الخطة الإسرائيلية التي وصفتها حركة حماس بالخطة الأكثر عنصرية، تنص على تنفيذ الجيش مرحلتين في غزة، تقضي الأولى بتهجير السكان المتبقين في شمال القطاع وتحويلها لمنطقة عسكرية مغلقة، ثم تنفيذ عملية التهجير عينها في بقية أنحاء القطاع.
وقبل نحو أسبوعين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن بلاده تدرس خطة "الجنرالات" بإعلان شمالي قطاع غزة منطقة عسكرية، وفقا لما نقلته هيئة البث الإسرائيلية.
وأوضحت الهيئة نقلا عن نتنياهو أن هناك خططا أخرى تدرسها إسرائيل بالإضافة إلى خطة "الجنرالات" والمعروفة بخطة غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، التي تقضي بتحول شمال غزة إلى منطقة عسكرية إسرائيلية.
تطبيق فعلي
في ذلك الصدد، قال الدكتور ماهر صافي، الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، إن "إسرائيل بدأت بالفعل في تنفيذ "خطة الجنرالات" على أرض الواقع، من خلال عمليات الإبادة الجماعية التي تنفذها، والقصف المتواصل والشديد للمناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي لتنفيذ خطته".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تهدف الخطة الإسرائيلي إلى ترحيل سكان شمال قطاع غزة إلى المناطق الوسطى، للاستفراد بالمقاومة الفلسطينية في القطاع، الذي يبلغ عددهم ما بين 4 إلى 5 آلاف مواطن فلسطيني.
وقال إن إسرائيل تضغط كثيرًا على السكان الفلسطينيين لترحيلهم من هذه المناطق، لكن يرفض الفلسطينيون السماح بتنفيذ هذه الخطة، ويتمسكون بالبقاء على الأرض على الرغم من الثمن الباهظ، والأعداد الكبيرة التي تموت بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
ويرى صافي أنه في "حال نجحت إسرائيل في تنفيذ خطة الجنرالات في قطاع غزة، سيكون هناك خطر كبير على قطاع غزة والقضية الفلسطينية، حيث نتحدث عن مرحلة جديدة من مراحل العدوان، مرحلة تنفيذ الخطط والتمكين من أجل تهجير الشعب الفلسطيني".
وأوضح أن إسرائيل تستعد الآن لتنفيذ خطة الجنرالات، والدخول في مرحلة التهجير القسري لأكثر من مليوني مواطن من قطاع غزة، كما خططت لها مسبقا، مؤكدًا أن الوضع على الأرض صعب للغاية جراء عمليات الإبادة، وسياسة التجويع التي تتبعها حكومة نتنياهو.
تهجير السكان
بدوره اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، ثائر نوفل أبو عطيوي، أن خطة الجنرالات الإسرائيلية التي تم الإعلان عنها منذ فترة وجيزة، من قبل حكومة نتنياهو، تهدف في المقام الأول إلى تهجير وطرد وتشريد أهالي شمالي قطاع غزة من منازلهم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، استمرار حصار إسرائيل لشمال قطاع غزة بشكل محكم لأكثر من أسبوعين على التوالي ضمن عملية عسكرية واسعة تستهدف مدينتي بيت حانون وبيت لاهيا، إضافة إلى مدينة جباليا التي تتعرض بشكل عنيف ومكثف ومتواصل للقصف والقتل والتدمير والحصار والتجويع لأكثر من عشرة أيام على التوالي، يأتي ضمن خطة تهجير السكان المدنيين، والذي يبلغ عددهم في شمال قطاع غزة نحو 250 ألف مواطن.
وقال إن واقع المواطنين في شمال قطاع غزة وضع مأساوي منذ شهور طويلة، نظرا للنقص الحاد في الغذاء والمياه والدواء وجميع مستلزمات الحياة اليومية الأساسية، ولكن الفترة الحالية اشتدت الأزمة بشكل واضح وكبير نتيجة فرض إسرائيل الحصار الكامل على شمال القطاع، ومنعه لدخول أي مساعدات إغاثية وإنسانية وأي سلع غذائية، إضافة إلى الاجتياحات والاقتحامات لبعض المناطق في شمال قطاع غزة، وخصوصا مدينة جباليا ومخيمها والقيام باستهداف المواطنين العزل واعتقال العديد من المواطنين في ظروف غير إنسانية.
وأشار أبو عطيوي إلى "استمرار العدوان الإسرائيلي على شمال قطاع غزة، وفصل مناطق الشمال عن بعضها البعض بهدف التحكم بها والسيطرة عليها وجعل المواطنين يستعجلون بالنزوح إلى جنوب القطاع، بهدف إخلاء كافة مناطق شمال غزة وتفريغها من سكانها وتهجيرهم منها، وجعل أكبر مساحة جغرافية عبارة عن مناطق عازلة كما تسميها إسرائيل".
ويرى أن "عمليات القصف والقتل والاعتقالات والحصار والتجويع في شمال قطاع غزة كلها ممارسات لإجبار السكان للهروب والنزوح من جحيم الموت قصفا أو جوعا، وهذا هو الوجه الحقيقي للإبادة الجماعية، في ظل تطبيق إسرائيل لخطة "الجنرالات" وتفريغ شمال قطاع غزة وترحيل سكانه بشكل كامل".
وطالب بضرورة التحرك العاجل من المجتمع الدولي والضغط على حكومة نتنياهو لإنهاء حصار شمال قطاع غزة، والعمل بشكل فوري وسريع على مضاعفة الجهود من أجل إنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أطلق حزب "الليكود" الحاكم في إسرائيل، حملة لجمع توقيعات نواب على عريضة موجهة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تطالبه بتنفيذ ما تعرف "بخطة الجنرالات"، التي تقضي بتحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة عسكرية، وإجلاء 200 ألف فلسطيني من هناك، لإبقاء المنطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة.
و"خطة الجنرالات" هي تصور استراتيجي أعده الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا آيلاند، ونال تأييد عشرات الضباط السابقين بالجيش، وقُدم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزارة الدفاع الإسرائيلية، وفقا لـ"العربية".
يأتي ذلك، في ظل تواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أسفرت إلى الآن عن مقتل ما يزيد عن 42 ألف فلسطيني وإصابة زهاء 100 ألف آخرين؛ فضلاً عن تدمير هائل في المباني والبنية التحتية بالقطاع.
وكانت حركة حماس الفلسطينية، قد أعلنت في السابع من أكتوبر 2023، عن عملية "طوفان الأقصى"، وأطلقت خلالها آلاف الصواريخ تجاه إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسر نحو 250 آخرين.