ويرى مراقبون أن خطاب نتنياهو حاول استعطاف واشنطن، وتصوير العدوان على غزة بالحرب ضد قتلة اليهود، ما يعني أن نتنياهو لن يرضخ لمحاولات وقف الحرب وإبرام صفقة تبال الأسرى، بل ينوي الاستمرار فيها.
ويقوم رئيس وزراء إسرائيل في الوقت الحالي بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ألقى خلالها كلمة أمام الكونغرس الأمريكي، اعتبر 55 في المئة من الإسرائيليين أنها لن تغير الوضع في بلادهم، حسب استطلاع رأي لوسائل إعلام إسرائيلية.
وفي وقت سابق، وصف السيناتور الأمريكي بيرنيساندرز، دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الكونغرس الأمريكي لإلقاء كلمة أمام أعضائه، وقال إنه لن يحضر، مضيفا: "نتنياهو مجرم حرب.. ولا ينبغي دعوته لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونغرس".
تحريض ضد الشرق
اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطينية، أن كلمة نتنياهو في أمريكا لم تحمل أي رسائل سياسية، بل حملت تحريضا على المنطقة بشكل عام، حيث شبه إسرائيل بأنها عنوان للغرب الذي يحارب الهمجية الشرقية، وتحدث بشكل أو بآخر أنه لن يسمح بقتل اليهود مرة أخرى، وكأن المشكلة قتل اليهود وليست مشكلة سياسية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تحدث نتنياهو باستعطاف للولايات المتحدة الأمريكية بأنهم عنوانهم في الشرق الأوسط، وحاول في لقاءات مختلفة الحديث عن مستقبل غزة من خلال حديثه في الكونغرس عن الاتفاق الإبراهيمي لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، كما تحدث كذلك في لقاء بايدن حول ضررورة أن يكون هناك ضمان لعودة للحرب، فيما كانا بايدن وهيرس حادين بضرورة الالتزام بالقرار 2735 بوقف الحرب بناء على مراحلها المختلفة.
وأكد أن نتنياهو سيتهرب من ذلك ويستمر في رؤيته عبر المماطلة، إضافة إلى أنه قد استمع لترامب الذي كان موقفه كذلك مع وقف الحرب، بيد أن نتنياهو سوف يضع العراقيل أمام وقف الحرب وعقد صفقة تبادل للأسرى، حيث تحدث عن ضرورة أن يكون هناك خطاب من الإدارة الأمريكية باستمرار الحرب.
ويرى الرقب أن إسرائيل تحدثت عن بقاء المرحلة الأولى في محور فيلادلفيا ومحور رفح، والتحكم في نوعية العائدين عبر محور نتساريم، من الجنوب إلى الشمال، ما يعني وضع عراقيل لإفشال أي جهود لوقف الحرب وعقد هدنة، فيما يمكن أن يوافق على وقف الحرب في جبهة أخرى مثل جبهة لبنان.
مضمون حرب الإبادة
من جانبه اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، ثائر نوفل أبو عطيوي، إن الرسائل التي حملها خطاب نتنياهوبالكونغرس الأمريكي هي رسائل لخطاب استعراضي خارج إطار مضمون الموضوعية والمصداقية في الرواية والحديث البعيد كل البعد عن الحقيقة، حيث الخطاب خطاب الكذب وتزوير الحقائق الواضحة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نتنياهو اعتبر أن الحرب التي يخوضها ضد قطاع غزة صراعا بين الهمجية والحضارة، وهذا واضح في حديثه عن حضارة الدم والموت والقتل وسفك أرواح الأطفال والنساء وكبار السن الأبرياء والمدنيين العزل من أبناء قطاع غزة، وسط خطابه الذي كان عنوانه التصفيق الحار من أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين يدافعون عن الرؤية الاستعمارية، متجاهلين في الوقت ذاته حجم المأساة والمعاناة والنكبة الإنسانية لأكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني يعيشون في الخيام جراء استمرار الحرب والعدوانالمتواصل للشهر العاشر على التوالي.
وقال إن خطاب نتنياهو، كان خطابا لا يمت للواقع بصلة ويجافي لكافة الحقائق وحتى المواثيق والأعراف الدوليةالتي تطالب بحماية المدنيين العزل والأطفال والنساء فيظل الحروب والنزاعات، وتناسي المصفقين لخطابه بالكونغرس أن الشعب الفلسطيني شعب محتل وأن كلالأحداث الجارية وتصاعدها بسبب استمرار الاحتلال الأطول تاريخيا في العالم.
وتابع: "تجاهل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي والحاضرين من أعضاء الكونغرس الأمريكي لمأسأة الإنسان الفلسطيني وحجم الجريمة المرتكبة بحقه ظلماوعدوانا، وأن شعبنا الفلسطيني لا يعشق الموت من أجلالموت بل يسعى إلى الحرية والاستقلال وإقامة دولته عبرسلام شامل وعادل يضمن الحقوق المشروعة والكاملة لكافة الفلسطينين".
ويرى أن الخطاب للمرة الرابعة أمام الكونغرس الأمريكي لم يأت بجديد يذكر، بل جاء بتعزيز الرواية الإسرائيلية المعادية للسلام وعدم الاعتراف بوجود الإنسان الفلسطيني على أرضه التي تم احتلالها.
واستطرد: "إن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي، كان لرئيس وزراء دولة محتلة يدافع عن الاحتلال وعن التهويد وعن الاستيطان ويدافع عن استمرار القتل والتدمير والتهجير والتجويع والحصار لشعب كل ذنبه أنه يطالب بالعيش بحرية وكرامة إنسانية في كنف دولة فلسطينية مستقلة أقرتها كافة المواثيق والأعراف الدولية، ضاربا نتنياهو عرض الحائط في خطابه كل الأصوات المناصرة لعدالة القضية الفلسطينية.
وأوضح أنه يحمل المضمون المباشر لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة خصوصا وعلى الوجود الفلسطيني بشكل عام، في ظل أن الحاضرين من أعضاء الكونغرس الأمريكي لم يسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا عن ما ذنب الآلاف من الأطفال والنساء الذين راحوا قتلى جراء استمرار الحرب، وهذا وسط تصفيقهم الحار والمستهجن لنتنياهو الذي ليس له معنى أو مفهوم سوى التأييد الأعمى الذي ينم على الحقد والكراهية.
ويرى أن خطاب نتنياهو يحمل مضمون استمرار الحرب المسعورة ومواصلة العدوان، ومحاولته الهروب والانسحاب بشكل متعمد من أي تعهد يؤدي إلى انفراج الأزمة والوصول لصفقة تبادل تؤدي إلى وقف إطلاق النار الدائم والحرب بشكل نهائي على غزة.
وشدد على أن المطلوب عربيا ودوليا ومن الوسطاء في القاهرة والدوحة الضغط أكثر من أجل إنجاز ونجاح الصفقة، لأنه لم يعد هناك أي مبررات للرفض من نتنياهو بعد التعديلات العديدة التي طالب بها على مقترح بايدن لصفقة التبادل.
وتواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما أدى إلى سقوط نحو 40 ألف قتيل ونحو 90 ألف مصاب غالبيتهم من النساء والأطفال إضافة إلى آلاف المفقودين".