في البداية، إن وسائل الإعلام والأوساط السياسية التي تتبنى وجهة النظر الغربية من الأزمة السورية ومن الوضع في منطقة الشرق الأوسط، تناولت تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، المتعلقة بتأسيس دولة فيدرالية في سوريا، بصورة بعيدة تماما عن السياق الذي جرت فيه، تلك الصورة التي لا تتوافق مع حقيقة الموقف الروسي المعلن منذ بداية الأزمة، وهذه الأقلام غير مدركة للمبادئ والثوابت الحاكمة للسياسية الخارجية الروسية، التي ترتكز على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحق الشعوب في تقرير المصير.
وتصريحات نائب وزير الخارجية جاءت رداً على سؤال طرح خلال مؤتمر صحفي عام حظيت الأزمة السورية بقدر كبير من الأسئلة المطروحة خلال المؤتمر، بينما كان السؤال الأبرز يتعلق برؤية روسيا لفرص تأسيس دولة فيدرالية في سوريا.
الدبلوماسي الروسي أكد على أن من يملك القرار هو الشعب السوري ممثلا في الأطراف المشاركة في المفاوضات، شريطة أن يكون ذلك من دون إملاءات خارجية موضحاً بالقول "لا أستطيع تقييم فرص إقامة دولة فيدرالية في سوريا لأن العملية التي يجب أن تؤدي إلى تحديد معايير سوريا المستقبلية لم تبدأ بعد. وفي حال تم التوصل إلى اتفاق نتيجة المحادثات والمشاورات حول سوريا المستقبلية بين المشاركين في المفاوضات، وتوافق في وجهات النظر بأن هذه الصيغة ـ الفيدرالية ـ هي الشكل المناسب ويضمن مهام الحفاظ على سوريا دولة مستقلة موحدة مدنية وذات سيادة فمن سوف يعترض؟. في حال اختاروا صيغة أخرى فلا مشكلة بالنسبة لنا، على أن لا تكون تلك الصيغة قد وُضعت تحت إملاءات في مكان ما خارج الحدود، ووٌضعت عبر المفاوضات المباشرة والبحث عن حلول وسط وحل المشاكل الحقيقة الكثيرة التي تواجهها سوريا".
لا شك أن هناك من يحاول التشويش على الجهود المبذولة من جانب القيادة الروسية لوقف نزيف الدم السوري، ودفع الأزمة في اتجاه الحل السياسي من خلال القضاء على العناصر الإرهابية وترك السوريين أنفسهم يحددون مستقبلهم والنظام الحاكم لدولتهم من خلال حل سياسي تتوافق عليه كافة الأطراف السورية، بمعنى آخر أن شكل الدولة السورية في المستقبل هو خيار الشعب السوري.
فكرة التقسيم على أساس طائفي وعرقي هي بالأساس فكرة غربية، وهذا ما تؤكده كافة الوثائق التي كشف عنها مؤخراً بالتزامن مع اندلاع ما يُعرف بـ "ثورات الربيع العربي" وبالعودة إلى ما نشرته صحفية "نيويورك تايمز" الأمريكية، في سبتمبر/ أيلول من العام 2013، يكشف عن خريطة جديدة للعالم العربي بعد تغيير الأنظمة الحاكمة في المنطقة.
والخريطة التي تم نشرها من جانب الصحيفة الأمريكية أظهرت استهداف 5 دول في عملية التقسيم الجديد، وهي السعودية وسوريا وليبيا واليمن والعراق، حيث تنشأ دولة "كردستان" في شمال العراق وشمال سوريا كما تنشأ الدولة العلوية، ودمج المناطق السنية في العراق وسوريا، وفي جنوب العراق تنشأ دولة شيعية، فيما تنشأ دولة جديدة غرب جنوب سوريا تسمى "جبل الدروز"، ويعود اليمن من جدي إلى قسمين، والسعودية فسيتم تقسيمها إلى خمس دويلات هي شمال السعودية، غرب السعودية، جنوب السعودية، شرق السعودية، وفي الوسط العربية السعودية.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)