وقال نتنياهو، أمس الأحد، إن "حركة حماس لم تعد قادرة على التمتع بإمدادات المعونات ووقف إطلاق النار، كما كان الحال خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، من دون الإفراج عن الرهائن".
وأكد نتنياهو، في مستهل اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن "إسرائيل قررت وقف إدخال المساعدات والإمدادات إلى غزة على ضوء رفض حماس لمنحى ويتكوف"، مضيفا أنه "إذا واصلت حماس التعنت في موقفها ولم تفرج عن مختطفينا فستكون لذلك تبعات إضافية".
وحذر من أنه "إذا لم تتجاوب حركة حماس، فإن منع إدخال المساعدات سيكون مجرد بداية"، متابعا: "إذا كانت حماس تعتقد أنه من الممكن استمرار وقف إطلاق النار أو التمتع بشروط المرحلة الأولى من دون أن نطلق سراح المحتجزين، فهي مخطئة إلى حد كبير".
وأردف: "سنعود للقتال في غزة، إذا شعرنا أن المفاوضات غير فعالة".
وطرح بعض المراقبين تساؤلات بشأن وقف المساعدات الإنسانية من قبل إسرائيل في الدخول غلى غزة، وتداعيات هذه الخطوة ومدى تأثيرها على مفاوضات وقف الحرب.
مراوغة إسرائيلية
اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "هناك مراوغة إسرائيلية واضحة مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التبادل، وعدم رغبة نتنياهو الدخول في المرحلة الثانية، وعدم تنفيذ الالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب الشامل والنهائي وإعادة الإعمار، وهذا ما يوضح بلا شك نية نتنياهو المبيتة بالعودة إلى الحرب على غزة مرة أخرى".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "العودة إلى سياسة إغلاق المعابر وعدم إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، أمر مرفوض ومدان، ويتنافى مع كافة الأعراف والمواثيق الإنسانية، وانتهاك صارخ للقانون الدولي".
وأكد أن "المساعدات الإنسانية والإغاثية أصبحت مصدر الحياة الأول لقطاع غزة، والمواطنين بحاجة لها بشكل يومي نظرا للظروف المأساوية التي يعيشونها بسبب تداعيات ونتائج الحرب والنزوح المستمر، خاصة مع دخول شهر رمضان المبارك".
وقال إن "قرار نتنياهو بإغلاق المعابر وعدم إدخال المساعدات الإغاثية، من شأنه أن يفاقم الأوضاع الإنسانية ليجعلها أكثر صعوبة، الأمر الذي يهدد بحدوث كارثة ومجاعة حقيقية خلال أيام قليلة مقبلة، إذ لم تتراجع حكومة الاحتلال عن قرارها".
وأوضح أن "المطلوب من كافة الدول العربية والمجتمع الدولي وكافة المؤسسات الإنسانية والحقوقية إدانة قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وهذا من أجل تفاعل الرأي العالمي مع غزة والضغط على إسرائيل بالتراجع عن قرارها، والسماح الفوري والعاجل لدخول المساعدات بكافة أنواعها بسبب الاحتياج الشديد لها بعد حرب متواصلة استمرت 475 يوما، وما زال شبح عودتها قائما، بسبب تهديدات حكومة نتنياهو المستمرة".
إبادة جماعية
من جانبه، اعتبر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، قرار نتنياهو بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، "جريمة حرب واضحة ودليل دامغ على سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هذا القرار يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزم إسرائيل بتوفير احتياجات السكان المدنيين الأساسية، حيث تنص المادة 23 من القانون، على وجوب السماح بحرية مرور جميع الإمدادات الطبية والأغذية، فيما تلزم المادة 55 من الاتفاقية إسرائيل بتزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية.
وأوضح أن "استخدام الجوع كسلاح حرب يُعد جريمة حرب صريحة بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى أن البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف يحظر صراحة في مادته 54 تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، كما يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين".
ويرى مهران أن "المبادئ الأساسية في القانون الدولي الإنساني تحتم الفصل التام بين العمل الإنساني والاعتبارات السياسية أو العسكرية"، مؤكدًا أن "الشروط التعسفية التي تفرضها إسرائيل لإدخال المساعدات تتنافى مع القانون الدولي الإنساني".
وحذّر من أن "منع المساعدات يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، حيث يواجه الآلاف خطر الموت جوعًا"، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل لضمان احترام هذه الاتفاقيات، خاصة في ظل السياسة الممنهجة التي يتبعها نتنياهو، لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
مقترح
وأعلن مكتب نتنياهو، في وقت سابق اليوم، أن إسرائيل وافقت على اقتراح الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بقطاع غزة خلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أن حركة حماس الفلسطينية لا تزال ترفض المقترح، بحسب قوله.
وقال مكتب نتنياهو في بيان له: "بعد مناقشة أمنية ترأسها رئيس الوزراء نتنياهو، وبمشاركة وزير الدفاع وكبار المسؤولين الدفاعيين وفريق التفاوض، تقرر أن إسرائيل تعتمد الخطوط العريضة التي اقترحها مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، لوقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح".
وأضاف: "في اليوم الأول من الاتفاق، سيتم إطلاق الإفراج عن الرهائن، الأحياء والأموات، وفي النهاية، إذا تم التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق نار دائم سيتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين، الأحياء والأموات".
وتابع البيان: "في حين وافقت إسرائيل على خطة ويتكوف، بهدف إعادة مختطفينا، تمسكت حماس حتى الآن برفضها قبول هذا المخطط. إذا غيرت حماس موقفها، فإن إسرائيل ستدخل على الفور في مفاوضات حول كل تفاصيل خطة ويتكوف".
وأردف: "وفي حين أن حماس انتهكت الاتفاق مرارا وتكرارا، فإن إسرائيل لم تنتهكه. وبموجب الاتفاق، تستطيع إسرائيل العودة إلى القتال بعد اليوم الثاني والأربعين إذا شعرت أن المفاوضات غير فعالة. وقد حظي هذا البند بدعم رسالة جانبية من الإدارة الأمريكية السابقة، كما حظي بدعم إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب".
يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس في غزة وإسرائيل دخل حيز التنفيذ ظهر الأحد، 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك بعد حرب مدمرة شنتها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، استمرت لأكثر من 15 شهرًا، وأسفرت عن سقوط أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح ومفقود.