أعلن المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني في المغرب، أمس الاثنين، تمديد البرنامج الحالي لدعم واردات القمح اللين حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، ما يؤكد حاجة المغرب لاستيراد كميات إضافية لهذا العام أيضا.
ويعد السوق الروسي من بين الأسواق التي تأتي في المقدمة، من حيث واردات القمح، إذ تقارب الواردات الروسية ربع حجم الواردات الكلية للمملكة العام الماضي.
وكانت السلطات أعلنت في وقت سابق برنامج دعم يستمر حتى نهاية أبريل المقبل، ويشير استمرار البرنامج في 2025 بالكامل إلى أن الحصاد القادم لن يكون كافياً لتجديد المعروض.
يرى خبراء في حديثهم لـ"سبوتنيك"، أن روسيا من الشركاء المهمين للمغرب، وأن عروضها بشأن الأسعار جيدة، في ظل حرص المغرب على تنويع شراكاته.
من ناحيته قال أوهادي سعيد، الخبير الاقتصادي المغربي، إن القرار يعزى إلى توالي سنوات الجفاف، رغم التساقطات المتأخرة التي شهدتها وتشهدها المملكة المغربية، مما كان له من تداعيات أهمها انخفاض الإنتاج المحلي من القمح اللين والقمح الصلب، والشعير الذي لا يتجاوز 3.1 مليون طن، مما يمثل انخفاضا نسبته 43% مقارنة مع الموسم الماضي.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن والي بنك المغرب صرح في وقت سابق أن توقعات الإنتاج لهذه السنة لن تتجاوز 35 مليون قنطار مع فرضية جد متفائلة بالوصول إلى 55 مليون قنطار، وهو ما يوضح العجز، إذ ينتج المغرب في السنوات الممطرة بين 60 إلى 100 مليون قنطار.
وفق التصريحات من الجانب المغربي، يصل احتياج المغرب لنحو 50 مليون قنطار من القمح اللين و23 مليون قنطار من الشعير بالإضافة إلى 9 ملايين قنطار من القمح الصلب، ما يعني أن المملكة تتجه لاستيراد هذه الكميات.
وأشار الخبير المغربي إلى أن واردات المغرب خلال النصف الثاني من سنة 2024 بلغت من القمح19 مليون قنطار من روسيا و5.13 مليون قنطار من فرنسا و1.79مليون قنطار من رومانيا و1.71 مليون قنطار من أوكرانيا بتكلفة فاقت 1.3مليار دولار، ما يوضح أن الواردات من روسيا هي النسبة الأكبر.
وبلغت الواردات من روسيا قرابة ربع الواردات المغربية من الحبوب مزيحة بذلك فرنسا التي عرفت انخفاضا في إنتاجها السنوي.
وأشار إلى أن المغرب اختار تنويع المصدرين لتفادي التبعية للاتحاد الأوروبي خصوصا فرنسا وألمانيا بانفتاحه على روسيا ودول أخرى، بالإضافة إلى كندا والأرجنتين للعب على التنافسية مع الاحتفاظ على الجودة المناسبة.
أفضلية القمح الروسي
ولفت إلى أن روسيا ودول البلطيق يقدمون أسعارا جيدة مع جودة مناسبة، وهو ما يتماشى والاستراتيجية المغربية القائمة على تنويع الشركاء الاقتصاديين، مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات الجيوسياسية والتي تتسم بالخصوص بالتقارب الأمريكي الروسي على حساب أوروبا، بالإضافة إلى الآفاق الواعدة مع روسيا في قطاعات أخرى نخص بالذكر الصيد البحري والطاقة النووية والسياحة.
فيما قال البرلماني السابق، نور الدين قربال، إن المغرب يعاني الجفاف منذ مدة طويلة، في ظل التحولات المناخية الخطيرة التي أثرت بشكل كبير على الزراعة.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المغرب رغم تصدره قائمة تصدير الفواكه، إلا أن محصول القمح تراجع، في ظل محاولات للتكيف مع المناخ والجفاف.
وأوضح قربال أن المغرب فقد كميات كبيرة من إنتاج القمح، ولم يكن الإنتاج كافية، في ظل توقعات للعام الحالي تشير لنحو 55 مليون قنطار، لكنها غير مؤكدة.
وأشار إلى أن المغرب اتجه إلى تنويع مصادر الاستيراد، ومن بين الدول الهامة التي يتعاون معها روسيا، خاصة أن المغرب حريص على الوقوع في "أحادية الاستيراد".
وشدد البرلماني السابق على أن المغرب حريص على تأمين مخزونه من القمح، في ظل تراجع إنتاجه نتيجة التغيرات المناخية الواقعة، ويحرص كذلك على الحصول على أسعار معقولة، كما أنه يقدم الدعم للإبقاء على الأسعار دون ارتفاع كبير.
وأوضح أن روسيا حاضرة دائما في علاقتها مع المغرب بشأن استيراد القمح، كما أن العروض التي تقدمها بشأن الأسعار تكون مناسبة بالنسبة للحكومة المغربية.
بلغت واردات المغرب من الحبوب بين يونيو وأغسطس 2024، 10.69 مليون قنطار، مما يعكس زيادة ملحوظة مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك نتيجة التغيرات المناخية.
وفق التقرير السنوي الأخير لمكتب الصرف حول التجارة الخارجية للمغرب عام (2023) تراجعت المشتريات الوطنية من السوق الدولية من القمح بواقع 6,5 مليارات درهم سنة 2023 مقارنة مع سنة 2022، إذ قاربت قيمة الواردات المغربية من القمح 20 مليار درهم، بتراجع يصل إلى 5 ملايين طن.
حجم التبادل بين البلدين
وفي أغسطس/آب 2023، قال وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، إن "حجم التبادل التجاري بين المغرب وروسيا، لا يزال متواضعا".
وأضاف مزور في حواره مع "سبوتنيك" حينها: "رغم تواضع حجم التبادل التجاري، بقي المغرب شريكا استراتيجيا هاما لروسيا في القارة الأفريقية، حيث تعتبر المملكة رابع أكبر زبون لروسيا بنسبة 8 في المئة، وثالث مورد أفريقي بنسبة 14 في المئة".
وتابع: "يعتبر حجم التبادل التجاري بين المغرب وروسيا متواضعا، حيث تحتل روسيا المرتبة 53 من بين زبائن المغرب بنسبة 0.2% فقط من الصادرات، والمرتبة الثامنة بين مورديه بنسبة 3.1 في المئة من واردات المملكة، حيث بلغ الحجم الإجمالي للتجارة الثنائية بين المغرب وروسيا 23.8 مليار درهم، سنة 2022، بزيادة 19 في المئة مقارنة، بسنة 2021".