خبير: إسرائيل تنفذ استراتيجية بايدن في لبنان تمهيدا للاستفراد بغزة والضفة الغربية

أفاد الكاتب والباحث السياسي، ساعود ساعود، بأن العدوان الإسرائيلي في عملية "البيجر" جعلنا نعتقد أن الحروب تودع جيلها الخامس وتستقبل جيلاً جديداً في ظل ما تقوم به "إسرائيل" من تطوير لاستراتيجياتها العسكرية ضد غزة ومسانديها.
Sputnik
وأكد ساعود لـ "سبوتنيك" أن ضربة "بيجر" واغتيال القادة هي أعمال استخباراتية بحتة لكنها تمهيدية ذات مفرزات عسكرية، وجزء من حرب نفسية ضد "حزب الله" واللبنانيين ككل.

وأشار إلى أن موقع أمريكي نقل عن استخباراتيين أمريكيين وإسرائيليين أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أرادت تفجير أجهزة "البيجر" كضربة افتتاحية استباقية في حرب شاملة ضد "حزب الله".

وأوضح ساعود أن رد "حزب الله" على عدوان "بيجر" جاء بين تثبيت المواقف وإثبات المقدرة باستهداف المستوطنات الوسطى لإسرائيل في أطراف مدينة حيفا وقاعدة راموت ديفيد الجوية ومصانع رافائيل الاستراتيجية، مرسخاً دوره كجبهة إسناد لغزة، ومثبتاً قدرته على التأثير بأمن الشمال والمستوطنين، ورسم قواعد اشتباك متجددة، مبرزاً تفوقه العسكري والتلويح به كعامل ردع، وقالبا الطاولة على الحسابات الاستراتيجية لقادة إسرائيل وداعيمها.
برلماني جزائري: إسرائيل ستدفع الثمن غاليا وحزب الله لن يكون بمفرده في المواجهة
وأضاف ساعود أن الهجمة السيبيرانية الإسرائيلية برزت كرغبة بتوسيع نطاق الحرب وتطوير مستوياتها، وترميم إخفاقات الموساد، وإدخال "حزب الله" بحالة إرباك داخلي أمني، عززتها إسرائيل باستهداف اجتماع قيادات "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لتظهره بصورة المُخْتَرَق والمنكشف أمام الرأي العام العالمي.

إسرائيل تفرض على "حزب الله" الانجرار إلى حرب موسعة

وأشار ساعود إلى أن رد "حزب الله" لم يكن متناسباً مع طبيعة العدوان وحجمه، وذلك بسبب الفارق بين حجم الحزب وتعداده وتسليحه مقارنة بإسرائيل وتسيلحها وجيشها، ومع حجم الخسائر التي تكبدها الحزب، ولكن ما عساه يفعل غير ذلك؟ فالمؤشرات توحي بأن "حزب الله" لا يريد حرباً موسعة، ولكن يبدو أن إسرائيل تفرضها عليه وتجره إلى هذا المنحى.
زعيم أوروبي يتهم إسرائيل بتسريب رسالة بعثها إلى الرئيس الإيراني... فما مضمونها؟
وبيّن أن غاية "حزب الله" من إظهار صواريخ جديدة وقصف ما بعد حيفا، فهي إضفاء المصداقية على تصريحاتهم ولا سيما في الجانب العسكري، وإثبات مقدرتهم على خوض الحرب وتوسيع نطاقها وامتلاكهم ما يؤهلهم للمضي فيها.

استهداف حزب الله استراتيجية أمريكية

وأضاف ساعود أن إسرائيل تعمل على إفقاد بيئة المقاومة ثقتها بـ"حزب الله" ومقدرته عبر الأحزمة النارية التي تستهدف المدنيين، ما يشكل عامل ضغط مرعب نفسياً وعسكرياً على "حزب الله".

وأشار إلى أن هذا التخطيط "أمريكي" بالكامل، ويكفي في هذا السياق أن نشير إلى استراتيجية التركيز الدقيق، واستراتيجية الردع والتوازن التي ترى بها إدارة بايدن أن إخضاع "حزب الله" عسكريا أو تكبيده أكبر قدر من الخسائر يقوده إلى القبول بالحلول السياسية والتي تجنبهم مغبة الحرب الإقليمية الموسعة، وكل ذلك تمهيدا للمضي نحو هدفها النهائي الذي تخشاه "الأردن على الاقل"، من تهجير معظم الشعب الفلسطيني باتجاههما.

أحد أسباب العدوان يعود إلى فشل مهمة هوكشتاين

وأضاف ساعود أن من أسباب العدوان أيضاً فشل التوصّل إلى تسوية سياسية مع لبنان عبر المبعوث الأمريكي الإسرائيلي، اموس هوكشتاين، لأسباب تتعلّق بلبنان وإسرائيل حيث أن المسار الدبلوماسي كان يغضب، إتمار بن غفير، وسموتريتش، وأركان اليمين، لذا كان نتنياهو حذراً وغير معوِّل على الباب الدبلوماسي.
أردوغان: إسرائيل ترتكب تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني
وأشارإلى أن العدوان أيضاً لا يرتبط بتكثيف "حزب الله" لهجماته وتوسيع نطاقها فقط، وهذا ثانوي بالنسبة لقادة إسرائيل، وهنا نذكر بعد قصف مقر اللواء 769 من قبل "حزب الله" بصاروخ ثقيل، خرج نتنياهو ليقول:

سنستعيد الأمن في الشمال"، لذا التصعيد الإسرائيلي وسيلة وليس نتيجة، وضمن خطة عسكرية ممنهجة موضوعة مسبقاً.

العدوان الإسرائيلي يرجع إلى زمن الاجتياح البري لقطاع غزة

وقال ساعود إن العدوان الإسرائيلي الآن مدروس وممنهج، وليس وليد ظرف طارئ، بل يرجع إلى زمن الاجتياح البري لقطاع غزة حين اقترح وزير الدفاع غالانت مخططاً لاجتياح الشمال وصفه آنذاك بأنه فرصة نادرة لتغيير وجه الجغرافيا في الشمال، وكانت الأهداف الجوية التي ضربت أمس موضوعة منذ ذاك الحين، لكن دراسة الخسائر المحتملة بصفوف الإسرائيليين، جعلت نتنياهو يتراجع ليحصل التوتر بينه وبين غالانت منذ ذاك الحين.

جبهة الإسناد الشمالية حاجة ملحة لحماس

وأشار اساعود إلى منعكسات ضربات "حزب الله" على مسار صفقات الأسرى، فحماس بمعزل عن جبهة الإسناد الشمالية هدف سهل للإسرائيليين، وإسنادها يخلق مقاومة وقوة سياسية وعسكرية لحماس وثبات على خياراتها السياسية العسكرية بما فيها شروطهم بالنسبة لتبادل الأسرى.

"استراتيجية الاستهداف المجنون" تهدف لتطويق "حزب الله"

وقال ساعود إن ما نشهده اليوم من تطبيق "استراتيجية الاستهداف المجنون" تهدف لتطويق "حزب الله" عبر مسارين، أولاً، ضرب الحاضنة الشعبية أو البيئة المقاومة في الجنوب، وثانياً، تأليب الأحزاب والتحالفات الأخرى في لبنان على "حزب الله" وتصويره على أنه السبب فيما تواجهه لبنان اليوم من "شبه حرب" على لبنان ككل، وليس فقط المقاومة لأن هناك من يعارض تصرفات حزب الله ودوره في الحرب.

إسرائيل تسعى لاستخدام ملف النزوح للضغط على حزب الله

وأضاف ساعود أن عدم التوصّل لاتفاق بشأن الأسرى مع الإسرائيليين للتفرغ للجانب الأمني الأهم في جبهه الشمال بسبب عاملين، تأمين الخاصرة الرخوة الشمالية وشن عملية عسكرية، إضافة إلى استثمار النتائج السياسية والميدانية لعملية "إسرائيل" في الشمال، حيث اكتملت توازنات المعادلة من وجهة نظرهم، لأن نزوح الإسرائيليين من مستوطنات الشمال تواكب مع نزوح اللبنانيين في الجنوب، ما يضطر "حزب الله" نتيجه "التشابه بالخسائر" إلى الرضوخ للحل السياسي تحت تأثير الضغط الشعبي والقبول بالقرار 1701 والرجوع إلى ما بعد الخط الأزرق ودخول الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
روسيا تدين الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على لبنان
وأشار إلى أن ذلك يحقق الأمن لإسرائيل في الشمال حسب التخطيط العسكري الإسرائيلي، ومن ثم الانقضاض على حماس داخلياً، ولا أعتقد أنهم سيتراجعون عن محورين نتساريم وفيلاديفيا، ذلك مستحيل، فالهاجس الأمني هو السبب.

عودة سكان الشمال هاجس إسرائيلي استراتيجي

ولفت ساعود إلى أن الهاجس الأساسي لنتنياهو هو سكان الشمال، فإعادتهم ضرورة استراتيجية وأمنية وسياسية، والأمر يتطلّب تغييراً جوهرياً في الوضع الأمني رغم التداعيات الاستراتيجية لهذه الخطوة، مذكراً بالمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الذي منح غالانت ونتنياهو تفويضاً باتخاذ خطوات دفاعية وهجومية ضد حزب الله من أجل تحقيق أهداف الحرب ومنها عودة المستوطنين.

وأشار ساعود إلى أن إسرائيل تسعى لخلق الظروف الأمنية المواتية لتأمين الخاصرة الشمالية، والتفرد لغزة والضفة الغربية وتخفيف الضغوط الشعبية الداخلية، والإجراءات كثيرة منها نقل الفرقه 98 إلى الحدود الشمالية، وإجراء اللواء الإقليمي 769 تدريبات ومناورات واقعية تحاكي الحرب ضد "حزب الله".

إسرائيل تريد نقل ساحة المعركة إلى لبنان

وقال ساعود إن المشهد الميداني، وما يتخلله من توتر وتصعيد مستمر، يعكس استماتة إسرائيل لتأمين وجودها وحماية خاصرتها الشمالية الرخوة، لتستعيض عن هجومها البري بالشمال بهجماتها الجوية والسيبرانية عن بعد، عملاً باستراتيجية "التركيز الدقيق" لصاحبها، لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي بهدف نقل ساحة المعارك الاسرائيلية إلى لبنان.
وذكّر بقول نتنياهو: "سنفعل كل ما يلزم لاستعادة الأمن على الحدود مع لبنان وسنعيد سكان الشمال إلى منازلهم".
الكرملين: الضربات الإسرائيلية على لبنان حدث خطير يتسبب بزعزعة شاملة لاستقرار المنطقة
وأشار إلى ازدياد وتأكد احتمالات ذهاب الأمور إلى حرب ساحتها الجغرافيا الفلسطينية المحتلة واللبنانية بين إسرائيل و"حزب الله"، والمؤشر على هذا المنطق، أن رد "حزب الله" قابلته إسرائيل ببيان لجيشها أعلنت فيه استمرار التصعيد، لتبدأ بحملة غارات جوية وصلت لأكثر من أكثر من 500 غارة على مناطق متفرقة جنوب وشرق لبنان، راح ضحيتها أكثر من 558 شهيداً و1835 جريحاً، وحركات نزوح جماعية، قابلها حزب الله بالرد أيضاً.

إسرائيل تخطط لاستئصال حماس من مستقبل فلسطين

وعن مخطط إسرائيل القائم على إنهاء حماس وضرب المد المقاوم لها في محيطها قال الكاتب السياسي:

لو دققنا في رفض إسرائيل الانسحاب من محوري "نتساريم" و"فلادلفيا" لوجدنا أن خطة إضعاف حماس أولا ومن ثم القضاء عليها عسكريا هدف حتمي لدى القادة الإسرائيليين، وكما أن خططهم "لليوم التالي" توضحت بأنهم يسعون لاستئصالها سياسياً من مستقبل فلسطين في القطاع خاصة وفلسطين عامة.

وأشار ساعود إلى أن تركيز إسرائيل على ساحات الشمال اليوم هو سياسية مناهضة لسياسة توحيد الجبهات التي تبنتها حماس والفصائل المساندة لها بما فيها "حزب الله"، بنية تجفيف منابع الدعم لحماس التي تختل معادلة صمودها بمجرد وقف جبهات الإسناد عنها، ولا مبالغة إذا قلنا إن الفضل في استمرار مقاومة حماس يعود لقوة ودعم وإسناد "حزب الله"، وبديهي أنه عند إضعاف حماس، ومنع دعمها أن ترضخ للحلول السياسية بما فيها عودة الأسرى
مناقشة