هل يؤثر قرار الكابينت بتوسيع العملية العسكرية في غزة على مسار المفاوضات؟

شكل إعلان إسرائيل توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة واحتلاله، وتهجير سكانه إلى الجنوب، نقطة تحول في مسار المعارك الممتدة منذ أشهر، وربما يمثل نسفا لجهود طويلة من الدبلوماسية والوساطة بقيادة مصر وقطر.
Sputnik
يأتي الإعلان الإسرائيلي الذي وصف بالكارثة والجريمة، ليشكك في جدية عملية التفاوض بالمرحلة المقبلة، حيث يطرح البعض تساؤلات حول إمكانية نجاح أي عملية دبلوماسية بعد هذه الخطوة أم لا.
ويرى مراقبون أن ما يحدث، محاولة إسرائيلية للضغط على حماس للتفاوض تحت خط النار، لا سيما وأن هذه الإجراءات سبق وأن فشلت في مرات سابقة، مؤكدين أن ثمة اتفاق قريب يمهد له قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة.
وفي وقت سابق، وافق المجلس الوزاري الأمني السياسي الإسرائيلي المصغر (الكابينت) على خطة لتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي تشمل من بين أمور أخرى "احتلال القطاع والبقاء فيه".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر سياسي، قوله، اليوم الاثنين: "سينتقل الجيش الإسرائيلي من أسلوب التوغلات إلى احتلال الأراضي والبقاء فيها".
وأضافت أن المجلس وافق على "إمكانية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إذا لزم الأمر، على نحو من شأنه أن يمنع حماس من السيطرة على الإمدادات".
ورفضت الأمم المتحدة خطة إسرائيلية لتنظيم إدخال المساعدات إلى غزة، معتبرةً إياها انتهاكا لمبادئ العمل الإنساني وهي الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد.

تفاوض تحت النار

قيادي في "حماس": خطة "جدعون" لن تنجح ونتنياهو يعرقل التهدئة لأهداف شخصية
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن "ما يجري على أرض غزة من عدوان وإبادة وتجويع ومحاولة للتهجير تأتي في إطار حرب عالمية ثالثة؛ حرب تجارية عسكرية فيها حرب نفسية، وشق إعلامي مهم، حيث هناك من يرى بأن التفاوض تحت النار سوف يسفر عن تحقيق مكاسب فشلت الآلة العسكرية الإسرائيلية في تحقيقها".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "هناك رفض للمستوى العسكري لتنفيذ هذه الأوهام والأحلام التي يقودها بن غفير وسموتريتش من داخل الكابينت، حيث يتصدى لها رئيس الأركان الجديد"، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تمثل لطمة كبيرة لمخططات إسرائيل، لا سيما وأن حكومة نتنياهو اليمينية تحدثت من قبل عن أن المشكلة كانت في رئيس الأركان السابق الذي تم الإطاحة به.
وتابع: "في ضوء ضغط المجتمع الإسرائيلي الذي يتجند فيه نحو 50% فقط من جملة السكان فقط، في ظل رفض الحريديم والفلسطينيين من داخل أراضي عام 1948 للخدمة العسكرية، واستدعاء الاحتياطي للمرة السابعة في بعض الحالات، مما يعرضهم للقتل والإصابة والتعطيل الاقتصادي، وخسائر على المستوى الوظيفي، تعكس هذه حالة من الاحتقان الداخلي، التي ربما تساعد في تمهيد المنطقة بشكل ملموس لزيارة ترامب".
وأوضح أن العد التنازلي لزيارة ترامب بدأ، ومجال المناورة محدود أمام نتنياهو وقراراته بشأن الضغط العسكري الذي يتوقع أن يكون له خسائر كبيرة تبلغ مئات الضباط والجنود، تضاف للخسائر الماضية، وهو بمثابة لطمة كبيرة وصدمة للمجتمع الإسرائيل، خاصة في ظل الفشل في تحقيق أي نتائج، ففكرة تحقيق الإغاثة على يد الجيش تعرضه للمخاطر، والذهاب للأنفاق للإفراج عن المحتجزين بالقوة تعرضهم للقتل.
ويعتقد أنور أن الأمور خلال الأيام القادمة يتم تمهيدها لصفقة مرحلية أو شاملة، تشمل الجندي الأمريكي، وربما أسماء كبيرة من المعتقلين الفلسطينيين مثل مروان البرغوثي، مع إيجاد آلية تحدث عنها ترامب بشأن الإغاثة.

فرصة أخيرة

الأمم المتحدة لـ"سبوتنيك": خطة المساعدات الإسرائيلية في غزة تتعارض مع المبادئ الإنسانية
من جانبه قال المحلل السياسي الفلسطيني، ثائر نوفل أبو عطيوى، إن التصريحات الصادرة عن نتنياهو ووزراء حكومته والقادة العسكريين، تعطي مؤشرات واضحة حول نية التصعيد العسكري على قطاع غزة، من خلال توسيع العملية العسكرية وإجبار أهالي القطاع للنزوح جنوبا، والتحكم في توزيع المساعدات الإنسانية، والإغاثية عبر شركات أمريكية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا الأمر الذي سيضع سكان القطاع أمام سيناريو هو الأصعب منذ اندلاع الحرب، من خلال احتلال قطاع غزة بشكل شبه كامل، والبقاء فيه لمدة زمنية لم تحدد، بل مرتبطة بإنجاز المهمة العسكرية في خطة توسيع الحرب، وهذا ما بات واضحا من خلال إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن استدعاء ما يقارب 60 ألف جندي من الاحتياط لتنفيذ العملية العسكرية وتعزيزها على أرض الميدان.
وتابع: "تأتي التصريحات الإعلامية والسياسية الصادرة على لسان حكومة نتنياهو، في ظل استمرار الحرب والعدوان المتواصل والمستمر وسط ظروف إنسانية مأساوية للغاية يعيشها سكان القطاع، لانعدام الغذاء والدواء، وتشديد الحصار وعدم دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لأكثر من شهرين على التوالي، الأمر الذي جعل قطاع غزة يعيش حاليا وسط مجاعة حقيقية".
وبحسب أبو عطيوي، بالنسبة لمفاوضات صفقة التبادل وفي ظل نية توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول الخليج في الثالث عشر من مايو/أيار الحالي، فإنها تسير بشكل بطيء للغاية، وهذا يعطي مؤشرات بأنها باتت شبه متوقفة بسبب عدم وصول طرفي العلاقة حماس وإسرائيل إلى قواسم تفاوضية مشتركة، من الممكن أن تقود لإنجاز حقيقي وفعلي لدعم مفاوضات صفقة التبادل، والتوصل إلى تثبيت هدنة إنسانية مؤقتة تجعل الأمور تميل إلى عدم توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية.
وقال إن برغم صعوبة الموقف والتقييم بإنجاز صفقة تبادل قريبة قبل زيارة ترامب للمنطقة، فإنه من الممكن أيضا أن تكون هناك خلال أيام قليلة مقبلة حديث عن التوصل لصفقة تبادل، وهذا ما ترغب به الإدارة الأمريكية حسب تصريحات مبعوثها للشرق الأوسط، من أجل نجاح زيارة ترامب للسعودية والإمارات وقطر، حيث من الطبيعي أن الزيارة عندما تكون في أجواء التوصل لصفقة تبادل تحقق مكاسبها.
وأكد أبو عطيوي أن الأيام القليلة القادمة هي الرهان الحقيقي للفرصة الأخيرة على تحقيق إنجاز على مستوى المفاوضات، وهذا إن لم يحدث قبل زيارة ترامب للمنطقة فإن الأوضاع ستكون ذاهبة للتصعيد وتوسيع العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، الأمر الذي لن يتوقف على عملية التصعيد والتوسيع معا، بل سوف تتطور الأمور إلى التهجير الطوعي أو القسري لسكان القطاع، حيث سيتم تجميعهم في جنوب غزة حسب ما أعلنت عنه حكومة الاحتلال في خطة التوسيع.
وشدد على أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة لا تتحمل المزيد من عملية التصعيد وتوسيع العملية العسكرية واحتلال شبه كامل، ما يؤكد بأن الفرصة الأخيرة قد تكون عبر تكثيف جهود المفاوضات والإعلان عن التوصل لاتفاق وهدنة إنسانية مؤقتة، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذا متعلق بطرفي العلاقة حماس وإسرائيل وإحداث اختراق حقيقي في إيجاد حلول عاجلة وسريعة تضمن تعزيز فرص نجاح المفاوضات من أجل مصلحة الجميع.
واستأنفت إسرائيل قصفها على قطاع غزة، الثلاثاء 18 مارس/ آذار 2025، بعد توقف لنحو شهرين وتحديدا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد تعثر المحادثات لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق أو الانتقال للمرحلة الثانية منه.
وكان من المفترض أن يستمر اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، بمجرد تمديد المرحلة الأولى منه، التي انتهت في الأول من مارس الماضي، أو الدخول في مرحلته الثانية، لكن الخلافات بين إسرائيل والحركة بشأن الخطوات التالية حالت دون ذلك.
مناقشة