أكد مصدر مغربي رفيع المستوى، أن الملك محمد السادس يستعد لزيارة مصر الفترة المقبلة في زيارة رسمية، لعقد لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوقيع عدة اتفاقيات تجارية في ظل اجتماع المنتدى الاقتصادي المغربي المصري.
كما ذكرت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية، أن الملك محمد السادس سيزور جمهورية مصر العربية الفترة المقبلة، وذلك في إطار أول زيارة رسمية للملك محمد السادس منذ الثورة المصرية لأكبر بلد عربي إفريقي.
وأكد المصدر أن الزيارة تتعلق أيضا بالملف الليبي، بعد زيارة رئيس البرلمان عقيلة صالح للمغرب، ومقابلة الملك محمد السادس، بعد انتصار كبير لوجهة النظر المصرية، وغياب تام لنتائج اتفاق الصخيرات، أو لمحاولات الجزائر التفاوض مع مفتي الجماعات المسلحة في ليبيا علي الصلابي.
وكانت عدة وسائل إعلامية مغربية قد خلقت أزمات كثيرة، خلال الفترة الماضية بين البلدين، بسبب تمويلها من تنظيمات تابعة لجماعة "الإخوان المسلمين"، وتسببت في غضب مصري كبير، وخاصة بعد دعمها بتصريحات مستفزة للدولة المصرية من رئيس حكومة العدالة والتنمية الإخوانية.
وطالت الاتهامات الحكومة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي بعد استضافة شرم الشيخ لاجتماع البرلمان الإفريقي والذي يضم في عضويته جمهورية الصحراء المتنازع عليها بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، واضطرت القاهرة لنشر تصريحات أوضحت فيها ألا سلطة لها على عضوية البرلمان الإفريقي، وأنها فقط البلد المضيف للاجتماع.
وكانت المغرب قد استعدت مصر، وفاجأتها ليلة رأس السنة الميلادية لعام 2015، ببثها تقريرين تلفزيونيين، على القناتين الرسميتين الأولى والثانية، يتهم ثورة 30 يونيو/ حزيران بالانقلاب العسكري، ويقدم وجهة نظر "جماعة الإخوان" الإرهابية في ما تم بعد الثورة، بخلاف اتهامات متعددة للدولة المصرية بالتعامل مع جبهة البوليساريو، ثبت بطلانها فيما بعد، في حوارات صحفية نشرتها الصحف المصرية مع محمد سعد العلمي السفير المغربي السابق بالقاهرة، وهو ما جعل الأمور تشتعل في أوساط الإعلام المصري، قابله سكوت تام من الدولة، التي لم تعلق على الأمر.
وعاد المغرب بعدها إلى تلطيف الأجواء مع القاهرة، ما جعل مصر تعلن التزامها بالوحدة الترابية للمغرب، فيما أكدت المملكة موقفها المساند لخارطة الطريق بمصر التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي إثر عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهي المواقف التي أعقبتها دعوة من الملك محمد السادس للرئيس السيسي لزيارة المغرب.
ولكن الأمور لم تعد لطبيعتها خاصة بعد استضافة المغرب لاتفاق الصخيرات، الذي شكل حكومة الوفاق في ليبيا، في غياب مصر، الجار الأكبر والأهم، ولم تعلق مصر أيضا، ولكنها وقفت وراء الجيش الليبي بكل قوتها، حتى فرض سيطرته، ودحر الإرهابيين في شرق ليبيا، واقترب من التحرك لمعركة تحرير العاصمة طرابلس، وانتهت حكومة الوفاق للرضوخ أمام كل أوامر الجيش والبرلمان الليبي لكي تحصل على اعترافهما، وهو انتصار كبير للدبلوماسية المصرية على الجانبين المغربي والجزائري على السواء.
المغرب حاول القيام بدور إفريقي بدون القاهرة، مستغلاً حجة أن أول زيارة قام بها السيسي بعد توليه كانت للجزائر، رغم أن القاهرة تعلن طوال الوقت أنها خارج أي حسابات الخلافات بين الدولتين الجارتين، وأنها مستقرة بموقف المحايد دائماً، رغم المحاولات العديدة منهما لزجها في الخلاف المستمر بينهما حول قضية الصحراء.
زيارة الملك محمد السادس للقاهرة في ظاهرها المصالحة، وباطنها الشكر للموقف المصري الداعم لعودة المملكة للاتحاد الإفريقي، منذ نوفمبر 2016، والجهود التي بذلتها مصر في اجتماعات الاتحاد الإفريقي حتى يعود المغرب ذو عضوية كاملة غير منقوصة.
المغرب بعد نفض حلة بن كيران، رئيس الوزراء السابق المقرب من قطر، سيعمل بشكل مغاير مع الدولة المصرية، وسيدعم توافق في الرؤى، وخاصة الأمنية، في ظل تخوف واضح على كل شمال افريقيا، بعد ظهور "داعش" في تونس والجزائر والمغرب، وبعد تحذيرات أمريكية من تحول منطقة الكركرات داخل الصحراء المتنازع عليها، إلى أكبر مقر لتهريب السلاح في إفريقيا.
العودة المغربية لحضن الشقيقة مصر ليست سوى بداية لتفعيل الكثير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي، التي بدأت باتفاقية أغادير، الموقعة 25 فبراير 2004، وتوقفت عن تطوير محتواها وتفعيل باقي بنودها بسبب ما حدث من ثورات في الوطن العربي.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)
اشترك في حسابنا على تويتر لمتابعة أهم الأحداث العالمية والإقليمية.