ويعزز الانضمام إلى "بريكس" التعاون في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية، ما يدعم التنمية المستدامة، وتتيح الفرصة للدول الأعضاء للتفاوض ككتلة واحدة في القضايا العالمية، ما يدعم نفوذها الدولي، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في مواجهة التحديات الاقتصادية المشتركة.
خطوة مهمة
في هذا الإطار، أوضح الخبير والأكاديمي الليبي محمد درميش، أن انضمام ليبيا المحتمل إلى مجموعة "بريكس" يمثل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح. وأشار إلى ضرورة أن تتبنى القيادة الليبية سياسة الانفتاح على جميع الأطراف الدولية، مع الحفاظ على التوازن في العلاقات مع القوى العالمية والإقليمية.
وفي تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أكد درميش أن الانضمام إلى مجموعة "بريكس" خطوة مهمة، نظرًا لأن العالم يعيش في مرحلة من التحولات الاقتصادية المتعددة الأقطاب، ما يتطلب من ليبيا أن تكون جزءًا من هذه التحولات.
وأضاف أن من مصلحة ليبيا تعزيز علاقاتها مع مجموعة "بريكس"، كونها تمثل تبادلًا للمصالح مع دول أخرى، مشيرًا إلى ضرورة الاستفادة من هذه الفرصة على غرار الانضمام إلى تحالفات أخرى مثل تجمع دول الساحل والصحراء، الاتحاد الأفريقي، اتحاد المغرب العربي، الجامعة العربية، ومنظمة عدم الانحياز.
واعتبر درميش إن هذه الخطوة تعزز من أهمية العلاقات الاقتصادية بين الدول وتسهم في تحسينها.
كسر السيطرة
فيما يرى المحلل السياسي الليبي إدريس أحميد، أن التعاون الدولي، وخاصة في المجال الاقتصادي، أمر جوهري بين الدول، حيث يشتد التنافس بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وهيمنة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وظهرت نتيجة لذلك منتديات اقتصادية مثل مجموعة البريكس، التي تسعى إلى كسر السيطرة الغربية، والوقوف في وجه منظمات كالاتحاد الأوروبي وآسيان.
وأوضح أحميد في تصريح لـ "سبوتنيك" أن مجموعة "بريكس" تمثل بارقة أمل لشعوب العالم الراغبة في التخلص من هيمنة القوى الأحادية، حيث تؤثر هذه الهيمنة أيضًا على المشهد السياسي الدولي ومع ذلك، أشار إلى أن الانضمام للبريكس يتطلب اقتصادًا قويًا واستقرارًا سياسيًا، ورغم أن دعوة وزير الاستثمار الليبي خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها تظل بحاجة لإرادة سياسية قوية، حيث تعاني ليبيا من انقسامات وأزمات قد تحول دون تحقيق هذا الهدف.
وأضاف أن هذا الانقسام الداخلي سيؤدي إلى معارضة هذه الفكرة، مشيرًا إلى أن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن انضمام ليبيا للبريكس، خاصة في ظل وجود دول مستقرة لم تنضم بعد.
كما لفت إلى أن الولايات المتحدة، التي تسيطر على الملف الليبي، لن تسمح بانضمام ليبيا لهذه المجموعة، لأنها تسعى إلى فرض استقرار يتماشى مع مصالحها وهيمنتها.
وأكد أحميد على ضرورة تحقيق استقرار سياسي واقتصادي في ليبيا قبل النظر في الانضمام لـ"بريكس"، وأن هذا الأمر يحتاج لوقت طويل حتى تستقر البلاد تحت سلطة موحدة، حينها فقط يمكن الحديث عن إمكانية انضمام ليبيا لهذه المجموعة، مما قد يدعم سيادتها ويسهم في خلق توازن عالمي جديد.
مصدر مسؤول
وفي وقت سابق، صرّح وزير الاستثمار في الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان علي السعيدي لـ "سبوتنيك" بأن ليبيا لا تعتمد على طرف واحد، بل من الضروري التعاون مع عدة جهات.
وأوضح الوزير الليبي أن مجموعة "بريكس" تمثل منظومة مالية حديثة تقوم على مبدأ الربح المتبادل، حيث يجد الجميع مكانًا ومقامًا دون هيمنة كما يحدث مع الدولار أو اليورو، وأن كل من يساهم في "بريكس" يجد فرصته وموقعه.
وأكد على أن ليبيا دولة غنية، وأن تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد هو أمر أساسي، خاصة في مجال الاستثمار، وحول إمكانية انضمام ليبيا إلى "بريكس"، شدد السعيد على ضرورة اتخاذ الحكومة الليبية إجراءات واقعية وسياسية حقيقية لدراسة هذا القرار.
ولفت إلى أن ليبيا تمتلك كتلة مالية كبيرة ولديها تبادلات تجارية هامة مع دول مثل روسيا، وبعض الدول الأوروبية، والصين، والهند. وأكد أنه في حال تم تفعيل منظومة "بريكس" فإن ذلك سيعزز قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار، وسيؤدي إلى دخول سلع كثيرة بأسعار أقل لتكون في متناول الجميع.
وناشد السعيدي في تصريحه القيادة السياسية في ليبيا، وعلى رأسها رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، للتحرك نحو مشاركة ليبيا في هذه المجموعة المالية الجديدة، مشيرًا إلى أن هذا الانضمام سيكون له أثر كبير، كما دعا إلى ضرورة أن تكون ليبيا منفتحة على العالم بأسره، مع عدم معاداة أي جهة، سواء اليورو، الدولار، أو "بريكس".