فهل تنجح تحركات الحكومة العراقية وتواصلها مع الولايات المتحدة والدول الغربية وغيرها في تجنيب العراق ردا إسرائيليا على تلك الهجمات..أم أن الرد قادم لا محالة ولكنه يخضع لحسابات معينة وفق ترتيبات جديدة يتم رسمها للمنطقة؟
بداية يقول إياد العناز، المحلل السياسي العراقي: "تصاعد الأحداث وتشابكها واتساعها عبر العديد من المواقع والأماكن في محور وحدة الساحات، جعل من العراق هدفا محوريا تحاول فيه حكومة السوداني أن تنأى بالبلد من مخاطر أي هجوم إسرائيلي تجاه الأراضي العراقية، بعد أن تم استهداف العمق الإسرائيلي بعديد من الهجمات العسكرية من قبل الفصائل المسلحة والتي ما انفك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من محاولاته في إبعاد العراق أن يكون ساحة للصراع القائم بين أطراف المواجهة في المنطقة".
مواجهة محتملة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "يدرك السوداني أن الفصائل المسلحة تعتبر الحليف الاستراتيجي لإيران وأجهزتها الأمنية والعسكرية المرتبطة بنشاطات الحرس الثوري الإيراني وقياداته الميدانية، وهو عمل على التحرك عبر جهات فاعلة لها تأثيرها على هذه الفصائل لإقناعها بعدم إقحام العراق في أي مواجهة محتملة أو حرب إقليمية قادمة".
وتابع العناز: "يحاول السوداني أيضا إبعاد البلاد عن أي مناكفات وصراعات سياسية عسكرية ضمن إطار المتغيرات الميدانية التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، والحفاظ على حالة التوازن السياسي الذي يعمل عليه السوداني في علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وتمسكه بما اتفق عليه في المباحثات الأخيرة مع قوات التحالف الدولي في حماية مقراتها وقواعدها العسكرية في العراق".
التصدع السياسي
وأشار العناز، إلى أن "استمرار الفعاليات العسكرية لبعض الفصائل في توجيه الطائرات المسيرة أو ضرب المصالح الأمريكية في الميدان السوري، إنما يشكل حالة من التصدع السياسي الذي تعاني منه حكومة السوداني، ورغم جميع المحاولات التي تقوم بها، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف التعرضات والعمليات العسكرية تجاه القواعد العسكرية والأماكن الاستراتيجية في إسرائيل، وآخرها ما حدث في منطقة الجولان المحتلة".
ضربة مؤكدة
من جانبه، يقول قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات: "لا أظن أن السوداني بمقدوره تجنيب العراق أن يكون هو الساحة القادمة للصراع القائم في المنطقة، لسببين أساسيين اولهما أن السوداني مرتبط بإطار والإطار برمته إيراني، والشيء الآخر أن الفصائل المسلحة الولائية غير مرتبطة بالسوداني، ولم تكن مطيعة له بالمرة في الميدان".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لا يمكن أن يقوى السوداني على تجنيب العراق الدخول في مواجهة أو يكون ساحة للصراع الإقليمي عن طريق الحكومة ولا عن طريق الضغط على هذه الفصائل".
وتابع الخفاجي: "أتوقع ضربة قادمة لا محالة، وذلك لأن الإدراك الصهيوني والأمريكي معا تكاملا في أن يتم تقطيع أذرع إيران في المنطقة، والفصائل المسلحة التي هي في العراق من أنشط الفصائل الولائية بعد حزب الله، وحزب الله كما نرى للأسف الشديد وصل إلى حالة مأساوية جدا، وبالتالي الضربة قادمة لا محالة بعد أن يطمئن ظهر الكيان الصهيوني ويقضي على السلاح الخاص بحزب الله في جنوب لبنان ليتفرغ للعراق وسوريا واليمن".
مخطط إسرائيلي
وأشار الخفاجي: إلى أن "هناك مخطط إسرائيلي أمريكي متدرج بحيث تنتهي من خطر حزب الله وسوريا والعراق واليمن، بعدها تكون مهمة إسرائيل تغيير النظام السياسي في إيران، وهذا أمر محتمل في توقعات المراقبين، وموقف الحكومة العراقية في كل حال سيكون صعب للغاية وغير قادر على الرد أو إيقاف توسع القتال أو تحجيم فاعلية الفصائل المسلحة الولائية واحتواء أو منع الضربات الصهيونية للعراق".
وأوضح نائب رئيس لجنة العلوم السياسية، "أنه في كل الحالات ستكون حالة الحكومة العراقية حرجة وغير قادرة على فعل معين وهذا ما توقعناه كمراقبين نعيش الحالة ونعرف مدى ضعف السوداني، ولعل رئيس الوزراء السابق الكاظمي كان أحد الدلالات على الضعف، إذ دخلت قوات من الفصائل المسلحة لداره في المنطقة الخضراء المحصنة".
كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة عن استعدادات متزايدة للرد الإسرائيلي المرتقب على إيران، حيث يُتوقع أن يتم تنفيذ رد قريب قد يتضمن استهداف المنشآت النووية الإيرانية والفصائل العراقية.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير،السبت الماضي، أن إسرائيل تخطط لرد "قاسٍ"، محذرةً من أن "الأخطاء في الحسابات قد تحدث"، خاصة مع وجود مخاوف من جر الولايات المتحدة إلى النزاع.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة، قولها إن استهداف المنشآت النووية الإيرانية ليست مهمة سهلة، حيث يتطلب الأمر أكثر من قنبلة واحدة لإيقافها، إذ أن العملية معقدة للغاية.
وكشفت المصادر أيضا أن إسرائيل تخطط للتحرك نحو العراق كرد على الهجوم الذي أودى بحياة جنديين إسرائيليين بواسطة طائرة مسيّرة انطلقت من أراضيه.
وبحسب الصحيفة، قدّر مسؤولون أمريكيون أن الهجوم الإسرائيلي على إيران أصبح وشيكا، بينما يظل السؤال الأكبر حول دور الولايات المتحدة في هذا الرد.
وعلى الرغم من عدم ظهور مؤشرات على مشاركة الطائرات الأمريكية في الهجوم، إلا أن هناك تنسيقا بين إسرائيل وواشنطن.
وكانت إيران قد شنت هجوماً باستخدام نحو 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، الثلاثاء الماضي، في رد فعل على سلسلة من الاغتيالات والهجمات التي استهدفت هنية ونصر الله، بالإضافة إلى عسكريين إيرانيين، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة، قد تشمل دولاً أخرى.
وفي أعقاب الهجوم، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن تدفع إيران "ثمنا باهظا"، فيما أعلنت واشنطن أنها ستعمل مع إسرائيل لضمان مواجهة إيران.
بينما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن إيران ستخضع لعقوبات جديدة، ردا على هجومها الصاروخي ضد إسرائيل، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه لا يؤيد توجيه ضربات لمنشآت نووية إيرانية.