أثناء عملية برلين للجيش الأحمر في أوائل مايو/أيار 1945، اعتقل ضباط مكافحة التجسس السوفييت، في بوتسدام، مسؤولًا كبيرًا في وزارة التعليم والدعاية للرايخ، غروبنفوهرر فيرنر فاختر، الذي كان نائبًا للدعاية لأحد القادة النازيين.
في 12 سبتمبر/أيلول 1945، أرسل رئيس قطاع العمليات في برلين التابع للاتحاد السوفييتي، اللواء أليكسي سيدنيف، رسالة خاصة إلى نائب مفوض الشعب للشؤون الداخلية العقيد جنرال، إيفان سيروف، حول التقدم المحرز في التحقيق في قضية فاختر. ويتم الآن نشر نسخة من هذه الوثيقة.
كما اتضح أثناء الاستجوابات، كان فاختر مدركًا جيدًا لحملة التضليل الواسعة النطاق للتحضير لهجوم مفاجئ على الاتحاد السوفييتي.
عُهد إلى فاختر مهمة استخدام الدعاية الكاذبة لإخفاء الاستعدادات لغزو الاتحاد السوفييتي عن سكان ألمانيا وعن حكومات أوروبا الغربية وبالتالي جعل الهجوم "غير متوقع وناجح بشكل خاص".
اعترف فاختر بأنه "من أجل خداع الرأي العام وإقناع الجميع بأن الاتفاقية مع الاتحاد السوفييتي أقوى من أي وقت مضى، قامت وزارة الدعاية، والمديرية الرئيسية للدعاية في الحزب النازي، من خلال منظماتها وعملائها، بنشر شائعات استفزازية".
تم نقل شائعات حول الوصول الوشيك المزعوم، لجوزيف ستالين، أو مفوض الشعب للشؤون الخارجية للاتحاد السوفييتي، فياتشيسلاف مولوتوف، وقال فاختر: "لجعل هذه الشائعات أكثر احتمالا، قامت العديد من المصانع في ألمانيا بإنتاج أعلام الاتحاد السوفييتي، وحُذر من الضرورة الملحة والأهمية الخاصة لهذا الأمر". ووفقا لفاختر، بعد ذلك، أصبح العديد من الناس الألمان العاديين مقتنعين بصحة هذه الشائعات.
ووفقا لفاختر، نشرت الجريدة الرسمية لحزب هتلر، "فولكيشر بيوباختر" مقالا، ألمحت فيه "بشفافية تامة" إلى أنه في الأيام المقبلة، وبمساعدة عمليات الإنزال بالمظلات الألمانية، سيتم تنفيذ عملية وسيتم الاستيلاء على جزيرة، مثل جزيرة "كريت".
تم إرسال هذا العدد من الصحيفة بكميات كبيرة إلى بلدان أخرى، وأشار فاختر إلى أنه "صدر أمر بمصادرة توزيع الصحيفة بالكامل، بغض النظر عن مكان وجودها".
ووفقا له، فإن هذه الأحداث تسببت في اضطرابات في الخارج وأقنعت العديد من السياسيين الأجانب بأن الخطط العسكرية الحقيقية قد تم الكشف عنها بالفعل وأن ألمانيا لن تقاتل في الشرق، بل في الغرب، وفي ذلك الوقت كانت الاستعدادات للحرب مع الاتحاد السوفييتي قد اكتملت تقريبًا.
وتم تقسيم الدعاية إلى قسمين، شمل الأول الدعاية التقليدية من خلال الراديو والمطبوعات والخطابة، في حين تخصص الثاني لـ "الدعاية الشفهية" (نشر الشائعات).
تزامنت هذه الأحداث مع توقيع هتلر، في 18 ديسمبر/كانون الأول 1940، على خطة استراتيجية لهجوم على الاتحاد السوفييتي يحمل الاسم الرمزي "بربروسا".
ووفقا لفاختر، فإن "الخطة المعتمدة للحرب "الحرب الخاطفة" كانت مبنية بالكامل على مفاجأة العدو، لذا لعبت المعلومات المضللة عن عدو محتمل في شخص الاتحاد السوفييتي دورًا حاسمًا فيها". وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1946، أُعدم فاختر من قبل محكمة عسكرية سوفييتية.
يذكر أن الحملة الواسعة لتضليل قيادة الاتحاد السوفييتي، شارك فيها كبار المسؤولين في القيادة الألمانية، بما في ذلك هتلر نفسه، والوزراء والدبلوماسيون والمخابرات السياسية والعسكرية.