في فيلم "
ذهاب وعودة" للمؤلفة أنيسة والمخرج كريم نجيب، يجد المشاهد نفسه أمام معادلة صعبة، معرفة مسبقة بأن مؤلفة العمل روسية وبطله المترجم السوفيتي -الروسي فيكتور ياكوشيف، لكن اللغة المنطوقة والبصرية تبدو وكأن كاتبها ولد وترعرع في أزقة مصر وشوارعها، وحفظ لغتها ومعالمها عن ظهر قلب.
في ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية "زمن الأبطال"، الذي اختتم مساء الخميس، في دار الأوبرا المصرية، عرض الفيلم وسط حضور جماهيري كبير، وتفاعل غير مسبوق مع أحداث الفيلم.
يرصد الفيلم في قصة إنسانية التغيرات التي طرأت على مصر، خلال 50 عاما، منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وحتى اليوم من خلال حكاية بطله المترجم السوفيتي/الروسي فيكتور ياكوشيف، الذي استطاع أن يكشف عن
لوحات إنسانية وفنية مهمة خلال رحلته داخل الفيلم وتنقله في الأماكن التي عاش فيها قبل نحو 50 عاما.
يكشف بطل الفيلم في عودته للقاهرة عام 2023 والتي وصل إليها للمرة الأولى عام 1971، عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ومراحل تطورها على كافة المستويات.
تضيف في حديثها مع "سبوتنيك"، أنها "طلبت من المترجم الروسي فيكتور ياكوشيف وهو أستاذي، أن أقابله، خشية أن يرفض الأمر عبر الهاتف، وحين التقيت به تحدثت طويلا معه، وأخبرته بأن الفيلم سيكون محاولة اكتشاف لمصر عبر رحلته والأماكن التي يعود إليها حسب إرادته".
ولفتت أنيسة إلى أن " أن اللقاء مع اللواء المنصوري في العمل لم يكن مخططا له قبل الوصول إلى مصر، لكنه خلق نوعا من التوازن في العمل.
اللواء أحمد المنصوري، لقبه الإسرائيليون بـ "الطيار المجنون"، ويشارك في بطولة فيلم "ذهاب وعودة" حيث يلتقي زميله الروسي فيكتور ياكوشيف بنبرة صوت شديدة المودة والحب "حبيبي يا عم الشاب فيكتور".
في جلسة ثنائية يستعيد المنصوري ذكريات الحرب والبطولات، حيث كان من أوائل المشاركين في أول أسراب الطيران في "حرب الاستنزاف" ثم "حرب أكتوبر"، وصاحب أطول معركة جوية بطائرات "ميغ-21"، في حين أن بطل الفيلم زميله فيكتور كان همزة الوصل بين الخبراء السوفيت وزملائهم المصريين في ذلك الوقت.
فيما تكشف المؤلفة أن الجلسة الثنائية التي ظهرت في الفيلم كانت تلقائية، حيث صور المخرج الجلسة دون علمهم بعد اندماجهم في الحديث بشكل عفوي.
يقول المنصوري في العمل إن "صواريخ العدو لم تكن تفرّق بين الخبير الروسي أو الضابط المصري"، وهذا ما يطلق عليه "رفقاء السلاح"، حيث يتابع: "كنا نموت معاً"، حينما تذكر ياكوشيف أسماء النقباء الذين قضوا في 30 يوليو/تموز (آنذااك) في أول اشتباك مع القوات الجوية الإسرائيلية: "أنا حتى حافظ أساميهم، وهم جورافليوف ويورتشينكو وياكوفليف. كلهم برتبة نقيب".
ينتقل بنا الفيلم الوثائقي "ذهاب وعودة" إلى الأهرامات، وإلى الإسكندرية، ويلتقي طالبين أحدهما مصري والآخر روسي، يدرس كلاهما لغة الآخر، كما يتجول فيكتور في المركز الثقافي أو البيت الروسي بالإسكندرية، الذي يتميز إلى جانب عراقة المكان وتاريخه الغني، بحياة ثقافية وفنية شديدة الثراء بين الموسيقى والباليه وأدب اللغة الروسية وغيرها من الأنشطة الثقافية والاجتماعية المختلفة.
شارك أكثر من 200 مشاهد العروض الوثائقية وخاصة "فيلم ذهاب وعودة"، فيما تفاعل عدد من كلية طلبة الإعلام الذين حرصوا على المشاركة وتفاعلوا مع أحداث الفيلم.
وأضافت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن الملتقى ومشاهدة الأفلام الروسية ومنها فيلم "ذهاب وعودة"، كان بمثابة فرصة كبيرة ومهمة على المستوى الشخصي والعملي، وكذلك الاستفادة لإعداد مشروعات التخرج بها ولزملائها في الجامعة.
وأعربت آلاء عن سعادتها بما شاهدته في فيلم "ذهاب وعودة" والأفلام الأخرى من جوانب مهمة تعكس واقع الثقافة الروسية والفترات المختلفة وكذلك الواقع الراهن، إضافة للعلاقات لدور الثقافة والأعمال السينمائية في تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأشادت آلاء بالدور الكبير والمهم الذي تقوم به
وسائل الإعلام الروسية، وما تتمتع به من مهنية كبيرة، معتبرة أن توفير فرص تدريب داخل المؤسسات الروسية لطلبة الإعلام يعد فرصة مهمة للتواصل وتعزيز العلاقات والاستفادة الكبيرة من الخبرات الروسية.
وأشادت فاطمة في حديثها مع "سبوتنيك"، بمستوى الأفلام الروسية وكذلك وسائل الإعلام التي تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للجمهور المصري ودارسي الإعلام في مصر.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم يطرح رؤية إنسانية بلغة حميمة شاعرية لواقع سياسي يتحرك بديناميكية متسارعة نحو عالم متعدد الأقطاب، ويظهر ذلك جليا في اختيار الكاتبة مع البطل العبارات المهمة التي تعكس رؤية عميقة لصورة مصر في الماضي والحاضر، من خلال استعادة فيكتور ياكوشيف للذكريات والصور العالقة في ذهنه منذ 50 عاما، معرجا على مشهد منطقة الشرق الأوسط، والصراع العربي الإسرائيلي، وتأكيده على وقوف روسيا إلى جانب مصر لاستعادة أرضها، كما يؤكد على لحظات النصر التي صنعت بجهود مشتركة امتدت لسنوات من العمل.