تظاهرات واحتجاجات وعصيان مدني.. هل يدفع الشارع الإسرائيلي نتنياهو لعقد صفقة تبادل للأسرى في غزة؟

وسط إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على تعطيل وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس الفلسطينية، تزداد الضغوط الداخلية في إسرائيل على الحكومة لإنقاذ باقي المحتجزين.
Sputnik
الضغوط الداخلية الإسرائيلية من أهالي الأسرى تصاعدت أخيرا، وسط موجة احتجاجات كبيرة في البلاد، وصلت إلى حد التحذير من الدخول في عصيان مدني.
واندلعت الاحتجاجات في تل أبيب والقدس من جانب عائلات الأسرى، أمس السبت، حيث طالبت بسرعة الانتهاء من الصفقة والتوصل إلى اتفاق، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن التظاهرات تسعى للوصول إلى مرحلة العصيان المدني.
وطرح بعض المراقبين تساؤلات بشأن إمكانية مساهمة الضغوط الداخلية الإسرائيلية، إضافة إلى الضغوط الخارجية وتحركات الوسطاء، في دفع نتنياهو إلى إبرام صفقة لوقف الحرب وتبادل الأسرى.
مسؤولون إسرائيليون: يمكننا التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع "حماس"

صفقة قريبة

اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن "الضغوط الداخلية الإسرائيلية من قبل أهالي الأسرى والضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، وتصريح دونالد ترامب، بضرورة إنهاء الحرب قبل توليه الرئاسة، ربما تفرض على نتنياهو في نهاية الأمر القبول بصفقة التبادل مع حركة حماس".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، لم يعد هناك أي مبرر أمام إسرائيل من استمرار العدوان على قطاع غزة، الحرب في لبنان انتهت، والنظام في سوريا تغير، ولم يعد هناك أي مخاطر على إسرائيل ولا يوجد أي مبرر لاستمرار الحرب في غزة.
وتابع: "ما يجري الآن في القطاع ليس سوى تدمير أكثر للبنية التحتية، وقتل أكبر عدد من أبناء الشعب الفلسطيني، وتهجيرهم قسريا من مكان لمكان فيما لم يدرك نتنياهو حتى الآن أنه لا يمكن القضاء على إرادة وطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وما جرى في غزة لم يشهده التاريخ المعاصر، منذ الحرب العالمية، لم يشهد العالم الجرائم والدمار والخراب والقتل الذي جرى في قطاع غزة ولبنان وسوريا".
ويرى أن كل هذه العوامل ستجبر نتنياهو، في نهاية الأمر، للقبول بصفقة، حيث يسأل الشارع الإسرائيلي عن ماذا يريد نتنياهو بعد كل ما حدث، لكن هو يعتبر نفسه بطل عصره ولا يوجد من يوقفه عند حده، بسبب صمت العالم العربي والدول التي تتشدق بالديمقراطية في أوروبا.
بعد لقاء سري في فيينا.. رئيس "الموساد" يلتقي وزير الخارجية القطري لبحث صفقة تبادل الأسرى مع "حماس"
وأوضح كنعان أن "كل هذا الدعم والأسباب جعلت الرجل يرفض كل المقترحات من قبل الوسطاء وحليفته والراعية للحرب في غزة ولبنان والدمار في سوريا، الولايات المتحدة الأمريكية"، مشددًا على أن "إبرام صفقة بات ضروريا وإن كانت لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني".

إجبار نتنياهو

من جانبه، اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن "هناك مؤشرات عديدة تقود إلى الاستخلاص لأن هناك هدنة قريبة تلوح في الأفق، حيث تم تجاوز عثرة رئيسية والتي تتمثل في إرادة نتنياهو بتعطيل الصفقة، في إطار وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى، من أجل إلهاء الرأي العام الإسرائيلي عن القضية التي يتم التحقيق فيها معه 3 أيام في الأسبوع".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إضافة إلى التلويح بالعصيان المدني في إسرائيل، والفترة الزمنية التي حددها ترامب لعقد صفقة إطلاق المحتجزين قبل 20 من الشهر القادم، ما يعني أن ترامب لديه معلومات بأن الصفقة صارت متلبورة والعقبات تم تجاوزها، والحديث فقط عن تفاصيل أخيرة.
وأكد أن "ترامب صرح بهذا التصريح حتى ينال القدر الكافي من التقدير ويشير إلى مشاركته الواسعة ومساهمته في إطلاق صراح المحتجزين والأسرى ووقف إطلاق النار في غزة".
وتابع: "الضغط الداخلي والتلويح بالعصيان المدني، وإلهاء متابعة المجتمع الداخلي لفساد نتنياهو في المحاكمة، يقود إلى مطالب بعزله وتنحيته نظرا لانشغاله في القضية عن إدارة شؤون إسرائيل".
وأشار إلى أن "نتنياهو يحاول تجاوز كل هذه الضغوط عبر إبرام صفقة ربما تبدأ بدفعة إنسانية، ووقف إطلاق نار لإتاحة الفرصة لقيادات حماس للتواصل مع الأسرى وحصر الأحياء منهم ليتم إبرام الصفقة على دفعات، وهناك دفعة من الأسماء تم تسليمها بالفعل للوسيط المصري".
"كتائب القسام" تنشر مقطعا جديدا لأحد الأسرى الإسرائيليين... محبط جدا من نتنياهو وحكومته
ويرى أنور أن "الرؤية متبلورة وستبدأ بأصحاب الحالات الإنسانية، كبار السن والمصابين، في مقابل مئات من المحتجزين والأسرى الفلسطينيين"، معتبرًا أن "هناك حلحلة كبيرة ستحدث في الأيام القادمة وتتبلور خلالها الرؤية للبدء في إجبار نتنياهو للقبول بها بعد أن عطل مفاوضات الأسرى لمدة عام كامل".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس السبت، بوجود تقديرات أمنية إسرائيلية بأن هناك إمكانية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس الفلسطينية.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أنه من الممكن التوصل إلى صفقة بشأن تبادل الرهائن والأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، خلال الشهر المقبل.
ونقلت القناة عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه أكثر تصميما من أي وقت مضى على التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس، حيث أوضح مسؤولون إسرائيليون أنهم يتعاملون مع المفاوضات بـ"حذر ويدركون أنها قد تنهار في أي لحظة".
وفي السياق نفسه، صرح أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم كتائب "القسام" الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية، أمس السبت، بأن "الجيش الإسرائيلي قصف مكانا يوجد فيه بعض المحتجزين وكرر القصف للتأكد من مقتلهم".
وزير أردني سابق: ترتيبات أمريكية وإسرائيلية تعيد تشكيل الشرق الأوسط وسط تحولات كبيرة في سوريا وغزة
وذكر أبو عبيدة، في كلمة له نشرتها القناة الرسمية للحركة على تطبيق "تلغرام"، مساء أمس السبت، أن "الجيش الإسرائيلي قصف مؤخرا مكانا يوجد فيه بعض الأسرى الإسرائيليين وكرر القصف للتأكد من مقتلهم".
وأوضح أبو عبيدة، في كلمته، أنه "لدينا معلومات استخبارية تؤكد بأن العدو تعمد قصف المكان بهدف قتل الأسرى وحراسهم"، مضيفًا: "مجاهدونا قاموا بمحاولات لانتشال أسرى العدو ونجحوا في انتشال أحدهم ومصيره غير معروف".
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أحكم الجيش الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وقطع إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع البالغ عددهم نحو2.3 مليون فلسطيني، الذين يعانون بالأساس أوضاعا متدهورة للغاية.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر 2023، على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 44 ألف قتيل وأكثر من 105 آلاف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما لا يزال أكثر من 10 آلاف شخص مفقودا.
مناقشة