فبين مؤيد للفكرة باعتبارها خطاً سياسياً جديداً سوف تسير عليه ليبيا خلال الفترة المقبلة، وبين رافض لعودة أسرة الرئيس السابق إلى المشهد السياسي من جديد، نجد مئات الخطوط الحمراء، التي يتصدرها الخط البرلماني، والحكومات المختلفة، التي ستسارع بطبيعة الحال إلى وقف أي سيناريو مخالف للنهج الذي تسير عليه ليبيا الآن.
وللحديث عن الإفراج عن المهندس سيف الإسلام، وتأثير هذه الخطوة على المشهد السياسي في ليبيا، حاورت "سبوتنيك"، السيد الطيب الصافي، نائب رئيس الوزراء الليبي الأسبق، وأحد أعمدة الدولة الليبية قبل الربيع العربي.
سبوتنيك: بداية.. كيف تم الإفراج عن نجل الرئيس القذافي.. وأين هو الأن؟
الصافي: أولا الحمد لله، فسيف الإسلام معمر القذافي تم الإفراج عنه وفقاً للقانون، وبالتأكيد أنتم تابعتم المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه وكيل وزارة العدل الليبية لكافة وسائل الإعلام، حول تطبيق قانون العفو الصادر عن مجلس النواب، السلطة الشرعية في ليبيا، والإفراج عن سيف الإسلام وفقاً لهذا القانون، وهو الأن يعيش بين أبناء وطنه بكل عزة وكرامة.
والحمد لله سيف الإسلام موجود في ليبيا كمواطن ليبي بين أبناء وطنه وأبناء عمومته، ويحظى بحماية واحترام وتقدير أبناء وطنه، فهو منذ خروجه يعتبره الناس نقطة انطلاق نحو المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي والأمن والأمان، لأن الشعب الليبي أصبح بعد كل الأحداث الماضية في حالة إعياء كاملة.
سبوتنيك: هل يمكن القول إن الإفراج عن سيف الإسلام القذافي يمثل تحولاً في الخط السياسي للدولة الليبية الحالية أم هو مجرد إجراء قانوني؟
الصافي: الأن الشعب الليبي انتبه للمؤامرة والنكبة، وأصبح يجمع في قواه الوطنية، وحدد هدفه وعدوه الرئيسي، وهم الدواعش والظلاميين، والأن هناك اصطفافاً وطنياً لإعادة الوطن لما كان عليه، والعالم كله الأن يصطف لمواجهة داعش، وهو الأمر الذي يمس الشعب الليبي بشكل مباشر، عبر كل محاولات إسقاط الدولة المدنية، والقضاء على الجيش، للسيطرة على البلد والعودة بنا إلى العصور الحجرية.
سبوتنيك: أثيرت في وسائل الإعلام العربية خلال اليومين الماضيين مسألة عودة أنصار الرئيس السابق لتصدر المشهد السياسي في وقت قريب.. كيف ترى هذه المخاوف من وجهة نظرك؟
الصافي: لا توجد مخاوف في الأساس، فليبيا بلد ناشيء، على الرغم من تجذيرها تاريخياً لكن عمرها لا يزيد عن 60 سنة، 18 سنة في عهد المملكة الليبية المتحدة، و42 سنة في عهد ثورة الفاتح، خلال هذه الفترة كونت تراكم خبرات ومعرفة، والحقيقة الأن لا غنى عن الخبرات الليبية.
فالشعب الأن يعتمد على النفط، وهذا القطاع يعاني من كثير من المشكلات، فما المانع الأن أن يتولى قطاع النفط رجل له خبرة، مثل مدير عام الأوبك السابق عبدالله البدري ابن ليبيا هذا القطاع، هل نقول له: لا والله يا عبدالله انت تنتمي إلى النظام القديم فلا يمكن أن تتولى هذا المنصب؟
والشعب الأن يعاني ولا يجد أموال، والناس يتراصون أمام المصارف، والسياسة النقدية لدى البنك المركزي غير واضحة، فهل عندما يأتي شخص مثل عبدالحفيظ الزليطني، وهو عالم اقتصاد ليبي دولي، ليتولى إدارة البنك المركزي نقول إنها عودة للنظام السابق؟
يجب أن نستغل كل خبراتنا، لبناء قواتنا المسلحة بشكل كامل وقوي، ولبناء قوى الأمن لإعادة الأمن والقضاء على الجريمة، وكذلك إعادة المثقفين والمفكرين والاقتصاديين، يجب أن نعاون الشباب والمثقفين للنهضة من جديد ببلادنا، فالجميع أبناء ليبيا، وهؤلاء كانوا يعملون لبناء ليبيا بطريقة سليمة وصحيحة.
سبوتنيك: كنت سيادتكم قد طرحت مبادرة مؤخراً للمصالحة بين أبناء الشعب الليبي ونبذ العنف والفساد وغيرها من الظواهر التي ترهق ليبيا حاليا.. ما هي الاستجابة على هذه المبادرة؟
الصافي: النتائج نراها الأن على الأرض، فالكلام الذي قلناه عن الظلاميين والدواعش والفتنة والمؤامرة، ومحاولة جر الليبي لمواجهة أخيه الليبي وتدمير ليبيا، الأن فهم الناس المؤامرة وأين المشكلة، والأن يعود الجنود لجيشهم، ويحققون انتصارات، فالجنوب خال من الدواعش، ومنطقة الهلال النفطي عادت.
وبإذن الله ستتوالى الانتصارات لتشمل بنغازي، الأن الدواعش يسيطرون على أهم مناطق في بنغازي، ويعطلون مصارفها وأسواقها ومحلاتها، فهؤلاء هم سرطان الحياة، والأن الناس انتبهت والقبائل تبذل جهود كبيرة لاستعادة ليبيا، وفي طرابلس أيضاً هناك حكماء طرابلس الذين أوجه لهم التحية، الذي يعملون على خلق مصالحة حقيقية داخل لبيبا.
والأهم الأن أن هناك مبادرات في مصراتة وطرابلس وبنغازي لإطلاق سراح السجناء، الذين لا ذنب لهم في كثير من الأمور، هل تتخيل أن هناك نساء في السجون الأن، مثل فوزية شليبي، الإعلامية القديرة والمثقفة، والتي لا ذنب لها إلا أنها كانت تعمل في التليفزيون أو الوكالة الرسمية، فليبيا الأن تتغير وتتجه إلى المصالحة الحقيقية، لتعم لغة السلام والمحبة والمصالحة في ليبيا كلها.
سبوتنيك: هل نتوقع في وقت قريب أن يتغير المشهد العام في ليبيا، بعد تعيين مبعوث أممي جديد؟
الصافي: نحن نقدر جهود الأمم المتحدة وحرصها، ولكن الأهم هو صحوة الشعب الليبي وإدراكه للوضع السياسي، وإدراك العالم كله الذي يتجمع ضد الإرهاب والدواعش، ونحن نثمن الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية، ولكن مفتاح الحل ليبي، فالجميع عليهم الالتقاء من أجل الوطن وليس ضد الوطن.
ونحن نرحب بأي جهود داخلية أو عربية أو دولية لحل الأزمة ومد يد العون في الحل لليبيين، ونقدر هذه الجهود.
أجرى الحوار: أحمد بدر