وسط التهديدات العسكرية المتبادلة.. ما إمكانية تنفيذ إسرائيل اقتحاما بريا للبنان؟

وسط التهديدات العسكرية الإسرائيلية، وتصعيد "حزب الله" لهجماته على المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية، يطرح بعض المراقبين تساؤلات بشأن إمكانية اجتياح إسرائيل للبنان بريا.
Sputnik
ويرى مراقبون أن المفاوضات قد تكون صعبة لكنها قائمة وعلى أكثر من صعيد، حيث لا يرغب الطرفان في دخول مواجهة مفتوحة، قد تكلفهما خسائر فادحة في العتاد والأفراد، مؤكدين أن الأمور لا تزال بعيدة عن الحرب.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، بـ"الخطاب العدائي" لإسرائيل و"حزب الله"، الذي يثير مخاوف من كارثة "لا يمكن تصورها"، قائلا: "لنكن واضحين، لا يمكن لشعوب المنطقة ولشعوب العالم أن تسمح بأن يصبح لبنان، غزة أخرى".
وأضاف غوتيريش: "نشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوتر بين إسرائيل و"حزب الله"، مشيرًا إلى أن "قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تعمل على تهدئة الوضع ومنع التقديرات الخاطئة".
إعلام إسرائيلي: كندا تستعد عسكريا لإجلاء رعاياها من لبنان
يأتي ذلك فيما يتواصل الاستهداف المتبادل جنوبي لبنان بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث يتبادل كل من "حزب الله" وإسرائيل، القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي.

محاولات الاحتواء

اعتبر المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد، أن "مساعي التفاوض واحتواء التصعيد وعدم الوصول لحرب شاملة لا تزال قائمة، خاصة في ظل التحركات الأمريكية الواضحة، ومساعي أخرى غير معلنة تقوم بها فرنسا والفاتيكان ودول أخرى".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، يعتبر البعض أن تصعيد الصراع ما بين إسرائيل و"حزب الله" قد يؤدي إلى تدمير لبنان وتهجير المسيحين، وتغيير المعادلات الداخلية، لذلك هناك دول لديها مصلحة في إبقاء لبنان كما هو عليه، لأن له دور ورسالة في المشرق.
وأكد أن "الاستعدادت العسكرية والتهويل بالحرب لا يزال موجودا، ويقوم بها "حزب الله" وإسرائيل بهدف الوصول إلى الحرب، لكنها تهديدات لاحتواء الحرب حتى لا تحصل".
وتابع أبو زيد: "حتى الآن احتمال قيام اجتياح بري من قبل إسرائيل صعب، لأنه تبين بأن "حزب الله" يملك قدرات قتالية قوية، ولم يعد منظمة عسكرية عادية، بل بإمكانيات وقدرات دولة، وقادر على تكبيد إسرائيل خسائر فادحة".
وقال إن "الأماكن الاستراتيجية الإسرائيلية موجودة في الشمال والمناطق القريبة من الجنوب اللبناني، و"حزب الله" يملك قدرات من العتاد ونوعية السلاح والطيران قادرة على تدمير مصانع وثكنات عسكرية وأماكن استراتيجية مهمة، وأسلحة نووية ومختبرات".
إيران: "حزب الله" قادر على الدفاع عن نفسه وعن لبنان ضد إسرائيل
ويرى المحلل السياسي اللبناني أنه "ليس بهذه السهولة أن تقوم إسرائيل بمغامرة في لبنان، حيث تستطيع تدمير بنى تحتية في لبنان، لكنها ستخسر كذلك أماكن استراتيجية كبيرة، لذلك قبل الإقدام على غزو بري للبنان، هناك حسابات كبيرة لإسرائيل حتى لا تتكبد خسائر لا تستطيع أن تتحملها".
ويعتقد أبو زيد أن "المرحلة لا تزال في سباق ما بين احتواء التصعيد العسكري وعدم الوصول لحرب، والوصول إلى تسوية سياسية أو تأجيل هذه الحرب المدمرة، مع إمكانية الانزلاق لهذه الحرب سيدفع ثمنها باهظا كلا الطرفين".

مفاوضات صعبة

واعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن "هناك مفاوضات صعبة جدا والعديد من الأطراف التي تتدخل منها المنحاز إلى إسرائيل، والمنحاز إلى لبنان، وهناك تعقيدات جمة في هذا الملف، خاصة أن أمريكا تريد فصل الحرب في جنوب لبنان عن الحرب في قطاع غزة، لكن "حزب الله" يصر على ربط هذه الحرب بتلك، ويقول عندما تنتهي الحرب في غزة، تنتهي في جنوب لبنان، تلقائيًا".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "إسرائيل تريد أن تغير قواعد الاشتباك في الجنوب، وانسحاب من طرف واحد، وتطبيق القرار 1701 على الجانب اللبناني دون أن يلتزم بأي انسحاب أو ترتيبات في الداخل الفلسطيني المحتل، وهذا ما يؤثر على الوصول لنتائج مرضية للطرفين".
خطط عملياتية للهجوم وتهديدات من نصر الله.. هل دقت طبول الحرب بين لبنان وإسرائيل؟
وتابع وهبي: "كلما تصاعدت التهديدات يعني أن المفاوضات مستمرة، وهي من أجل كسب الوقت وتسجيل نقاط، وشن حرب نفسية على الطرف الآخر للقبول بالشروط والشروط المضادة، فـ"حزب الله" يمارس تهديدات على الجانب الإسرائيلي من خلال ما قام به من استطلاع المواقع الحساسة داخل إسرائيل، وتهديده بأنه يستطيع أن يقصف كل هذه المواقع، وبالتالي تحويل حياة الإسرائيليين لجحيم، وفي نفس الوقت، تمارس إسرائيل تهديدات اعتدنا عليها منذ زمن بعيد، لكن ليس من المؤكد أنها ستذهب للتنفيذ على الأرض".
ويعتقد وهبي أن "الحرب ليست في صالح الطرفين، ولا أحد يريدها، حيث ستكون مدمرة على كلا الطرفين، وبدون سقوف عليا كما أعلنها "حزب الله"، وإسرائيل لا تعتبر نفسها فشلت في غزة، ولا ترى أن جيشها منهك أو لا يملك التجهيزات والمعنويات الكافية للدخول في حرب".
وأكد وهبي أن "هذه الحرب لن تكون نزهة على الإطلاق، لأن إمكانيات "حزب الله" تفوق بأضعاف إمكانيات المقاومة الفلسطينية في غزة المحاصرة، بينما يملك "حزب الله" مدى مفتوحًا تجاه إسرائيل والعمق اللبناني، وليس محاصرًا في بقعة جغرافية محددة، وسيكون من الصعب محاصرة "حزب الله" وهزيمته".
ويرى أن "الحل الأمثل لكلا الطرفين الاستمرار في هذه الحرب المدروسة والمضبوطة والتي تخضع لقواعد اشتباك معينة، بانتظار تسويات قد تتزامن من انتهاء الحرب في غزة، وقد تسبقها، في ظل رغبة واشنطن بفصل الحرب في لبنان عن قطاع غزة".
وفي الآونة الأخيرة، كثّف "حزب الله" من وتيرة هجماته على مواقع إسرائيلية، استهدفها بعشرات الصواريخ والمسيرات، مؤكدا أن ذلك يأتي "دعما للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسنادا لمقاومته الباسلة"، بحسب قوله.
وتمثل الأعمال القتالية أسوأ صراع بين الجانبين منذ حرب 2006، ما يؤجج المخاوف من خوض مواجهة أكبر.
مناقشة