وفي هذا الصدد، حذّر خبراء من تداعيات المشهد في سوريا على المنطقة العربية، خاصة في ظل الدعم الغربي للتنظيمات الإرهابية في إطار مخططها الساعي لتقسيم المنطقة.
المجموعات الإرهابية
أفادت وزارة الدفاع السورية، اليوم الأحد، بأن وحداتها قامت بتأمين عدد من المناطق في محافظة حماة وسط سوريا، وتتصدى للتنظيمات الإرهابية.
وقالت الدفاع السورية، في بيان: "وحدات من قواتنا المسلحة العاملة على اتجاه ريف حماة الشمالي قامت خلال ليلة أمس، بتعزيز خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد، وتصدت للتنظيمات الإرهابية ومنعتها من تحقيق أي خرق".
وأضاف البيان: "تمكنت قواتنا المسلحة من تأمين عدد من المناطق بعد طرد الإرهابيين منها، أهمها قلعة المضيق ومعردس حيث قضت على العشرات منهم ولاذ بقيتهم بالفرار".
وأرسلت قوات الجيش السوري تعزيزات ضخمة إلى مدينة حماة وعززت مواقعها في محيط المدينة وجبل زين العابدين المطل على المدينة من جهة الشمال.
وأفاد مراسل "سبوتنيك"، اليوم الأحد، بمقتل 18 مسلحا وإصابة آخرين، جراء تعرضهم لكمين ناري نفذته جهة مجهولة غربي مدينة إدلب السورية.
ضلوع واشنطن
في الإطار، قال الخبير الاستراتيجي محمد سعيد الرز، إن "الهجوم الذي تقوم به التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا وتحديدا في حلب وريفها، ليس بمعزل عن التطورات المرسومة للمنطقة العربية في المرحلة المقبلة، والتي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول المنضوية في حلف الأطلسي".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه "لا يمكن لأي مراقب سياسي تصديق البيان الأمريكي بعدم علاقة واشنطن بما يجري، فلا تزال مذكرات هيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة)، شاهدة على اعترافها بأن الإرهاب في الشرق الأوسط وفي قلبها المنطقة العربية، هو صناعة أميركية، كما لا تزال مقولة بنيامين نتنياهو(رئيس الوزراء الإسرائيلي) عن تغيير خرائط الشرق الأوسط وتهديده الرئيس السوري بشار الأسد، حاضرة في الأذهان، ما يعني أن المسالة إذن لا تتعلق بخلافات مع النظام في سوريا وإنما تتصل بمشروع تقسيم سوريا، بدءا من الاستيلاء على عاصمتها الاقتصادية حلب".
تدريبات على يد الغرب
وتابع الرز: "إن الإرهابيين الذين باغتوا السوريين في حلب وريفها بهذا الهجوم الواسع لم ينفذوا عملياتهم بقواهم الذاتية بل تلقوا تدريبات عالية المستوى على يد خبراء عسكريين، وتم تزويدهم بآليات عسكرية متطورة ودبابات ومسيرات أوكرانية بعدما كانت فلولهم قبل خمس سنوات تنسحب فارة إلى خارج الأراضي السورية".
وأضاف: "كل هذه التعزيزات اللوجستية برا وجوا التي وضعت بين أيدي الإرهابيين من دول الأطلسي تواكبها متابعة إسرائيلية على مستوى حكومي، تشير بوضوح إلى أن مخطط تغيير خرائط المنطقة العربية قد أطلقت صفارة بدايته عقب صدور وقف إطلاق النار في لبنان".
تنسيق ضروري
وأردف قائلا: "إذا نجح المشروع سيمتد إلى دول عربية أخرى، والدليل على ذلك حالة الاستنفار الشديد التي أعلنها العراق على امتداد حدوده مع سوريا".
ويرى أن "التنسيق العربي مع سوريا لمواجهة هذه الهجمة الإرهابية، بات أكثر من ضروري الآن للحفاظ على مقومات الدولة الوطنية في سوريا وسائر الدول العربية المستهدفة بالمشروع التهديمي الشرق أوسطي، ولذلك فإن دعم روسيا لسوريا ومشاركتها في صد الإرهاب وداعميه هو خطوة استراتيجية في مواجهة مخططات الغرب الساعية لتدمير الوحدات الوطنية العربية، وإقامة كومنولث عبري تتسلم فيه إسرائيل قيادة المنطقة وسط أشلاء عربية ممزقة".
مخطط غربي
في الإطار، قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان، إن "الأحداث الأخيرة في حلب ليست بمعزل عن السياق الدولي، وما تمر به المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023، في ظل الرغبة بإعادة رسم النفوذ في المنطقة".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الهجمات الأخيرة في ريف إدلب وحلب هي جزء من هذه المحاولات".
ولفت إلى أن الجماعات "الإرهابية"، كانت تلوح بهذه الورقة منذ فترة، مع الأخذ في الاعتبار مصالح بعض الدول في المنطقة.
وأشار إلى أن التوافقات التي كانت مرتقبة بين الجانب التركي وسوريا، لم تحدث لاختلاف في وجهات النظر، وهو جانب ليس بمعزل عن التحول الذي جرى.
ويرى أن "الضربات التي وجهت لمحور الممانعة مؤخرا، مهدت الطريق لهذه العمليات الحالية في حلب".
وشدد على أن "الغرب نسّق ودعم الفصائل المتطرفة في سوريا، في سياق متصل بالساحة الأوكرانية، حيث أراد الغرب دفع روسيا إلى مواجهات أكبر على كافة الساحات"، وفق رؤيته.
وأوضح سلطان أن "الغرب نقل جماعات جهادية في وقت سابق من إدلب إلى الساحة الأوكرانية لتقاتل ضد روسيا، فيما كشفت المسيرات الأوكرانية في حلب عن طبيعة الدعم والتنسيق بين هذه المجموعات والاستخبارات الغربية".
وأشار إلى أن "جبهة تحرير الشام المصنفة على قوائم الإرهاب تضم مجموعة من التنظيمات المتشابهة فكريا معها، كما ترتبط بتنظيمات دولية أخرى يظهر عناصرها ضمن العمليات التي تقوم بها في سوريا".
ويرى أن "الدول العربية ترى في هذه المجموعات مهددات للأمن القومي العربي بشكل كبير، خاصة أن هذه المجموعات يمكن أن يحفز المجموعات المتطرفة في عدد من الدول للنشاط مرة أخرى".
وأشار إلى أن "هيئة تحرير الشام الإرهابية سبق وأرسلت تمويلات لجماعات في منطقة المغرب العربي، ومجموعات في شبه جزيرة سيناء، ما ينذر بأن صعود هذه الجماعات يشكل مخاطر على كامل المنطقة".
مسار إقليمي ودولي
من ناحيته، قال عبد الكريم الوزان، الخبير الاستراتيجي العراقي، إن "التطورات في حلب، تتعلق بالخلاف الدولي الإقليمي".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "ما حدث هو تداعيات الخلافات، حيث عملت الدول على تحريك المجموعات من قبل بعض الدول التي تسعى لتغيير الأنظمة بطرق تساعد على عودة الإرهاب وتهديد الأنظمة القائمة".
ولفت إلى الدول التي "تدفع نحو تأجيج المشهد في سوريا، تعيد الوضع لما كان عليه خلال وجود تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا ودول عدة)،بما يهدد الدول العربية بشكل كامل".
وذكرت مصادر خاصة في محافظة إدلب السورية، لـ"سبوتنيك"، فجر اليوم الأحد، أنه قتل 18 مسلحا وأصيب آخرون جراء تعرضهم لكمين ناري نفذته جهة مجهولة في حي جمعية الزهراء غرب مدينة إدلب السورية.
وكانت وزارة الدفاع السورية، قد أعلنت أول أمس الجمعة، أن قوات الجيش السوري تواصل التصدي للهجوم الكبير الذي تشنه التنظيمات الإرهابية في ريفي حلب وإدلب المنضوية تحت ما يسمى "جبهة النصرة" الإرهابية (المحظور في روسيا ودول عدة).
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء الماضي، شنّ تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، هجومًا عنيفًا على نقاط الجيش السوري في أرياف محافظات حلب وحماة وإدلب السورية.