وجاءت تصريحات البرلمانيين، اليوم الجمعة، تعليقا على المقترح الذي تقدم به المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، لمجلس الأمن بشأن تقسيم المنطقة بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال المنطقة.
واقترح دي ميستورا، تقسيم الصحراء إلى شقين، واحد للمغرب والآخر للبوليساريو، وفق تقارير صحفية عدة.
في المقابل، عبّرت جبهة البوليساريو عن رفضها التام لمقترح مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، "تقسيم" المنطقة المتنازع عليها بين الجبهة والمغرب.
ولم تعلق الرباط حتى اليوم على المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي، خاصة أن الملف يعد أساس الخلاف والتوترات بين المغرب والجزائر.
الجزائر تتمسك بالاستقلال
من ناحيته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية، بالبرلمان الجزائري، محمد هاني، إن "الشعب الجزائري والدولة الجزائرية يتمسكون باستقلال الصحراء الغربية وليس التقسيم".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "مقترح التقسيم الذي اقترحه دي ميستورا رغم أنه غير مقبول من طرف الشعب الصحراوي، لكنه يعد هزيمة لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في العام 2007".
وتابع: "نحن ننادي باستقلال الأراضي الصحراوية، وتقرير المصير من طرف الشعب الصحراوي".
على الجانب الآخر، قال الخبير الأمني والسياسي المغربي، محمد الطيار، إن"مقترح تقسيم الصحراء هو دليل على وصول الأمم المتحدة إلى الطريق المسدود في تدبير ملف قضية الصحراء المغربية".
وتابع: "المقترح الذي جاء به دي ميستورا، والمتعلق بتقسيم الصحراء، ليس بالأمر الجديد، فقد سبق أن طرحته الجزائر بشكل رسمي في عام 2001، من طرف الرئيس الجزائري الراحل، عبد العزيز بوتفليقة، في هيوستن، كما جاء في تقرير الأمين العام لمجلس الأمن عام 2002، وقد رفض المغرب مقترح الجزائر والبوليساريو بتقسيم إقليم الصحراء".
طريق مسدود
وأضاف محمد الطيار، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "ما جاء به دي مستورا ليس له تفسير غير كون الأمم المتحدة، وصلت إلى الطريق المسدود في قضية الصحراء، كما وقع لها أواخر عقد التسعينات، بعد أن تأكدت من استحالة تنظيم الاستفتاء، وفشل مقترحات جيمس بيكر، الذي طرح هو أيضا فكرة التقسيم ورفضها المغرب بشكل قاطع، ولم يسعف الأمم المتحدة غير المغرب الذي طرح مقترح الحكم الذاتي عام 2007، لتبدأ مسارا جديدا من العملية السياسية".
وتابع: "مقترح دي ميستورا يجعل أمر انسحاب الشق العسكري المتبقي من المينورسو أصبح مطروحا بقوة، فالبوليساريو تنصلت من الاتفاق الموقع في عام 1991، ولا تلتزم بوقف إطلاق النار، والجزائر الطرف الأول والأساسي في النزاع، ترفض الجلوس للحوار المباشر، والمغرب يرفض بتاتا التنازل عن شبر واحد من إقليم الصحراء، وقد حسم ميدانيا النزاع لمصلحته، ووصل عدد قنصليات الدول المفتوحة في مدينتي العيون والداخلة إلى 30، ويستعد حاليا لإنهاء وضع المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني".
وشدد الخبير الأمني والسياسي المغربي، محمد الطيار، على أن "المغرب يرفض بشكل قاطع مقترح التقسيم ، إذ يمارس سيطرته الكاملة على الإقليم، ولديه مشاريع تخص الإقليم، منها أنبوب الغاز "نيجيريا المغرب"، والمبادرة الأطلسية لفك العزلة عن دول الساحل الأفريقي، التي تربطها بميناء الداخلة الأطلسي، الذي من المنتظر أن تنتهي الأشغال فيه عام 2029".
رفض سابق
من ناحيته، قال البرلماني الجزائري، علي ربيج، إن "مقترح تقسيم الصحراء الغربية رفضته الجزائر في السابق".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المقترح اليوم يعود من بوابة أخرى ومن طرف ثالث، وهو المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، من المفروض أنه محايد، في حين أن المقترح يقف ضد تطبيق القرارات الأممية، التي تعالج القضية".
وتابع: "المقترح من جانب المبعوث الأممي، أو مقترح الحكم الذاتي من طرف المغرب، يقفز على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره".
واستطرد: "السؤال ليس ما هو موقف الجزائر، بل موقف البوليساريو التي رفضت هذا المقترح، وهو رد قوي من قبل جبهة البوليساريو، أما بالنسبه لموقف الجزائر دائما كانت تقف إلى جانب حق الشعب الصحراوي في تقريب مصيره".
وأضاف: "لقد حان الوقت أن يتحرك الأمين العام للأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة، والذي يقرره الصندوق من خلال الاستقلال أو الانضمام إلى المغرب أو الجزائر ".
مقترح الحكم الذاتي
في عام 2007، قدّم المغرب مبادرة حول الحكم الذاتي في الصحراء، تضمنت ممارسة سكان الصحراء لحقوقهم من خلال هيئات تشريعية، بالإضافة إلى إقامة هيئات تنفيذية وقضائية.
ورحب مجلس الأمن في قراره رقم 1754، في عام 2007، بالمبادرة المغربية التي وصفها بالجادة وذات المصداقية، مطالباً الأطراف بالدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2012، وصل المبعوث الخاص كريستوفر روس، إلى المناطق الصحراوية، الواقعة تحت نفوذ المغرب، وزار مخيمات "تندوف"، جنوب غربي الجزائر، بهدف تسهيل المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع، ومحاولة الوصول لحل سياسي عادل ودائم ومقبول.
وقررت الجزائر، في وقت سابق، سحب سفيرها لدى فرنسا، سعيد موسى، و"بأثر فوري"، وفقا لبيان من وزارة الخارجية الجزائرية، بعد تأييد باريس لمقترح الحكم الذاتي.
وجاء في بيان للوزارة: "أقدمت الحكومة الفرنسية على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضا في إقليم الصحراء الغربية".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق، إن فرنسا ستعترف بمخطط المغرب بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء في إطار السيادة المغربية كأساس وحيد لحل دائم للقضية.
وفي فبراير/ شباط 2024، أكد وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، أن "الوقت قد حان للمضي قدما بالنسبة لبلاده والمغرب".
وأعلن سيجورني، حينها، أنه سيعمل "شخصيا" على تحقيق التقارب بين فرنسا والمغرب، اللتين ضعفت علاقاتهما في السنوات الأخيرة، وفق تصريحاته للصحافة الفرنسية.