وأوضح العسبي أن المقصود هنا هو ظهور قوة العملية الانتخابية التي أصبحت مكسبا في المغرب، وهذا من الخيار الديموقراطي، وبالتالي فإن المنطق الذي أصبح يحكم تشكيل الحكومة هو منطق التوازنات بين ما تمثله الأحزاب من قوة داخل المجتمع.
وأضاف "صحيح أن الحزب الذي احتل المركز الأول هو حزب العدالة والتنمية الذي كان يقود الحكومة السابقة، لكن نتائج الانتخابات لم تعطه الأغلبية المطلقة، وبالتالي هو في حاجة إلى أن يتحالف مع قوى سياسية أخرى ومع أحزاب سياسية أخرى فرزتها نتائج الانتخابات، في يوم الجمعة 9 أكتوبر/تشرين الأول 2016".
وقال "أعتقد أن أهم شيء يمكن أن يسجل في هذا الخضم هو مبادرة الملك محمد السادس في سرعة تكليف رئيس الحزب الذي احتل المركز الأول في نتائج الانتخابات السيد عبد الإله بنكيران،
حيث تم تكليفه في 10 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا احترام كبير للدستور وتعزيز لأهمية العملية الديموقراطية في المغرب، مشيرا إلى أن ما حصل هو أن رئيس الحكومة المكلف حاول استخدام سيناريوهات متعددة، حيث كان هناك في البداية نقاش ضمن الكتلة التاريخية أي أحزاب الكتلة الديموقراطية التي هي وريث الحركة الوطنية التي قاومت الاستعمار ومنها حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الإشتراكي للقوى الشعبية وحزب التقدم والإشتراكية وحزب العدالة والتنمية.
وأضاف "هذا الفريق كان عنده الأغلبية ليشكل الحكومة، لكن ربما وقع خلاف لم يظهر للعلن، ويتمحور حول البرنامج الحكومي وحول توزيع الحقائب الوزارية وحول المكانة السياسية لكل حزب ضمن هذا التشكيل الحكومي، وما تسرب فيما بعد هو أن الحزب الإشتراكي الذي نال المرتبة الثالثة ضمن هذا الرباعي ربما قد طالب أن يُمنح رئاسة البرلمان ضمن هذا التكتل للأغلبية الجديدة،
ربما هذا الوضع قد خلق نقاشا وجدلا ما جعل رئيس الحكومة ينفتح على تيارات سياسية أخرى، منها حزب التجمع الوطني للأحرار، ومحاورة زعيمه عزيز أخنوش لعدة أسابيع دون الوصول إلى أي نتيجة تذكر، لإنه وضع شرطا للمشاركة في الحكومة يتمثل في إبعاد حزب الاستقلال عن الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن مفاوضات تشكيل الحكومة المغربية دخلت مأزقا كبيرا بعد حرب التصريحات الأخيرة بين بنكيران وأخنوش.
فقد طلب بنكيران من أخنوش الرد عليه بشأن مشاركة حزبه في الحكومة بعد قرار اتخذه بنكيران بحصر المشاورات في أحزاب الأغلبية السابقة، لكن أخنوش فضل الرد ببيان مشترك مع أحزاب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي يدعو إلى فتح باب التشاور أمام كافة الأحزاب من أجل بناء تحالف قوي ومتماسك قائم على معايير الكفاءة والقدرة على تنفيذ البرامج الحكومية.