باحث: "ترومان الجديد" يلقي بالبشرية إلى الحرب الثالثة... ورهاننا على صبر روسيا الاستراتيجي
12:50 GMT, 19 نوفمبر 2024
أكد الخبير السياسي والعسكري الدكتور "محمود عبد السلام" أن الغاية من سماح أمريكا لنظام زيلينسكي باستخدام الصواريخ البعيدة المدى ضد الأراضي الروسية في هذا التوقيت الحرج، والأيام الأخيرة لبايدن في الحكم، هو فرض أمر واقع للحكومة الجديدة، ومنع ترامب من إنهاء هذه الحرب وإجباره على المضي قدماً بها لأن تطوراتها ستدفع بالأمريكي إلى قلب المعركة.
Sputnikوأوضح الدكتور عبد السلام لوكالة "سبوتنيك"، أنه "بعد هذا الإعلان الأمريكي الخطير وعلى قاعدة التعامل بالمثل، أصبح لدى روسيا العذر القانوني والشرعي لاستهداف المصالح الأمريكية أينما وجدت على مختلف أراضي أوروبا أو في أي مكان آخر".
وأشارً إلى أن التصريح الأمريكي هو إشارة الانطلاق للمشاركة الفعلية من قبل الجيش الأمريكي جنباً إلى جنب مع دول الناتو ضد روسيا، وبالتالي على أمريكا ودول الناتو أن يكونوا جاهزين لتلقي الضربات المحتملة الموجعة على أيدي الجيش الروسي.
رهان البشرية على الصبر الاستراتيجي لروسيا
وقال الدكتور عبد السلام: "رغم أن روسيا تمتلك روادع دفاعية قوية ولن يكون للإعلان الأمريكي من أثر كبير في الحرب، إلا ان اللافت هو مدى صبيانية الاستفزاز الذي يحاول الغرب إشعاله في روسيا، وبطبيعة الحال، فمن حق الرئيس فلاديمير بوتين، ومن مدى عمق المسؤولية والشعور بالخطر من الإجراءات التصعيدية لأمريكا ودول حلف الناتو، أن يعتبر توجيه الضربات إلى عمق الأراضي الروسية من جيش أوكرانيا النازي، أو السماح بذلك، بمثابة إعلان الحرب من دول الناتو ومشاركتها المعلنة بها.".
ووفقا له، فإننا قد نكون على شفا اشتباك حقيقي، فالحرب العالمية الثالثة بدأت منذ إعلان أمريكا ودول الناتو الدعم اللامحدود والأعمى لجيش أوكرانيا النازي طوال السنوات الثلاث الماضية.
وأضاف: "أنا لا أراهن على الحماقة الأمريكية في صون مستقبل البشرية، بل على الصبر الاستراتيجي لروسيا، وعلى النفس العميق الذي اعتدناه من الرئيس بوتين، وأعتقد أن روسيا، بحكمتها وبقيادتها السياسية والأمنية والعسكرية، هي أبعد من أن تنجرَّ إلى هذه الحرب المجنونة التي يريدها الأمريكي والناتوي، كما أتمنى وأرجح بأنها ستعمل قدر الإمكان على ضبط النفس واحتواء التصعيد الأمريكي، وتوجيه ضربات موازية ولكن دون أن تعطي الذريعة للطرف الآخر لاندلاع حرب مفتوحة ربما تكون هي الحرب العالمية الثالثة التي لا تبقي ولا تذر".
وقال المحلل السياسي السوري أن بايدن ومن وراءه، باتوا يستلهمون دموية "هاري ترومان" الذي احتفل بقتل الشعب الياباني بالقنابل الذرية الأمريكية، مشيرا إلى أن الإعلان الأمريكي اليوم ينذر بالشر المستطير، إذ يسعى الأمريكيون الجدد إلى إلقاء أوكرانيا والعالم أمام حرب عالمية ستكون القوة النووية الروسية حاضرة فيها، وليس أوكرانيا فحسب، بل ستزج دول حلف الناتو برمتها، والدول المحيطة والمتاخمة بحدودها لروسيا الاتحادية في المواجهة، ولا ننسى أن بولندا سمحت لأمريكا بنشر منظومة دفاع جوي منذ عدة أيام، ودخلت هذه المنظومات ضمن القواعد العسكرية الأمريكية حيز الخدمة الفعلية، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن حلف الناتو وأوروبا يشتركون جنباً إلى جنب وبشكل علني ومباشر بالحرب ضد روسيا.
وأشار عبد السلام إلى أن روسيا، اليوم، ليست اليابان 1945، ذلك أن القنابل الذرية الأمريكية التي أخرجت اليابان من الحرب، لكن الإعلان الأمريكي عن السماح لضرب العمق الروسي حتى (300كم) وفق ما قال مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قد يكون سببا في بداية حرب نووية لن تنجو منها البشرية، مؤكدا أن المعسكر الغربي قاب قوسين أن أدنى من الهزيمة التاريخية، سيما أن أوروبا ودول الناتو برمتها قد استنزفت خلال السنوات الثلاث الماضية بالدعم الأعمى واللامحدود الذي قدمته جيوشها لزيلنسكي وفق الأوامر الأمريكية، وحتى الآن هي تعجز عن ترميم مستودعات ذخائرها أو تعويض الذخائر والصواريخ التي قدمتها له دون حساب.
توريط ترامب في الحرب الأوكرانية
وأضاف الخبير السياسي أن حكومة الديمقراطيين التي هزمت شر هزيمة في الانتخابات، تريد فرض أمر واقع على حكومة ترامب الذي سيتسلم الرئاسة في 20 كانون الثاني القادم، إذ يفرضون على تلك الإدارة القادمة حرباً سيشعلونها مع روسيا في أوكرانيا لكي يكون صعباً على الرئيس القادم وإدارته إنهاؤها، ولا سيما أن الحملة الانتخابية الداعمة لترامب كان أساسها وقف استنزاف الأموال الأمريكية، ووقف الحروب في فلسطين وأوكرانيا وكل مناطق الصراع الأخرى، وبالتالي هم يستبقون الأحداث ويذهبون بعيداً من خلال إعطاء الضوء الأخضر لزيلنسكي لنحر أوكرانيا عبر هذه الاستفزازات التي قد تستجلب ردا قاسيا من الجيش الروسي، حفاظاً على هيبته وكرامته.
وأوضح الدكتور عبد السلام أنه تم فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا، إذ شاهدنا مقاطعة فنية وثقافية ورياضية واقتصادية، وبكل الفعاليات، وحتى بالأمور التاريخية، كما تم حذف كل ما يتعلق بالثقافة والحضارة الروسية، حتى القطط الروسية والموسيقى الروسية منعت في أوروبا، إذاً هي حرب إبادة ضد روسيا ومقومات الدولة الروسية، لذلك أعتقد أن الرئيس بوتين، وهو رجل الاستخبارات، رجل ال"كي جي بي" العريق وذو الخبرة الكبيرة والفهم العميق لطبيعة هذا الصراع، ألا يبقى مكتوف الأيدي، إذا لم يتأكد بأن الإعلان الأمريكي لن يتمكن من النيل من هيبة روسيا.