ممثل المجلس الدولي لحقوق الإنسان: إسرائيل انتهكت كل القوانين و"الفيتو" الأمريكي يحميها من الإدانة

صرح رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة، السفير هيثم أبو سعيد، بأن "ما تقوم به إسرائيل في لبنان، ليس دفاعا عن النفس، وإنما اعتداء صارخ على القانون الدولي".
Sputnik
وأدان أبو سعيد، في مقابلة مع "سبوتنيك"، اليوم الجمعة، استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لقرابة العام، وتوسعها لتصل إلى لبنان، مشيدًا بالقرارات الأممية الأخيرة، التي "أدانت انتهاكات إسرائيل وارتكابها للإبادة الجماعية والتطهير العرقي"، بحسب قوله.
وأوضح أن "إسرائيل لم تترك أي انتهاك على مستوى القانون الدولي وكل البروتوكولات المعنية بالشؤون الإنسانية والسياسية والاقتصادية، إضافة لقيامها بالإبادة الجماعية والتنكيل بالشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن "إسرائيل قامت بالاتجار بالأعضاء البشرية الفلسطينية".
ووصف المسؤول الأممي مجلس الأمن بـ"المجلس السياسي"، الذي "يحاول تقزيم كل الأعمال التي تتعلق بفلسطين، عبر أمريكا التي تعرقل كل هذه المساعي، وتضع "الفيتو" على القضايا التي تدين إسرائيل"، كاشفًا عن مساعٍ لإلغاء "الفيتو" على القضايا الإنسانية.
وإلى نص الحوار..
بداية.. كيف ترى إعلان إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة شخصا غير مرغوب فيه ومنعه من دخول تل أبيب؟
هذا القرار يندرج ضمن الإطار الذي كنا نعهده في إسرائيل، ولا يزال قائما حتى الآن، وهو أنها لا تريد التعاون مطلقا مع الهيئات الدولية التي تعريها بعملها العسكري عند أي عدوان، وبالتالي تحاول إسرائيل أن ترد الصاع للأمم المتحدة من خلال أمينها العام، لمقرراتها القضائية الدولية، التي اتخذت في الآونة الأخيرة بحقها، نتيجة عملها اللاإنساني والإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة، وتتوسع بذلك أيضا في لبنان، وهذا الأمر بالنسبة للأمم المتحدة بديهي ومتوقع بسبب تعنّت إسرائيل في التعاون مع الأجهزة الأممية، إذ تحاول تل أبيب أن تسجل موقفا انتقاميا بسبب هذه القرارات.
مسؤول أممي لـ"سبوتنيك": قرار إسرائيل ضد غوتيريش قنبلة صوتية لا يقدم ولا يؤخر
بذكركم للقرارات الأممية.. كيف تقيّم قرار الجمعية العامة الأخير بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في مدة 12 شهرا؟
هناك إجماع من 143 دولة على القرار الأممي، الذي نطقت به الجمعية العمومية للأمم المتحدة لجهة اعترافها بفلسطين كدولة مستقلة، وهو قرار معنوي، باعتبار أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، لكن لها طابع معنوي كبير جدا وثقل على المستوى الدولي، وهو مؤشر لرغبة دولية من خلال هذه المقررات، ورفع هذا الأمر لمجلس الأمن للبت فيه، نوع من الحرج لبعض الدول التي لا تريد الاعتراف بفلسطين كدولة.
ما أهمية القرار برأيك إن لم يكن ملزما على مستوى التطبيق الفعلي؟
القرار أشار بوضوح إلى اعتراف 143 دولة وحكوماتها بفلسطين كدولة مستقلة، وبدأ الأمر على المستوى التنفيذي، فهناك دول بدأت تتعاطى مع فلسطين كدولة، وتفتح مقرات دبلوماسية هناك، وبالتالي بات هناك حصانة للدولة الفلسطينية على مستوى هذه الدول، واليوم تتمتع باعتراف أكثر من ثلثي المجلس الدولي للأمم المتحدة، وهذا يعطي زخما لكل عمل تقوم به السلطة وفلسطين بشكل عام.
إذًا.. لماذا لم تحصل فلسطين على عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة في ظل هذا الزخم؟
للأسف هذا الأمر منوط بمجلس الأمن، وهو يحاول اليوم أن يقزّم كل الأعمال التي تتعلق بفلسطين من خلال بعض الدول، مثل أمريكا التي تعرقل كل هذه المساعي، وتضع "الفيتو" على القضايا التي تدين إسرائيل، وهي بالتالي تحمي الكيان الإسرائيلي من هذه الانتهاكات التي تمت إدانتها بها، وهذا "الفيتو" سياسي، ويمنع قيام الدولة الفلسطينية على المستوى الرسمي، لكن يوازي ذلك على أرض الواقع اعترافات عدد كبير من الدول بفلسطين من خلال البروتوكولات الثنائية التي تم توقيعها بينهما.
فيما يتعلق بدعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية.. إلى أي مدى تنظر لهذه القضية؟
هذه من أهم قضايا العصر في محكمة العدل الدولية، تليها القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي أدانت القادة الإسرائيليين بارتكاب أعمال الإبادة الجماعية والقتل المتعمد، وهذه القرارات لا يمكن أن تمحيها إسرائيل أو أي دولة في الأمم المتحدة. القرارات التي صدرت عن المحكمتين، جدية وملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بدعوى محكمة العدل الدولية، والتي تقدمت بها جنوب أفريقيا وقبلت إسرائيل التحكيم، وبالتالي كل ما يصدر عن المحكمة ملزم لإسرائيل.
أعتقد أن إسرائيل كانت تعول على بعض الدول في أن تتدخل لدى المحكمة من أجل عدم صدور أي إدانة ضدها، وألا يتم الإشارة إليها في أي من هذه الادعاءات، لذلك طلبت في السابق من واشنطن أن تتدخل مع هذه الدول بما لديها من علاقات ودبلوماسيات ومصالح اقتصادية وغيرها، حتى تنهي قضية جنوب أفريقيا، لكن هذا لن يحدث.
العملية العسكرية الروسية الخاصة
موسكو: نرسل بانتظام بيانات عن جرائم القوات المسلحة الأوكرانية إلى الأمم المتحدة
بصفتكم الأممية.. هل تعتقد أن الأمم المتحدة تبذل الجهود المطلوبة لوقف انتهاكات إسرائيل في المنطقة ومن أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة؟
نعم أعتقد ذلك، وما تقوم به إسرائيل من هجوم على الأمين العام للأمم المتحدة يأتي بسبب قيامه بواجبه على أكمل وجه، ولا يزال يعمل في هذا الصدد، لذلك أصدرت إسرائيل هذا القرار، وهو لا يقدم ولا يؤخر، ولا يعد سوى قنبلة صوتية منها.

أعتقد أن الأمم المتحدة قامت وتقوم بدورها، لكن المشكلة ليست في آلية الأمم المتحدة، لكن في جزئية ضيقة جدا وهي مجلس الأمن، من هنا طالب الأمين العام بتعديلات في بنود الأمم المتحدة، خاصة تلك التي تتعلق بمجلس الأمن.

مجلس الأمن هو مجلس سياسي بامتياز، ونحن طلبنا من فترة طويلة إلغاء "الفيتو" على القضايا الإنسانية، وقد تبنى الأمين العام هذا الطرح ويحاول تسويقه، لكننا نصطدم دائما بالقوى العظمى داخل مجلس الأمن، وخاصة التعنت الأمريكي فيما يتعلق بإسرائيل وجرائمها في العالم.
كيف ترى تعاطي الأمم المتحدة مع استهداف إسرائيل لمؤسساتها في المنطقة لا سيما وكالة "الأونروا"؟
هذا لا يقل شأنا عن استهداف إسرائيل لكل المكونات المجتمعية، سواء كان في غزة أو لبنان. الأمم المتحدة جزء من المكون الأساسي بالمجتمعات، وتعرضها لهذه الحالات ليس طبيعيا لكن يأتي في ظل العمليات العسكرية والاعتداءات التي تقوم بها إسرائيل، وعلى إسرائيل احترام البروتوكولات الدولية، خاصة تلك التي تتعلق باتفاقية فيينا 61 و63، التي تشير بوضوح إلى وجوب احترام المؤسسات والبعثات الدولية التي تتمتع بحصانة أي دولة أو حكومة.
ما يدور في أروقة الأمم المتحدة أن إسرائيل دولة لا تحترم القانون الدولي ولا تقيم له وزنا، وبالتالي كل دولة قد تكون معرضة لنفس العمل الذي تقوم به إسرائيل، وسيكون هذا نوع من الفوضى الأممية، من هنا بات الأمر لزاما على كل الدول الأعضاء والمنظمات الدولية، وتحديدا الاتحاد الأوروبي للجم ذلك.
وهنا أود أن أرسل التحية لمسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي يقوم بمساعي مهمة على المستوى الدبلوماسي من أجل توحيد كلمة أوروبا تجاه قضايا الشرق أوسطية وتحديدا ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات في غزة ولبنان.
فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي في لبنان.. ما دلالات الخطوة وتداعياتها على المنطقة؟
ما تقوم به إسرائيل على عكس ما تدّعيه الإدارة الأمريكية وتحديدا البيت الأبيض، بأن إسرائيل تقوم بالدفاع عن النفس، وهذا ليس صحيحا، ما تقوم به من هجوم بري اعتداء صارخ على القانون الدولي، وما تقوم به إسرائيل واضح، ولبنان هو من يقوم بالدفاع عن نفسه وفقا لميثاق الأمم المتحدة، وتحديدا المادة 51، حيث يحق للبنان أيضا الاستعانة بأي دولة صديقة من أجل مساعدته للدفاع عن نفسه.
هذا الأمر واضح وجليّ ولا يحتمل الاجتهاد، الإدارة الأمريكية تحاول أن تغطي على ما تقوم به إسرائيل من جرائم ومحاولة توسعها في لبنان لتحقيق أي انتصار، علها تعيد بعض الاعتبارات للقادة العسكريين في إسرائيل بعد إخفاقاتهم الكبيرة.
وماذا عن القانون الدولي والقرار رقم 1701؟
نحن مع تطبيق كامل لكل قرارات الأمم المتحدة وتحديدا قرار 1701، لكن إسرائيل منذ إعلان القرار لم تحترمه، هي من قامت بخرق القانون مئات المرات منذ 2006، لذلك من اعتدى على القانون الدولي خاصة 1701 هي إسرائيل، وما يقوم به لبنان حق الدفاع عن النفس.
لا أرى بالموجب القانوني أن المقاومة اللبنانية اخترقت القرار رقم 1701 بل طبقت المادة 51 في ميثاق الأمم المتحدة بفقرتيه الأولى والثانية في الدفاع عن النفس.
هل تعتقد أن ما يحدث في لبنان قد يجر المنطقة لحرب شاملة؟
هذا ما نخشاه في الحقيقة، ومن هنا بدأنا التحرك على مستوى أعلى، وبات مكان اهتمام متواصل للأمين العام للأمم المتحدة، ولمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وللمفوض السامي من أجل تطويق هذا الأمر على المستوى القانوني والحقوقي، ومستوى الحكومات عبر الاتصالات، التي يقوم بها الأمين العام بموجب المادة 99، التي أطلقت عنانه في التعاطي بهذا الملف على المستوى السياسي.
نأمل أن تستجيب هذه الحكومات بممارسة المزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية التي تعتدي على لبنان، اليوم إسرائيل في موقع الاعتداء وتخرق القانون الدولي مرة أخرى بعد غزة.
عام من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.. كيف ترى استمرار العدوان ونتائجه الكارثية على مستوى حقوق الإنسان؟
لا تزال إسرائيل مصرّة على القتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني، والحلقة الحربية لا تزال مستمرة في غزة والضفة الغربية وكل بقعة يتواجد فيها الفلسطينيون، وهذا الأمر مقلق لأنه توسع أكثر مما كان يعتقد، ومما قالته إسرائيل منذ بداية الأحداث، أنها تنوي القضاء على "حماس" فقط، وتبيّن أن ادعاءاتها كاذبة، ما تقوم به إسرائيل من كوارث في فلسطين سيرتد حكما على المستوى الدولي بالسلبية، وعلى المجتمع الدولي خاصة الغربي منه أن يتحمل هذه المسؤولية، لأن تداعيات التدهور الإنساني في غزة سيطال حتى الاتحاد الأوروبي.
مسؤول أممي لـ"سبوتنيك": حظر وسائل الإعلام الروسية "أمر مخز" وينتهك القانون الدولي
إلى أي مدى انتهكت إسرائيل حقوق الإنسان في غزة ولبنان؟
لم تترك إسرائيل أي انتهاك على مستوى القانون الدولي وكل البروتوكولات المعنية بالشؤون الإنسانية والسياسية والاقتصادية، لا يمكن التخيل بأن هناك قانونا لم تخرقه إسرائيل بعد، والأخطر من ذلك قيامها بالإبادة الجماعية والتنكيل بالشعب الفلسطيني، ومحاولة التطهير العرقي والتهجير القسري، والتي تندرج جميعها تحت الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي.
حتى أن إسرائيل قامت بالاتجار بالأعضاء البشرية الفلسطينية وهي الآن مدانة، وهناك دلائل ووثائق مثبتة على هذا الأمر، وبالتالي كل درجات الانتهاكات للشأن الإنساني قامت به إسرائيل هناك.
هل تطلعنا على الجهود الأخيرة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لحل القضايا المشتعلة في المنطقة؟
كان لدينا جلسة، وأشرت في كلمتي بوضوح لنقاط بعينها وتحتاج إلى تطبيق فوري، وهي مندرجات قانونية ودولية، وهذا الأمر ليس بحاجة فقط إلى مقررات مجلس الأمن الدولي، بل إلى تعاون الحكومات، إذ يمكن أن نستبدل بطريقة معينة قانونية الأحكام التي لا يصدرها مجلس الأمن بسبب "الفيتو"، بالتواصل المباشر مع بعض الحكومات ذات التأثير على القضاء الإسرائيلي من أجل تطبيق القوانين الدولية.
من هنا نرى وجوب احترام الادعاء الذي يقوم به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية القاضي كريم خان، الذي يقضي بتوقيف القادة الإسرائيليين، وهذا سيكون مدخلا أساسيا من أجل أن تثبت إسرائيل ما فقدته في حرب 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على غزة، في أن تعيد نوعا من الاعتبار للقضاء الإسرائيلي الذي بات اليوم معدوما وتحت الضغط السياسي في إسرائيل، لا بد من إعادة النظر في تطبيق القوانين سواء في إسرائيل أو في بعض الحكومات التي تدعي احترامها لحقوق الإنسان.
حجبت أمريكا وأوروبا بعض وسائل الإعلام الروسية.. كيف ترى هذه التحركات؟
هذا أمر مخزي جدا وإلى أبعد حدود، ويقضي على حرية الرأي، حظر الإعلام سواء من روسيا أو غير روسيا، ممنوع في القانون الدولي طبقا للمادة 19 من الشريعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي تعطي حرية الرأي لكل الأشخاص والهيئات، طالما ضمن الأطر والمعايير القانونية المعمول بها.
ما يُراد من هذا الأمر الإطباق الكلي على الحقيقة، مثل ما تقوم بها إسرائيل من إبادة وتنكيل وقتل وتشريد لمجتمعات وتغيير ديمغرافي لشعوب، لا أفهم كيف تقوم بعض الدول الأوروبية بهذا الأمر وهي غير معنية على المستوى الديمغرافي مع إسرائيل، لكن يبدو أنه يندرج تحت المصالح الأفقية لها على مستوى الأشخاص في هذه الدول مع إسرائيل. وسائل الإعلام آخر معقل يمكن أن يتم الإطباق عليه قبل أن ننعي الشريعة الدولية والحقوقية.
أجرى المقابلة: وائل مجدي
مناقشة