نور الدين نصر، أن الحملات الأوروبية الأخيرة ضد زيت الزيتون التونسي ترتبط مباشرة بالتحولات الكمية والنوعية التي يشهدها القطاع في تونس، خاصة مع اقتراب موسم وصفه بالمفصلي في تاريخ الإنتاج الوطني.وكشف نصر، في تعليق لـ "سبوتنيك"، أن تونس تنتظر خلال الموسم الحالي إنتاجا قياسيا سيتجاوز 500 ألف طن من زيت الزيتون، مقارنة بنحو 340 ألف طن خلال موسم 2024-2025، وهو حجم يضع البلاد، وفق تقديره، في موقع ثاني أكبر منتج ومصدر عالميا بعد إسبانيا.ويرى أن هذا التطور الكمي غير المسبوق يمنح تونس هامشا حقيقيا للتأثير في السوق العالمية، ويجعلها لاعبا قادرا على المساهمة في توجيه الأسعار وتوازنات العرض والطلب، وهو وضع لا يروق، بحسب تعبيره، لمنافسيها التقليديين في إسبانيا وإيطاليا.ويضيف الخبير: "رغم احتفاظ إسبانيا بالصدارة بإنتاج يتجاوز مليون طن، تتابع عن كثب صعود تونس.ويرفض نور الدين نصر التشكيك في جودة زيت الزيتون التونسي، مؤكدا أن هذا الملف محسوم على المستوى الدولي، حيث يتحصل الزيت التونسي سنويا على جوائز عالمية من هيئات ومسابقات معترف بها، وهو ما يعكس، وفق قوله، تطورا حقيقيا في منظومات الإنتاج والجودة والتخزين. واعتبر أن العودة إلى إثارة مسألة الجودة في هذا التوقيت لا تعدو أن تكون أداة ضغط سياسي وتجاري.ويشير الخبير إلى أن جوهر الخلاف يكمن في عامل السعر، موضحا أن "السعر العالمي لزيت الزيتون يبلغ حاليا في حدود 4.8 يورو للتر الواحد، في حين يسوق زيت الزيتون التونسي الموجه للتصدير بسعر يقارب 3.4 يورو، وهو فارق تعتبره الأطراف الأوروبية مضرا بمصالح الفلاحين الإسبان والإيطاليين، خاصة في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج لديهم". ويرى نصر أن هذا الفارق السعري يعكس بالأساس اختلافا في كلفة الإنتاج وليس تدنيا في الجودة، لكنه تحول إلى ذريعة لتأجيج الحملات.ويحذر الخبير من أن تواصل هذه الضغوط يفرض على تونس التفكير جديا في وضع استراتيجية وطنية لحماية زيت الزيتون التونسي، وحماية المنتجين على وجه الخصوص. ويقول إن المفارقة تكمن في أن قطاع زيت الزيتون يعد من بين أهم ثلاثة مصادر للعملة الصعبة في البلاد، ومع ذلك لا يزال يعاني التهميش وضعف التنظيم وغياب رؤية تسويقية واضحة.ويخلص نور الدين نصر إلى أن تونس تعاني أساسا من نقص حاد في التسويق وبناء العلامة، مؤكدا أن المعركة الحقيقية لم تعد في الحقول فقط، بل في الأسواق، حيث لا يكفي الإنتاج الوفير والجودة العالية دون استراتيجية ترويج ذكية تحمي المنتج الوطني وتثمنه، وتخرج به من موقع المورد إلى فاعل متحكم في سلاسل القيمة العالمية.
https://sarabic.ae/20251210/تونس-تتوج-عاصمة-السياحة-العربية-لعام-2027-اعتراف-بتراثها-الثقافي-والأثري--1108002814.html
https://sarabic.ae/20251224/ما-هي-خلفيات-استقالة-الأمين-العام-لـاتحاد-الشغل-في-تونس-وما-تداعياتها؟-1108535445.html
https://sarabic.ae/20251224/ماذا-بعد-الاجتماع-التونسي-المصري-الجزائري-بشأن-ليبيا؟-هل-تلوح-بوادر-حل-توافقي؟-1108514489.html
https://sarabic.ae/20251223/الأمين-العام-لاتحاد-الشغل-التونسي-يقدم-استقالته-1108495754.html
https://sarabic.ae/20251221/بـ300-مؤسسة-صناعية-كيف-أصبحت-تونس-ثاني-أكبر-مصنع-لمكونات-السيارات-في-أفريقيا-1108416925.html
https://sarabic.ae/20251217/بعد-15-عاما-على-اندلاعها-الثورة-التونسية-بين-المنجز-والمؤجل-1108278433.html
https://sarabic.ae/20251217/تونس-من-بين-الأقل-خطرا-في-أفريقيا-لمخاطر-غسل-الأموال-ما-سر-هذا-التقدم-1108260027.html
تونس
أخبار تونس اليوم
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
2025
مريم جمال
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e6/09/13/1067959987_214:0:1067:853_100x100_80_0_0_d9daf8f3185987a92d0b81bcec5c00e3.jpg
مريم جمال
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e6/09/13/1067959987_214:0:1067:853_100x100_80_0_0_d9daf8f3185987a92d0b81bcec5c00e3.jpg
الأخبار
ar_EG
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e8/08/0c/1091652647_0:0:2732:2048_1920x0_80_0_0_90fe3b5d2a985f6bed683e3431dafebb.jpgسبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
مريم جمال
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e6/09/13/1067959987_214:0:1067:853_100x100_80_0_0_d9daf8f3185987a92d0b81bcec5c00e3.jpg
تونس, أخبار تونس اليوم, حصري, تقارير سبوتنيك, أخبار العالم الآن, العالم العربي
تونس, أخبار تونس اليوم, حصري, تقارير سبوتنيك, أخبار العالم الآن, العالم العربي
حملة تشويه تستهدف زيت الزيتون التونسي: من يقف وراءها ولماذا الآن؟
مريم جمال
مراسلة "سبوتنيك" في تونس
حصري
تجد تونس نفسها مرة أخرى في صدارة جدل أوروبي متصاعد حول زيت الزيتون، أحد أهم أعمدة اقتصادها الوطني ورمز من رموز حضورها في الأسواق العالمية، في ظل ما يعتبره مهنيون وخبراء تونسيون حملة تشويه أوروبية منظمة تستهدف المنتج التونسي في توقيت دقيق.
وتصاعدت حدة الجدل بعد تحذيرات أطلقتها التنسيقية الإسبانية للمنظمات الزراعية والماشية، التي تحدثت عن وجود ما وصفته بـ "زيت زيتون تونسي شبحي" في الأسواق الأوروبية، مشيرة إلى أن عشرات الآلاف من الأطنان تدخل الاتحاد الأوروبي دون الخضوع لمتطلبات التتبع والمصدر والرقابة المفروضة على المنتجين الأوروبيين، ودون وضوح بشأن مصيرها النهائي لدى المستهلكين أو السلطات أو حتى الفاعلين في القطاع.
كما طالبت منظمات فلاحية إسبانية الاتحاد الأوروبي بمراجعة الامتيازات الجمركية الممنوحة لزيت الزيتون التونسي، معتبرة أن رفع الحصص التفضيلية دون رقابة صارمة أوجد، وفق روايتها، بيئة مواتية لعمليات تهريب زيت الزيتون الوهمي، وأسهم في انخفاض مصطنع في الأسعار وتزايد المضاربات داخل السوق الأوروبية.
ويسمح الاتحاد الأوروبي سنويا بدخول ما يصل إلى 56,700 طن من زيت الزيتون البكر التونسي السائب دون معاليم ديوانية، في إطار اتفاقيات الشراكة مع تونس.
ويرى مهنيون تونسيون في هذه الاتهامات خطابا مكررا يعاد إحياؤه كلما تعزز موقع الزيت التونسي في السوق الأوروبية، أو تراجع إنتاج بعض الدول المنافسة بسبب الجفاف أو التغيرات المناخية.
ويؤكد هؤلاء أن زيت الزيتون التونسي يخضع لمنظومة رقابة وطنية صارمة ويحمل شهادات جودة معترف بها دوليا، كما أن جزءا كبيرا منه يتم تصديره سائبا ليعاد تعليبه وتسويقه تحت علامات تجارية أوروبية، خاصة إيطالية وإسبانية، وهو ما يطرح، وفق رأيهم، مفارقة لافتة تتمثل في مهاجمة منتج تستفيد منه سلاسل التوزيع الأوروبية نفسها.
ويذهب محللون إلى أن توقيت هذه الحملة لا يمكن فصله عن السياق الأوروبي العام، الذي يشهد نقاشات حادة حول سياسات الاستيراد الزراعي في ظل تصاعد احتجاجات المزارعين في عدد من الدول الأوروبية، وارتفاع كلفة الإنتاج، وتداعيات التغيرات المناخية على المحاصيل. ففي هذا المناخ الضاغط، تتحول الواردات القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي، ومنها زيت الزيتون التونسي، إلى شماعة تعلق عليها اختلالات السوق، وتستعمل كورقة ضغط لإعادة التفاوض حول الامتيازات التجارية، وفقا لقولهم.
وتحتل تونس مرتبة متقدمة عالميا في قطاع زيت الزيتون، إذ تعد من بين أكبر أربعة منتجين في العالم، إلى جانب إسبانيا وإيطاليا واليونان، كما تتراوح مرتبتها بين الثانية والثالثة عالميا في تصدير زيت الزيتون، بحسب المواسم وحجم الإنتاج.
وتتوقع تونس انتاج ما يزيد عن 500 ألف طن من زيت الزيتون خلال الموسم الحالي، وهو ما يجعلها تتصدر المرتبة الثانية من حيث الإنتاج والتصدير الذي يوجّه أساسا إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا.
في المقابل، تتصدر إسبانيا الإنتاج العالمي بحصة تقارب 40 إلى 45 بالمائة من الإنتاج العالمي، بمتوسط سنوي يفوق 1.3 مليون طن. بينما تحتل إيطاليا المرتبة الثالثة بمتوسط إنتاج يتراوح بين 250 و300 ألف طن سنويا، ما يجعل البلدين في موقع منافسة مباشرة مع تونس، خاصة في السوق الأوروبية.
الزيت التونسي يدفع ثمن نجاحه
وفي قراءة لما يجري، يربط آدم سلامة وهو مصدّر لزيت الزيتون ، في تصريح لـ "
سبوتنيك"، بين تصاعد الحملة الأوروبية الأخيرة ضد الزيت التونسي وبين التحولات العميقة التي يشهدها سوق زيت الزيتون في الضفة الشمالية للمتوسط، معتبرا أن "ما يروج من اتهامات لا ينفصل عن منطق المصالح وحرب المواقع داخل واحدة من أكثر الأسواق حساسية وربحية".
ويؤكد سلامة أن زيت الزيتون التونسي أصبح خلال السنوات الأخيرة لاعبا أساسيا في توازنات العرض والطلب داخل الاتحاد الأوروبي، قائلا إن تونس لم تعد مجرد مزود ثانوي، بل تحولت إلى مصدر استراتيجي تعتمد عليه كبرى شركات التعليب والتوزيع الأوروبية، خاصة في فترات تراجع الإنتاج المحلي بسبب الجفاف أو التقلبات المناخية.
وأضاف أن "هذا الحضور القوي خلق انزعاجا لدى بعض اللوبيات التي اعتادت التحكم في السوق والأسعار".
ويرى المتحدث، أن الحديث عن زيت زيتون تونسي شبحي يفتقد، بحسب تعبيره، إلى الدقة والموضوعية، موضحا أن الزيت التونسي المصدر إلى أوروبا يمر عبر مسالك قانونية واضحة ويخضع لإجراءات رقابية مضبوطة في بلد المنشأ، قبل أن يدخل منظومات رقابة إضافية داخل الاتحاد الأوروبي.
ويقول في هذا السياق إن "المشكلة الحقيقية لا تكمن في جودة الزيت أو شفافيته، بل في كونه يدخل في كثير من الأحيان إلى مصانع أوروبية ليعاد تعليبه وتسويقه تحت علامات تجارية محلية، ما يطمس مصدره الأصلي".
وأضاف سلامة أن جزءا من الجدل الحالي يعود إلى الامتيازات الجمركية الممنوحة لتونس، والتي وصفها بالمحدودة مقارنة بحجم الطلب الأوروبي، مشيرا إلى أن سقف 56 ألف طن سنويا لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من حاجيات السوق الأوروبية. واعتبر أن تصوير هذه الحصة على أنها تهديد للمنتج الأوروبي يندرج ضمن خطاب ضغط سياسي أكثر منه قراءة اقتصادية واقعية.
ويذهب المتحدث، إلى أن توقيت هذه الحملة ليس بريئا، موضحا أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون عالميا، وتراجع الإنتاج في بعض الدول الأوروبية، جعلا الزيت التونسي عامل توازن في السوق، وهو ما دفع بعض الأطراف إلى محاولة شيطنته لخلق مبرر لتشديد القيود أو إعادة التفاوض حول الامتيازات.
وختم سلامة بالقول إن "زيت الزيتون التونسي سيبقى حاضرا بقوته وجودته، مهما تعددت الحملات، لأن السوق في النهاية تحكمها الجودة وحاجة المستهلك، لا الخطابات الظرفية".
ويؤكد الخبير الدولي في التنمية الفلاحية نور الدين نصر، أن الحملات الأوروبية الأخيرة ضد زيت الزيتون التونسي ترتبط مباشرة بالتحولات الكمية والنوعية التي يشهدها القطاع في تونس، خاصة مع اقتراب موسم وصفه بالمفصلي في تاريخ الإنتاج الوطني.
وكشف نصر، في تعليق لـ "سبوتنيك"، أن تونس تنتظر خلال الموسم الحالي إنتاجا قياسيا سيتجاوز 500 ألف طن من زيت الزيتون، مقارنة بنحو 340 ألف طن خلال موسم 2024-2025، وهو حجم يضع البلاد، وفق تقديره، في موقع ثاني أكبر منتج ومصدر عالميا بعد إسبانيا.
ويرى أن هذا التطور الكمي غير المسبوق يمنح تونس هامشا حقيقيا للتأثير في السوق العالمية، ويجعلها لاعبا قادرا على المساهمة في توجيه الأسعار وتوازنات العرض والطلب، وهو وضع لا يروق، بحسب تعبيره، لمنافسيها التقليديين في إسبانيا وإيطاليا.
ويضيف الخبير: "رغم احتفاظ إسبانيا بالصدارة بإنتاج يتجاوز مليون طن، تتابع عن كثب صعود تونس.
وهذا الواقع الجديد يفسر جزئيا تصاعد الخطاب التشكيكي، الذي تقوده لوبيات مرتبطة بمصالح فلاحية وصناعية أوروبية تخشى فقدان السيطرة على السوق".
ويرفض نور الدين نصر التشكيك في جودة زيت الزيتون التونسي، مؤكدا أن هذا الملف محسوم على المستوى الدولي، حيث يتحصل الزيت التونسي سنويا على جوائز عالمية من هيئات ومسابقات معترف بها، وهو ما يعكس، وفق قوله، تطورا حقيقيا في منظومات الإنتاج والجودة والتخزين. واعتبر أن العودة إلى إثارة مسألة الجودة في هذا التوقيت لا تعدو أن تكون أداة ضغط سياسي وتجاري.
ويشير الخبير إلى أن جوهر الخلاف يكمن في عامل السعر، موضحا أن "السعر العالمي لزيت الزيتون يبلغ حاليا في حدود 4.8 يورو للتر الواحد، في حين يسوق زيت الزيتون التونسي الموجه للتصدير بسعر يقارب 3.4 يورو، وهو فارق تعتبره الأطراف الأوروبية مضرا بمصالح الفلاحين الإسبان والإيطاليين، خاصة في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج لديهم". ويرى نصر أن هذا الفارق السعري يعكس بالأساس اختلافا في كلفة الإنتاج وليس تدنيا في الجودة، لكنه تحول إلى ذريعة لتأجيج الحملات.
ويحذر الخبير من أن تواصل هذه الضغوط يفرض على تونس التفكير جديا في وضع استراتيجية وطنية لحماية زيت الزيتون التونسي، وحماية المنتجين على وجه الخصوص. ويقول إن المفارقة تكمن في أن قطاع زيت الزيتون يعد من بين أهم ثلاثة مصادر للعملة الصعبة في البلاد، ومع ذلك لا يزال يعاني التهميش وضعف التنظيم وغياب رؤية تسويقية واضحة.
ويخلص نور الدين نصر إلى أن تونس تعاني أساسا من نقص حاد في التسويق وبناء العلامة، مؤكدا أن المعركة الحقيقية لم تعد في الحقول فقط، بل في الأسواق، حيث لا يكفي الإنتاج الوفير والجودة العالية دون استراتيجية ترويج ذكية تحمي المنتج الوطني وتثمنه، وتخرج به من موقع المورد إلى فاعل متحكم في سلاسل القيمة العالمية.