وفق الخبراء، فإن الخطوة تعزز التوازن العالمي، وتعدد القطبية، وتؤكد الإخفاق الغربي في محاولته حصار روسيا، وكذلك في حربه ضدها عبر أوكرانيا.
وشدد الخبراء على تفوق التحركات الروسية، في مقابل المخططات الغربية، وأن الاتفاقيات التي وقعت مع كوريا الديمقراطية، هي بمثابة توازن ردع، وتأكيد على ترسيخ تعدد القطبية.
وخلال الزيارة إلى كوريا الديمقراطية الشعبية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحفي عقب محادثات أجراها في بيونغ يانغ، مع الرئيس كيم جونغ أون، أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين البلدين تتضمن تقديم المساعدة في حال تعرض أحد الطرفين لعدوان.
وقال بوتين، إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية تنص على تقديم المساعدة للجانب الآخر في حالة وقوع عدوان عليه.
فيما أعلن رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، تو لام، أمس الخميس، أن روسيا وفيتنام ستعززان التعاون في مجال الدفاع والأمن.
وقال تو لام، عقب مباحثاته مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين: "سنعمل على تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن".
يقول الباحث المصري هاني الجمل، إن الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كل من كوريا الديمقراطية وفيتنام، أحدث زلزالا سياسيا، بالنسبة للغرب.
أهمية التحركات الروسية
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الزيارة إلى كوريا الشمالية والتي أكدت على استراتيجية أمنية دفاعية مشتركة بين البلدين، يؤكد عمق العلاقة بين البلدين والتنسيق خلال الفترة المقبلة في المحافل الدولية.
ولفت إلى أن الاتفاقيات مع كوريا تبعها توقيع اتفاقيات أخرى مع فيتنام خلال الزيارة، والتي تؤكد البعد الاستراتيجي لروسيا، وعمق علاقاتها مع الدول في المنطقة.
ويرى أن التحركات الروسية تؤكد وعي القيادة الروسية بضرورة تطوير العلاقات مع العديد من الدول، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن للتمدد في دول الجوار الروسي والشرق عموما، كما أن التحالفات التي تقيمها روسيا تعزز مسار تعدد القطبية.
وفق الباحث المصري، فإن التحالفات الجديدة وتعزيز العلاقات مع الدول الكبرى يضع المواجهة مع الغرب في حالة من التوازن الاستراتيجي، ويحد من عمليات الضغط والحصار التي تسعى واشنطن لفرضها على روسيا أو أي من دول الشرق.
يوضح الجمل أن الرؤية الروسية في علاقتها مع الدول لم تقتصر على الجوانب العسكرية فقط، بل تشمل جوانب اقتصادية، بما يضمن تطوير مستوى التبادل والتكامل بين روسيا ودول الشرق، لتفادي العقوبات وعمليات الضغط الاقتصادي التي يفرضها الغرب على العديد من الدول.
في الإطار، قال الدكتور عبد الكريم الوزان، الخبير الاستراتيجي العراقي، إن الدول الكبرى تتعامل من خلال المصالح، وأن محاولات الحصار الغربية لروسيا، دفعتها لبناء علاقات قويات مع دول هامة، منها كوريا الديمقراطية الشعبية التي يحسب لها مكانتها في الصناعات العسكري.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن العلاقات مع فيتنام وكوريا الديمقراطية يعزز من تعدد القطبية والتوازن.
ولفت إلى أن الزيارة خطوة استراتيجية كبرى تغير موازين القوى عالميا، والتحالفات الدولية.
تقدم المشروع الروسي
من ناحيته، قال الخبير الاستراتيجي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن زيارة الرئيس الروسي وعقد اتفاقيات مع كوريا الديمقراطية، وكذلك زيارته لفيتنام، تؤكدان تقدم المشروع الروسي للأمام.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن محاولات عزل روسيا التي سعت لها واشنطن لم تفلح.
وأوضح: "إنه عندما تحركت القوات الروسية في 24 فبراير 2022 لمواجهة النازية الجديدة في أوكرانيا والدفاع عن روسيا وأمنها القومي أمام المخطط الأمريكي الأوكراني الأطلسي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه اتفق مع الدول الحليفة، أي أعضاء الناتو ، على فرض عقوبات شديدة وقاسية على روسيا لعزلها عن العالم".
ولفت إلى أن بايدن أجرى في سبيل ذلك سلسلة لقاءات مباشرة وعبر التواصل الإلكتروني مع رؤساء دول أوروبية وعربية وأفريقيا وآسيوية، وفتح خزائن السلاح الأميركي ومستودعاتها، أمام زيلنسكي في حين أعلن عدد من أعضاء إدارته أن موقفه هذا ضد روسيا، هدفه الابقاء على الدور الأمريكي أولا في العالم.
تهاوي أهداف واشنطن
وأوضح أنه اليوم وبعد مرور سنتين وخمسة أشهر ظهرت حقائق عالمية تثبت تهاوي أهداف واشنطن وحلفائها ضد روسيا .
وتابع: "في التحليل الاستراتيجي العلمي والموضوعي لكثير من مفكري العالم، من أميركيين وأوروبيين ، لم يعد الدور الأمريكي متربعا على عرش العالم، بل أصبح له شركاء كثيرون أولهم الصين ومعها منظومة دول "البريكس" والدول المستقلة في أميركا اللاتينية، وصعود الهند وتنامي الدور الروسي والاتجاهات الاستقلالية في المنظمات الدولية الكبرى مثل "أوبك "و"أوبك بلس"، وباتت شمس الشرق على أبواب السطوع عالميا".
وأوضح أن "سياسة عزل روسيا بقيت في حدودها، ولم تأت بجديد، خاصة أن كثيرين، من أعضاء الأطلسي مارسوا وظيفة فرض العقوبات بطلب أميركي حتى قبل الحرب في أوكرانيا، لكنها لم تؤثر على الاقتصاد الروسي، بل على العكس، فإن موسكو نجحت في تنمية اقتصادها أكثر من ذي قبل رغم القرصنة الأميركية الأطلسية على الودائع الروسية عندها، بما يتنافى مع مبادئ وأعراف القانون الدولي".
فشل عزل روسيا
ومضى بقوله إلى أن "قضية عزل روسيا عالميا لتكشف عن تهافت كبير في الموقف الأمريكي وتابعه الأوروبي، فأين هو هذا العزل مع تنامي علاقات روسيا مع كثير من دول أمريكا اللاتينية ؟… وأين هو مع تعاظم روابط روسيا مع الصين والدول الآسيوية، وكذلك مع كثير من الدول العربية التي عقدت اتفاقات شراكة مع موسكو، وأين هو هذا العزل مع الشراكة الروسية وجنوب أفريقيا، بل أين هو الآن مع اتفاق الشراكة الاستراتيجية التاريخي بين روسيا وكوريا الشعبية الديمقراطية، وكذلك مع فيتنام حيث تجلت بتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية؟".
واستطرد: "في دول الشرق تتعاظم الشراكات مع دول العالم كونها مبنية على مبدأ التبادل في المنفعة والتنمية مع احترام سيادات الدول وحقوق المجتمعات، أما في الغرب فإن هذه الشراكات الضعيفة أصلا باتت تترنح كون الولايات المتحدة المصابة بمآزق استراتيجية في تركيبتها الداخلية، ولجوء بعض الولايات للتفكير يالاستقلال، وفي اقتصادها سواء في قطاعات المصارف أو الصناعات الأساسية تلجأ إلى تعويض خسائرها باستعمار الشعوب، ونهب ثرواتها الطبيعية والسطو على سياداتها الوطنية، لكن هذا النهج التسلطي يبقى مؤقتا خاصة إذا نهض محور دولي عادل".
وشدد على أن أبرز دليل على تراجع الهيمنة الأمريكية دوليا، يتمثل في أقدام أربع دول أوروبية على الاعتراف بفلسطين خلافات للسياسة الأميركية، ولم تستطع واشنطن تغيير مواقفها، وهي لن تستطيع شيئا لإيقاف تمدد الدور الروسي عالميا، حتى وإن دفعت كوريا الجنوبية لبعض المواقف والتحركات أو ضغطت على فيتنام.
ويرى أن ما تم إنجازه يسير إلى الأمام، ومنطق الإمبراطورية الأمريكية ينحسر إلى الوراء، بموجب حقائق التطور المشروع للشعوب.
بيان مشترك
وأفاد البيان الروسي الفيتنامي المشترك حول زيادة تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة في سياق الذكرى الثلاثين للمعاهدة الروسية الفيتنامية بشأن أساسيات العلاقات الودية، اليوم الخميس، بأن روسيا وفيتنام تعارضان التدخل في شؤون دول الشرق الأوسط.
وجاء في البيان الذي تم نشره على الموقع الرسمي للكرملين: "يتفق الطرفان في رغبتهما في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ومعارضة التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والتعبير عن التزامهما بتسوية شاملة وعادلة وطويلة الأجل للقضية الفلسطينية على أساس سلمي وقانوني دولي معروف، وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل".