باحث: الإعلان الألماني حول "التيار الشمالي" إقرار بخطيئة أوروبا الكبرى في دعم نظام زيلينسكي

أكد الكاتب والباحث السياسي السوري، الدكتور أسامة دنورة، أن الإعلان الألماني عن إصدار مذكرة اعتقال بحق مشتبه به أوكراني في قضية تفجير "التيار الشمالي" له دلالات على مستوى سياسي معنوي وسياسي إجرائي.
Sputnik
وقال دنورة في حوار خاص مع "سبوتنيك" إن الإعلان الألماني على المستوى السياسي المعنوي يؤكد تماماً أن هناك رغبة من أجهزة استخبارات ومن يعمل في الخفاء لضرب التواصل الاقتصادي (الروسي- الأوروبي)، وهو واحد من أهم الأسباب التي تم من أجلها إشعال البؤرة الأوكرانية ضد روسيا.

وأوضح دنورة أن الاقتصاد الألماني عندما كان مقرراً له أن يحصل على حوامل الطاقة عن طريق "التيار الشمالي" من مصدر قريب جغرافياً وبسعر ممتاز، فذلك كان من شأنه أن يعزز وضع ألمانيا كقاطرة اقتصادية للاتحاد الأوروبي، أي أنه سوف يعزز الازدهار الاقتصادي الألماني، وهذا ما سيجعل قدرة ألمانيا على الصعود كقطب جيوسياسي تزداد، وهو ما سعى البعض، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، لإعاقته.

دعم الأوروبيين لنظام زيلينسكي خطيئة كبرى
وأضاف دنورة أنه من الناحية الأخرى، وإذا صدقنا الرواية التي تتحدث عن فعل قام به أحد الضباط الأوكرانيين دون علم قيادته، ودون علم الأجهزة الأمريكية، وهذه رواية ضعيفة طبعاً، فهذا يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن دعم مثل هذا النظام (نظام زيلينسكي) من قبل الاتحاد الأوروبي وألمانيا بالذات هو خطيئة كبرى، لأن هذا النظام بأحسن الأحوال لا يتحكم بالمجموعات التي تقع تحت أمرته، ومنها مجموعات ذات طابع نازي، أو إنه نظام داعم للإرهاب.
إعلام: تفجير أنابيب "التيار الشمالي" تم باتفاق بين دودا وزيلينسكي
وبيّن أن هناك إرادة لدى النظام الأوكراني ولدى من يعمل بأمرته على إيذاء هذه المصلحة الاقتصادية الألمانية، في حين ذهبت ألمانيا إلى أبعد الحدود في دعم النظام الأوكراني، وذلك بتزويده بالعربات المدرعة وبدبابات "ليوبارد" والذخائر بمختلف أنواعها، ففي الوقت الذي أظهرت فيه ألمانيا كل الدعم والانخراط الكامل بمعركة لا تعنيها بشكل مباشر، ظهر لاحقا أن من قدمت لهم الدعم كانوا يعملون ضد مصلحة ألمانيا، وليس فقط ضد مصلحة روسيا، فهم كانوا يعملون ضد مصلحة أوروبا بصورة عامة، وضد حالة التشبيك الاقتصادي والسلام والازدهار بين شرق أوروبا وغربها.
هجوم كورسك يائس وسيسرع الانهيار الكامل لجيش زيلينسكي
وتابع دنورة: "أما من حيث الدلالة السياسية الإجرائية فهذا التطور الأخير يظهر أن الطرف الألماني يريد البدء بتغيير توجهات الرأي العام والطبقة السياسية لديه نحو الانسحاب من دعم نظام كييف، أي هو يريد البدء بالحد تدريجياً من التورط في الساحة الأوكرانية، وذلك قد يبدو بمثابة دلالة أو قناعة توصل إليها الأوربيون بعدم جدوى هذه المعركة".
الخارجية الروسية تعلق على إغلاق السويد والولايات المتحدة قضية تفجير "التيار الشمالي"
وأوضح دنورة بأن الهجوم الأخير الذي شنه النظام الأوكراني على كورسك هو أكثر ما يشبه الهجمات اليائسة التي كان يقوم بها جيش هتلر خلال طور تراجعه امام الجيش السوفييتي، عندما كان يحاول تغيير مسار التقدم الروسي باتجاه برلين، عن طريق بعض الهجمات الموضعية التي كان يعتقد أنها يمكن أن تغير ولو معنويا الحالة المنهارة لجيشه، وهذا ما حاول القيام به نظام كييف، وهو يدرك عملياً أن أي إنجاز سيحققه على الأرض سينقلب عليه وبالاً بسرعة كبيرة، وأن هذه القفزة هي قفزة غير محسوبة في الهواء، وربما ستكلفه عشرات الآلاف من المقاتلين، والكثير من الإمكانيات العسكرية والقتالية، ولعلها ستفضي من حيث النتيجة الى تسريع مشهد الانهيار العسكري الكامل لجيش زيلينسكي.
قناعة أوروبية بتعاظم ضرر نظام كييف
وأشار الباحث السياسي إلى أن هناك قناعة تتزايد بأن نظام كييف أفلس عسكرياً واستراتيجياً، وأنه في طور التوجه نحو هزيمة محققة، وأن الحديث الأوكراني عن استخدام ورقة كورسك في المفاوضات هو أكثر سخفاً وضحالة من أن يمر على الأوربيين، وحتى على الداعم الأمريكي، وهو مجرد حديث إعلامي لا يمكن له أن يصرف في أي مكان، وبالتالي سيعيد الأوربيون نظرهم في الدعم اللامحدود الذي قدموه لنظام كييف.
تقرير: زالوجني أعطى الأمر بتفجير "التيار الشمالي"
وبيّن دنورة أنه من جانب آخر ربما هناك دافع اقتصادي يشير إلى أن المضي قدماً في تعاظم الخسائر الاقتصادية نتيجة التوتر بين شرق أوروبا وغربها، روسيا وحلفاؤها من جهة والدول الغربية من جهة أخرى، مضر جدا، بحيث لم يعد من الضروري المضي في زيادة هذه الخسائر لمصلحة نظام منهار عمل أساساً ضد المصلحة الألمانية، وضد التشبيك الاقتصادي بين روسيا وألمانيا.
بوصلة السياسة الأوروبية في واشنطن
وأوضح دنورة أنه إذا لم تكن هناك أصابع أمريكية استخباراتية في العمل الذي تم ضد "التيار الشمالي"، فينبغي أن نجد موقفاً أمريكياً مغايراً تماماً، وفي أضعف الأحوال يسعى إلى محاسبة زيلينسكي ونظامه، وإعادة النظر في الدعم اللامحدود المقدم له، ومن ناحية أخرى زوال الاعتراض الأمريكي الضمني على التشبيك الاقتصادي بين روسيا وألمانيا، أو على الأقل عدم الاعتراض على رفع العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الروسي، والتي أضرت به ربما أكثر بكثير مما أضرت بروسيا.
أمريكا تدين "العمل التخريبي السافر" على "التيار الشمالي 2"
وأشار إلى أنه حتى لو ذهب الأمريكيون للإقرار والاعتراف بما فعله زبانية زيلينسكي، فهم لن يذهبوا إلى تغيير جذري في هذه المعادلة، معادلة دعم النظام الأوكراني الذي ينهار شيئاً فشيئاً هو وجيشه الفاشل المهزوم.
شبح ترامب يلوح في أوروبا
ولفت دنورة إلى أن الألمان ربما يمهدون للظرف المقبل الذي يتمثل بفوز ترامب، والمعروف بأنه ضد نظام زيلينسكي، وضد المغامرة الفاشلة التي قام بها، فربما يمهد الألمان بهذه الطريقة لاستدارة من نوع ما في حال نجح ترامب، وأصبح الأوروبيون بالتالي وحيدين في المواجهة مع روسيا ودعم نظام زيلينسكي المنهار، ولذلك سيهيئون بعض الملفات التي ستتيح لهم إما إخفاءها إذا لم تكن هناك مصلحة بذلك، أي في حال جاءت كمالا هاريس إلى البيت الأبيض، واستمر النهج الأمريكي الداعم لنظام زيلينسكي، أو بالمقابل أن يوسع هذا الملف ويضخّم، وتتخذ على أساسه قرارات سياسية معادية لنظام كييف في حال جاء ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، أو بصورة عامة إذا كان هناك تحول بعد الانتخابات الأمريكية ضد نظام زيلينسكي.
وسائط متعددة
تصويت... برأيك بعد إثبات تورط أوكرانيا بتفجير خطي "التيار الشمالي" هل تعيد ألمانيا حساباتها؟
وبيّن دنورة، بأن الألمان بذلك يكونون مستعدين معنوياً وقضائياً وسياسياً للانقضاض على علاقتهم مع نظام كييف، والتبرؤ منه وتحويله إلى خصم وعدو، والعودة إلى نمط جديد من العلاقات، مبني على تغير الأحوال والأهواء في واشنطن، وللأسف هذا يؤكد مرة جديدة أن السياسة الأوروبية بوصلتها الحقيقية في واشنطن، وليست في بروكسل أو أي من العواصم الأوروبية الأخرى، وأن الأمريكي هو الذي يقرر بتحولاته وتغيراته كيف يتغير المناخ السياسي في أوروبا الغربية.
مناقشة