حيث تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدد من المناطق، ما تسبب في مقتل مئات المدنيين غالبيتهم في وسط البلاد.
واندلعت الاشتباكات، أمس السبت، شمال غرب العاصمة السودانية الخرطوم ومنطقة الخرطوم بحري، ومدينة الفاشر، شمال دارفور.
وقال حمدوك إن انزلاق السودان لحرب أهلية سيقود لكارثة الإبادة الجماعية وتمزق البلاد وتحولها إلى بؤرة للإرهاب.
فما هى إمكانية وصول السودان إلى الحرب الأهلية..وهل دعوة حمدوك للتدخل الدولي هى الحل لوقف الحرب؟
دعوة مرفوضة
بداية يقول المستشار السابق للحكومة السودانية، الدكتور ربيع عبد العاطي: "إن تحذير حمدوك بلا شك يمثل موقفه المخزي تجاه السودان و رغبته نحو تدخل دولي في السودان يبرر عودته، وهو يعلم بأن هذا الذّي يدعو له لن يحدث إلا أذا دخل الجمل في سم الخياط".
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك": "إلى أن تدفق السودانيين نحو" Chatham House" للاحتجاج حيث أدلى حمدوك بتلك التصريحات،وهذا يثبت مدى كراهية الشعب السوداني له و إدانته بما يفعل ورفضهم لما يصرح به".
وأضاف عبد العاطي، "الموقف في الداخل السوداني يرفض حمدوك وقد لا يسمح بأن يعود إلى البلاد بأي صورة من الصور، ويرى الكثيرين أنه مسؤول ولو بشكل غير مباشر عن آلاف الأرواح التي أزهقت بلا ذنب نتيجة اتفاقه مع الدعم السريع المتهمة دوليا بارتكاب المذابح و الفظائع بحق شعب السودان".
التوافقات المشبوهة
وأوضح المستشار السابق للحكومة السودانية، "أن ما يجري في الجزيرة من إبادة وجرم كله بسبب تلك التوافقات المشبوهة ولا يشفع له بأن يتخفى تحت ما يسميه الحرب الأهلية، وعما قريب سينتصر الجيش السوداني، ونرى تلك المقدمات والانتصارات على الأرض، علاوة على تضييق للخناق على التمرد، وما نراه من جرائم حرب في عدد من المناطق تعد بمثابة الرقصة الأخيرة للطير المذبوح".
وأكد عبد العاطي، "أن رقعة الحرب تنحسر مع كل تقدم للجيش ولا تتسع كما يقول البعض، وما يصدر من بيانات عن الجيش يؤكد ما قلناه مرارا أن القضاء على التمرد وإعادة هيبة الدولة هو الطريق الوحيد لوقف الحرب وإنهاء حالة الفوضى وسفك الدماء البريئة".
التدخل الدولي
من جانبه يقول وليد علي، المحلل السياسي السوداني، "الحرب توسعت بالفعل وامتدت لمناطق كثيرة وللأسف إلى مناطق ليس بها أي مظهر لقوات عسكرية، و تتعرض قرى آمنة لإنتهاكات غير مفهومة في سياق إدعاء قيادة الدعم السريع أنها تقاتل من أجل المواطنين و لتأسيس دولة عدالة و قانون".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "دعوة حمدوك الأخيرة لم تكن الأولى من نوعها فقد أعرب مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة قبل ذلك عن مخاوفه من إنتشار القتال في جميع أرجاء البلاد، تحت دعاوى إثنية و ثقافية أيضا و هذا ما دخلنا فيه بالفعل".
وتابع علي: "حمدوك لا يُحذر بقدر ما يدعو لتدخل دولي عسكري مع حظر للطيران يشمل كل السودان، و هذه دعوة لنزع مخالب الجيش السوداني بصورة مباشرة و تجريده من تفوقه الجوي في حربه ضد الدعم السريع، و هي دعوة لازال الطريق لقبولها طويلا في ظل أوضاع مجلس الأمن و نهاية ولاية بايدن و عودة دونالد ترامب رجل الأعمال، الذي يحسب كل شيء بحساب الربح و الخسارة".
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه "يبدو أن حمدوك فقد الأمل في أن يستطيع الفريق أول حميدتي أو نائبه في السيطرة على قواتهما التي تهاجم كـ وحوش بدون رؤوس فهي عمياء تماما في ما تقوم به، و لا تفرق بين عسكري و مدني و بين طفل و بالغ و بين مرأة و طفله، و هذا مؤشر خطير للغاية".
الإدارات الأهلية
وقال علي: "الأمل الآن في أن تقوم الإدارات الأهلية و أصحاب السلطات الأخلاقية في المجتمع السوداني مثل زعماء القبائل و رجال الدين و رجال المجتمع، بالتدخل بسرعة لوقف تأييد القبائل لطرفي الحرب، لأن تأييد زعماء القبائل الصريح و خاصة زعماء قبائل العطاوة (عدد من قبائل دارفور) للدعم السريع و إستنفار هم لأبناء قبائلهم للقتال بدعوى أنها معركة بقاء أو فناء في مقابل دولة الجلابة كما يزعمون و(يعنون مكونات قبلية شمالية محددة) يزعمون سيطرتها على مفاصل الدولة، هذه الدعوة هي إعلان واضح لحرب أهلية سوف تقوم قبائل شمال السودان بمقابلتها بتأييد الجيش و طلب التسليح لحماية أرضها و نفوسها و هذا ما يحدث حاليا".
وقال المحلل السياسي، "ما يحدث الآن يتطلب على وجه السرعة تدخل العقلاء من قيادات المجتمع السوداني، حيث أصبح هذا التدخل ضرورة لوقف خطاب الكراهية المتنامي داخل أوساط القبائل العربية بالسودان، و توصيف الحرب سوف يكون عداوة بين قبائل عرب غرب السودان و بين قبائل عرب شمال و وسط السودان هذا هو الخطاب الصاعد بقوة حاليا".
توصيف الحرب
وأوضح علي، "أن الجيش يحاول توصيف الحرب بأنها ضد الدولة و بقائها، في نفس الوقت يحاول الدعم السريع توصيف الحرب بأنها ضد التهميش، و لكنهما معا غير قادرين على قول الحقيقة كما هي".
واختتم علي: "على حمدوك البدء في مخاطبة المجتمع السوداني و قياداته و عدم التعويل على المجتمع الدولي في أن يوقف الحرب كما يأمل هو بسرعة، لأن المجتمع الدولي نفسه لم يتدخل في رواندا إلا بعد أن قتل قريبا من مليون مدني، و لا أعتقد أن حمدوك أو أي سوداني يخاف على بلده سوف يكون قادرا على إحتمال تصور عدد كهذا في السودان".
وتندلع المواجهات العنيفة بمنطقة الحلفايا في الخرطوم بحري وسط غموض حول الأوضاع الميدانية، فبينما تزعم وسائل إعلامية تابعة للدعم السريع استعادة المناطق التي أعلن الجيش استعادتها في السابق، فإن منصات إعلامية تابعة للجيش تنفي تلك الادعاءات.
في إقليم دارفور، تقول قوات الدعم السريع إنها تحاصر قيادة الفرقة السادسة بمدينة الفاشر، التي تمثل آخر معاقل الجيش الرئيسية في الإقليم.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان.