تصريحات وزير الخارجية المصري والتي جاءت عقب إعلان السعودية عن إرسال قوات برية إلى الأراضي السورية، موضحاً "الحل العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى، والعمل في إطار الأمم المتحدة الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا".
هذه ليست المرة الأولى التي ترفض فيها مصر طلباً سعودياً بإرسال قوات برية إلى مناطق تشتعل فيها أزمات وحروب، المملكة العربية السعودية طرف رئيسي فيها، إذ أكد وزير الخارجية السابق نبيل فهمي أن مصر رفضت طلباً سعودياً لإرسال قوات برية إلى اليمن.
بات هناك اعتقاد راسخ بأن المملكة تحاول السيطرة على المسار السياسي وتوجهات شعوب منطقة الشرق الأوسط، ويتبنى صقور صناعة القرار السعودي، سياسة المواجهة لا المشاركة والحوار وفرض رؤيتهم، من خلال استغلال معاناة شعوب المنطقة من الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، فالتدخل في اليمن لا يزال يلقي بظلاله على مسؤولية المملكة عما يتعرض له أهل اليمن من انتهاكات لا تستثني أحدا، كذلك التمسك بالحل العسكري للأزمة السورية، وهذا ما تعكسه تصريحات وزير الخارجية عادل الجبير عندما تحدث عن تغيير النظام في سوريا عن طريق القوة في حال فشلت الجهود السياسية.
الرؤية المصرية للأوضاع في المنطقة تتجنب الانخراط في تحالفات طائفية وصراعات مذهبية، ولا تشمل إرسال جنودها لخوض حرب يرفضها الرأي العام المصري، ولن يقبل بها مجلسا الدفاع الوطني والأمن القومي، في ظل إدراك الرئيس لطبيعة التعقيدات التي تمر بالمنطقة سياسياً وعسكرياً، وإيمانا بأهمية الحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها ووحدة أراضيها، وأن الشعب السوري وحده من يملك حرية اختيار النظام الحاكم للدولة، ولن تدعم أي حل عسكري للأزمة مهما بلغت التحديات.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد، خلال كلمته أمام مجلس النواب المصري، أن مصر تواجه تحديات تثير القلق، وتحيط بالمنطقة أوضاع أمنية واقتصادية وسياسية واجتماعية صعبة للغاية، الأمر الذي قد يجعل من شأن أي حرب إقليمية جديدة في المنطقة زيادة المخاطر الأمنية، مشدداً على موقف مصر الثابت الداعي إلى الحل السلمي للنزاع، والحفاظ على سلامة الأراضي السورية، والتحذير من انهيار مؤسسات الدولة.
توافق الرؤى بين القاهرة وموسكو تجاه قضايا المنطقة والعالم، خاصة الأزمة السورية، يقوم على أسس استراتيجية ثابتة تتعلق بضرورة الحفاظ على الأمن القومي للبلدين، ويحقق المصالح المشتركة، والمواجهة الشاملة للإرهاب والتطرف، ويترك للشعب السوري حرية اختيار مصيره ومستقبله، وأن الحل العسكري غير مفيد لكافة الأطراف، ولن يجلب معه سوى مزيد من التوترات والاضطرابات للمنطقة، بينما الانخراط في العمل السياسي وحده الذي يحقق مطالب الشعب السوري في دولة مستقرة وآمنة.
لن يفيد الرهان على المساعدات المالية، وضخ المليارات في مشاريع استثمارية لتغيير التوجهات السياسية تجاه المنطقة، فمن غير المتصور تجاهل حركة التاريخ والدور الريادي لدول كبرى لا تساوم على مواقفها وتملك رؤيتها وقرارها، في إطار من العلاقات المتوازنة، وسياسة خارجية متزنة، ومفهوم شامل للاستقرار والأمن والتزام بميثاق الأمم المتحدة وبالقانون الدولي المعاصر .
وبناء عليه، فإن المواقف والمبادئ الثابتة للدول صاحبة التاريخ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُشترى.